السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: جزاكم الله خيرا على مجهودكم الكبير.
أنا شاب في الثلاثينات، أعاني من آلام وأعراض مختلفة في الجسم من حوالي 8 سنوات.
حدثت لي أثناء طفولتي المتأخرة وشبابي مواقف شجار وخصومة مما أدى إلى كثرة التفكير في الانتقام وكثرة التفكير العام والقلق والخوف المستمر لعدة سنوات وبعدها بدأت تظهر عندي أعراض وآلام.
كنت كثير التوتر في شبابي وما زلت ولكن أقل ... وهذه هي الأعراض:
آلام في العيون إذا خرجت في الشمس بدون نظارة شمسية، الألم يكون أسفل الجبهة فوق العيون، احمرار بسيط شبه مستمر في العيون، عملت فحوصات في كل مرة النتائج لم تبين شيئا، لكن في السنوات الأخيرة تحسنت كثيرا في هذا الجانب ولا يمثل لي مشكلة حيث أستعمل النظارات الشمسية عندما أخرج في الشمس.
غازات في المعدة مستمرة يوميا تخرج عن طريق الفم، تزداد عند كثرة التفكير والقلق.
آلام في العنق وأعلى الصدر، يتسبب في ذلك إذا لبست ثوبا مغلقا وضيقا على العنق، أول ما بدأ كان حوالي قبل 7 سنوات عندما اشتريت ثوبا جديدا مغلقا غير مفتوح ( T-shirt ) عادي وعملت فحوصات وتبين أن هناك نوعين من البكتيريا، ووصف لي الطبيب مضادا حيويا لمدة أسبوع وتحسنت، منذ ذلك الوقت وأنا ألبس ثيابا مفتوحة تجنبا لحدوث الالتهاب أو الألم، ومع ذلك الألم يتكرر من حين لآخر لكن أخف ربما بسبب كثرة التفكير، وعادة يذهب بعد النوم -طبيعة الألم سيئة-.
أحيانا آلام بسيطة في الجانب الأيسر من الصدر وتمتد تحت الإبط وذلك عند كثرة الغازات والتفكير، عملت فحصا للقلب أكثر من مرة وكل شيء سليم.
كنت أعاني آلاما في الأذن يشبه الضغط ويزيد عند الأصوات العالية أو استعمال السماعات، وتحسنت أيضا في هذا الجانب، عند حدوث هذه الحالة أتناول And minerals Multivitamins وأتحسن خلال أيام، فحصت عند الطبيب ولكن لا يوجد ضغط ... فقط احتقان بسيط.
حوالي قبل 6 سنوات أخذت عن طريق طبيب نفسي أدوية Affexor لمدة ستة أشهر، وتحسنت معنوياتي وخفت جميع الأعراض كثيرا، أيضا مما ساعدني كثيرا محاولتي تغيير تفكيري من سلبي إلى إيجابي ومحاولة عدم التفكير الزائد، ولكن الأعراض ما زالت موجودة بشكل أخف، ولكنني أعاني كثيرا وأخاف وأقلق على صحتي باستمرار.
أرجو من الله التوفيق لكم أن تصفو لي دواء فعالا وآمنا، ومن جانبي أحاول تصحيح تفكيري والابتعاد عن القلق والتوتر وكثرة التفكير والاكتئاب، حتى أعافى تماما وأكون أكثر قدرة لخدمة الأسرة والإسلام والمجتمع.
الحمد لله، لا أعاني من شيء آخر غير ما ذكرت إلا أني خجول نوعا ما أمام المواقف الاجتماعية.
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي! هذه الأعراض التي وردت في رسالتك، من الواضح أنها ذات منشأ نفسي، ويوجد بعض الأشخاص الذين لديهم القابلية لما يعرف بالحالات النفسوجسدية، ويكون القلق هو المكون الرئيسي للجانب النفسي، والقلق قد لا يظهر في شكل قلق وتوتر شديد، ولكن ربما يظهر في شكل عدم ارتياح وملل، ونوع من الوساوس البسيطة، وتظهر معه هذه الأعراض الجسدية المختلفة، وهنالك من الأطباء النفسيين من يفرد وضعا خاصا لهذه الحالات، ويسميها الحالات السايكوسوماتية، وهي نفس مفهوم أن المنشأ للأعراض نفسي ولكن يظهر في شكل جسدي، ويعرف أيها الأخ الفاضل أن التوترات والقلق النفسي خاصة البسيط منه والمقنع أي الداخلي يؤدي إلى توتر في بعض أعضاء الجسم وفي بعض العضلات، وتعتبر عضلات البطن عضلات القولون والمعدة والصدر وأسفل الظهر والرقبة وفروة الرأس هي أكثر العضلات عرضة لهذه الانقباضات، وأتصور أن ذلك ينطبق في حالتك.
أخي الفاضل! بالطبع حين يفهم الإنسان سبب المشكلة هذه يجب أن يكون في حد ذاته جزءا من الحل، فأرجو أن تعرف أخي أن حالتك ليست خطيرة، وأنها إن شاء الله بسيطة جدا.
أنا دائما في مثل هذه الحالات أنصح الإخوة والأخوات الفاضلات عدم التردد على الأطباء بكثرة، هذا يعتبر أمرا ضروريا جدا؛ لأن التردد على الأطباء يزيد من المراء المرضي، يزيد من الهواجس، يزيد من التوتر، إلا أنه لا مانع بالطبع من أن يذهب الإنسان إلى طبيب الأسرة مرة كل ستة أشهر كي يقوم بإجراء الفحص العام الذي يقوم به الأطباء في مثل هذه الحالات، وهذا في رأيي يكفي تماما.
الشيء الثاني والذي يعتبر ضروريا جدا في مثل حالتك هو ممارسة الرياضة، صدقني أن الرياضة تعتبر علاجا فاعلا لمثل هذا النوع من الأعراض، أي نوع من الرياضة، بشرط أن يكون هنالك التزام يومي أو شبه يومي بها، وبالطبع في أوروبا توجد إن شاء الله الفرصة للمشي وللجري وممارسة جميع صنوف الرياضة، فعليك يا أخي أن تحرص في ذلك، فهي إن شاء الله تؤدي إلى الاسترخاء العضلي، تؤدي إلى امتصاص القلق والتوتر، تؤدي إلى تحسين المزاج، وهي تعمل من خلال تنشيط الإفرازات البايولوجية التي تؤدي إلى تحسين المزاج، فإذن أخي يوجد أساس علمي قوي جدا في أن الرياضة تقوي النفوس كما تقوي الأجسام، فعليك الحرص في ذلك.
أيها الأخ الفاضل! هنالك دراسات كثيرة تشير أن الأدوية المضادة لعلاج القلق، وكذلك الأدوية المضادة لعلاج الاكتئاب تفيد كثيرا في حالتك.
كل الأدوية من فصيلة ما يعرف بالـ ( Ssris ) مثل البروزاك، الزيروكسات، السبراليكس، الفافرين، كلها تفيد في مثل هذه الحالات، وكما تفضلت هنالك دراسات خاصة تشير أن الإيفكسر أيضا فعال في علاج الآلام الجسدية المصاحبة للقلق والتوتر، والآن يوجد دواء يعتبر من الأدوية الجديدة نسبيا يعرف باسم دولكستين ( Duloxetine ) وهو مضاد للاكتئاب في الأصل ولكنه وجد أنه يفيد كثيرا في مثل هذه الحالات، فهو يا أخي إذن من الأدوية التي يمكن أن تلجأ إليها وجرعته هي 30 مليجراما يوميا بعد الأكل، وهذا ضروري جدا لأن هذا الدواء ربما يسبب نوعا من الغثيان البسيط في بداية العلاج، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى 60 مليجراما.
وفي رأيي تستمر عليه لمدة سبعة أو ثمانية أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى 30 مليجراما لمدة شهر ثم توقف عن تناوله، وكما ذكرت لك الأدوية الأخرى كلها تعتبر بديلة للديلوكستين إذا لم تتحصل عليه.
وهنالك من يرى أن الأدوية البسيطة لعلاج القلق مثل موتيفال بمعدل حبتين في اليوم حبة صباحا ومساء أيضا يفيد كثيرا، ولكن الموتيفال غير متوفر في أوروبا، وهنالك مضاد آخر للقلق يعرف باسم فلونكسول، هو أيضا ممتاز وفعال جدا وجرعته هي حبة واحدة نصف مليجرام صباحا ومساء لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن يتناوله الإنسان عند اللزوم.
عموما عليك يا أخي أن تطمئن، عليك أن لا تتردد كثيرا على الأطباء، عليك أن تمارس الرياضة، ولا شك أن إحسانك في إدارة الوقت وأن تكون فعالا -إن شاء الله- سوف تصرف انتباهك كثيرا عن هذه الحالات وهذه الآلام، وعليك يا أخي أن لا تنس نفسك من الدعاء أن يرفع الله عنك هذا الابتلاء.
أخي بالنسبة للخجل، الخجل في المواقف الاجتماعي دائما يواجه عن طريق تحقيره، عن طريق الإصرار على أن الإنسان ليس أقل من الآخرين، وأن تكون هنالك المهارات الاجتماعية المطلوبة، مثل أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تتحدث إليهم، ولابد أن يكون هنالك تطابق بين اللغة الكلامية واللغة الحركية، بمعنى أن تعبيرات الوجه واليدين يجب أن تكون متطابقة لما يقوله الإنسان.
عليك يا أخي أيضا أن تكون لديك ذخيرة طيبة من المعلومات التي تطرحها للنقاش أمام الآخرين.
اجلس يا أخي في الصفوف الأمامية في المسجد الذي تذهب إليه، وإذا كانت هنالك أي وسيلة لأن تنخرط في أي عمل اجتماعي فهذا أيضا سوف يفيدك كثيرا، وبالطبع يا أخي الدواء الذي وصفته لك وهو الديلوكستين أيضا ربما سوف يساعد في اختفاء هذه الحالة، وفي نظري ما ينتابك من خجل في المواقف الاجتماعي هو في الأصل ناتج من القلق وليس رهابا اجتماعيا من النوع الذي نعرفه ونفهمه.
أسأل الله لك الشفاء والتوفيق والسداد.