تراجع في النطق في بعض حالات التخلف الفكري .. نظرة تشخيصية علاجية

0 625

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابني يعاني من الصرع، ويتناول دواء توبماكس 75 ملم صباحا و100 ملم مساء، وقد تراجع النطق والكلام عنده، وأجريت بعض الفحوصات والأشعة (Mri & egg) ومنظارا للحنجرة، وكلها سليمة، كما أنه وفقا للاختبارات مع المختصين لا يعاني من التوحد، وذكروا ربما معدل (IQ) معدل الذكاء دون المتوسط، وأضاف استشاري المخ والأعصاب دواء (Nootropil) مع دواء الصرع المذكور أعلاه، وقد ذهبت إلى عيادة الأمراض النفسية وشرحت الأمر فأوصى بقرص واحد 5ملغم يوميا من الـ(Folic acid) بعد وجبة الغداء.

فهل في حالات التخلف الفكري يحصل تراجع في النطق وعدد الكلمات التي كان يتحدث بها الطفل؟ علما بأن عمره سبع سنوات، وما هي فوائد عقار (Nootropil)؟ وهل يفيد في هذه الحالة؟ وهل يفيد الـ(Folic acid) في حالات التخلف ويفيد في تحسين الكلام وتخفيف آثار أدوية الصرع؟ وما هي المدة التي يمكن أن يستمر في تناوله حتى يعطي النتيجة المطلوبة؟ وهل هناك أدوية أخرى تفيد في حالات التخلف والتأخر في الكلام؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله تعالى لابنك الشفاء، وفي نظري من الواضح أن هذا الابن شفاه الله يعاني من درجة من التخلف المعرفي أو التخلف العقلي، والتخلف العقلي يؤدي إلى ضعف في الإدراك وضعف في اكتساب المعلومات والمقدرات المعرفية، كما أنه يؤدي إلى عدم التوائم الاجتماعي وكذلك النضوج الوجداني، وهذا يتفاوت من إنسان إلى إنسان.

وهناك إجماع شبه عالمي في كل المحافل العلمية المختصة بهذه الحالات، هو أن التأهيل لهؤلاء الأطفال يعتبر هو الأمر الضروري، وهناك بالطبع بعض المراكز التي يمكن أن تساعد هؤلاء الأطفال، لأنهم يعتبرون من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك معلمون ومعالجون لديهم المقدرة في مساعدة هؤلاء الأطفال .

وأرجو أن لا تنزعج كثيرا إن لم تتوفر مثل هذه الإمكانيات لديكم، ولكن الشيء المطلوب هو أن يعلم الطفل أن نبدأ بالأشياء البسيطة جدا في الحياة، ونعلم الطفل كيفية أن يتناول الطعام بصورة صحيحة، وكيفية أن ينظف أسنانه والاستحمام والأمور الشخصية، فهذه يجب أن تكون البدايات، وكذلك كيفية التفاعل مع الألعاب ومع الناس، فهذه تعتبر من الأمور التأهيلية الأساسية، وبالطبع هذا الطفل يتطلب التكرار والتكرار والتكرار، وقد وجد أن التحفيز الإيجابي يساعد في التعلم، ونعرف أن المقارنة تنتج التعلم، حتى الحيوانات في السيرك تتعلم عن طريق التحفيز، لذلك فإن مبدأ السلوك التحفيزي يعتبر مطلوبا جدا في حالة هذا الابن، فأرجو أن تحدد الأشياء المحبذة له، والأشياء التي يحبها وأن تحفزه بهذه الأشياء حين يقوم بعمل إيجابي، أي لا توفر له هذه الأشياء إذا لم يقم بعمل إيجابي، ولابد أن يكون هناك تطابق في المنهج التربوي ما بينك ووالدته وكل من في المنزل، أي أن يكون هناك نوع من التحرك الجماعي في معاملته ذات طابع واحد تقوم على التحفيز والتشجيع والتكرار والتعليم المستمر، فهذا هو يعتبر الأمر الأساسي.

وبالنسبة للعلاجات الدوائية فلابد أن أكون صادقا معك جدا، وأقول: لا يوجد دواء يحسن الذكاء، هذا غير موجود، نعم ذكر أن النتروبيل وذكر دواء آخر يعرف باسم إنكفالوبول، وذكر أن فيتامين إي يحسن الذكاء، وذكر أن حمض الفلوليك يساعد، ولكن هذه لم ترق لدرجة الإثبات العلمي القائم على الدليل.

وعموما أدوية مثل النتروبيل لا تضر إذا لم تصلح، ولكن أنا لا أريدك أن تعتقد أن هذه الأدوية هي التي سوف تكون المحرك الأساسي لتأهيل الطفل، وإنما المحرك الأساسي للتأهيل والركيزة الأساسية للتأهيل هي التعليم والتكرار.

وبالنسبة لوجود حالات يتراجع فيها النطق، فإن هناك حالات من التخلف العقلي ربما يتراجع فيها النطق، وهناك حالات خاصة يعرف أن حجم الرأس لا ينمو مقارنة بالجسم، وهذا بالطبع يمكن تحديده بواسطة طبيب الأطفال، وهناك حالة نادرة جدا تعرف باسم متلازمة رتس (Retts) - وهو الشخص الذي وصف هذه الحالة - في حالة متلازمة رتس تختفي اللغة بعد أن يكون الطفل قد اكتسبها، وهي حالة نادرة جدا وتكثر في البنات، ولا أعتقد أن هذا الابن يعاني منها، ولكن حاولت أن أذكر لك هذا من قبيل الاطلاع على المعلومات العلمية الصحيحة.

وعموما سوف تكون وسيلة العلاج مع هذا الابن هي التكرار والنطق وتحديد الكلمات التي يمكن أن يكتسبها خلال الأسبوع وهكذا، وإتاحة الفرصة له بأن يختلط مع بقية الأطفال.

وأنا أعرف تماما أنه ربما يكون هناك بعض النفور من الأطفال الآخرين حياله، أو ربما أنتم تصل بكم الشفقة والرأفة للدرجة التي لا تستطيعون أن تطمئنوا عليه مع الأطفال الآخرين، هذا كله وارد، ولكن حاولوا أن تأخذوا الأمر بشيء من الوسطية، وتوفروا له التمازج بقدر المستطاع.

وبالنسبة لسؤالك عن فوائد عقار النتروبيل، فعقار النتروبيل توجد به مادة نشطة تعرف باسم (Bricetam)، وهو يحرك من مستوى الأوكسجين في المخ، كما أنه يزيد من حساسية الخلايا لتقبل التغذية المطلوبة، وهذا الدواء ذكر أنه يفيد في التخلف العقلي، وذكر أنه يفيد أيضا في علاج الخرف المبكر، وأنا -حقيقة دون أن أزكي نفسي- قطعا لدي تجارب كبيرة مع هذا الدواء، ولكن لا أراه بالنفع الذي ربما يعتقده بعض الناس، ولكن أؤكد لك أنه دواء سليم، ولا بأس من الاستمرار في تناوله.

وبالنسبة لسؤالك عن فوائد الفوليك أسيد، فهناك دراسات حول الفوليك أسيد كما ذكرت لك أو حمض الفوليت، وهناك دراسات أيضا حول فيتامين إي، ولكن لا يوجد تأكيد علمي جازم قاطع يقوم على الدليل أن هذه الأشياء تفيد، ويعرف عن حمض الفوليت أنه يعطى للحوامل في بعض الحالات، وذلك لأنه يمنع بعض التشوهات التي قد تحدث للأجنة، خاصة التشوهات الخاصة بالسلسلة الفقرية والنخاع الشوكي، هذا واحد من الحالات التي يعطى فيها كنوع من الوقاية، كما أنه يعطى مع بعض أدوية الصرع؛ لأن أدوية الصرع خاصة العقار الذي يعرف باسم (Epanutin) هذا العقار من الأدوية الفعالة جدا في علاج الصرع، وهو من الأدوية القديمة، ولكنه لا زال يستعمل، يعرف أن هذا الدواء يستهلك كمية حمض الفوليت الموجودة بالجسم، لذا لابد أن نعطي الفوليك أسيد كمادة تعويضية، ولكن هذا لا يحدث في حالة عقار التوبامكس الذي يتناوله هذا الابن حفظه الله.

وعموما أرى أن يستمر لمدة ستة أشهر على حمض الفوليت، ولكن لا أعتقد أنه ذو جدوى شديدة، كما أنه يوجد الآن وسائل سهلة جدا لقياس حمض الفوليت في الدم، فإذا اتضح أن هناك نقصا فيكون العلاج التعويضي علاجا لازما ومطلوبا.

وبالنسبة للسؤال عن وجود أدوية حقيقة تفيد في حالات التخلف العقلي، فكل الذي يعالج هو اضطرابات السلوك إذا كان الطفل كثير الحركة أو كثير الهيجان، فهنا يعطى بعض الأدوية المهيجة، وهذا لا ينطبق على ابننا هذا حفظه الله.

وبالنسبة للصرع هو الحمد لله يتناول الأدوية الصحيحة والأدوية الجيدة، وأرجو أن تحافظ عليها؛ لأن ذلك يعتبر أمرا ضروريا.

نسأل الله له الحفظ وأرجو أن تصبر عليه، وأنت مأجور بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات