السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
فإني قد هاجرت إلى أسبانيا من أجل العمل والدراسة، ولكني بعد مرور سنة وثلاثة أشهر لم أجد عملا، والناس يقولون لي: اصبر، وإني والله صابر ولم أعص الله سبحانه وتعالى، ولم أغير لباسي وكلامي كما فعل الناس، ولكن الحياة قاسية هناك، ولا يمكن العيش بدون عمل، وقد عقدت آمالا كبيرة على السفر، وينتابني شعور أن رزقي في غير هذه البلاد، وإني حائر لأني إذا عدت فأمامي خدمة الجيش وهي طويلة، والعمر يمضي وحتى الآن لا أملك شيئا، كيف أتزوج؟ كيف أرجع؟... والله إني على حافة الانهيار ولم يبق معي مال، ماذا أفعل؟
أرشدوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الله سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء سبحانه، وهو الذي تكفل بالأرزاق وأمرنا بفعل الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله يفرج همك وأن يغفر ذنبنا وذنبك.
لا يخفي على أمثالك أن الكون ملك لله وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده، ولكل أجل كتاب وسوف يأتيك ما قدره لك الكريم الوهاب، فلا يخرجنك تأخر الرزق على اليأس والخروج عن الصواب، واعلم أن الرضى بقضاء الله يفتح للخيرات الأبواب كما أن الاستغفار يجلب الأموال.
وينزل الأمطار ويرزق البنين وقد قال ربنا في قرآنه المبين: (( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ))[نوح:10-12].
وأرجو أن تواصل البحث عن العمل واتق الله عز وجل والتزم بما يلي:-
1- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
2- تقوى الله عز وجل فإنه سبحانه وعد أهلها تيسيرالأمور فقال تعالى: (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ))[الطلاق:4] ووعدهم بالرزق (( ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:3].
3- مواصلة السعي والبحث، فإن الله سبحانه جعل لكل شيء سببا.
4- الاهتمام بأمر الوالدين وصلة الرحم، فإنها سبب للرزق والخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه ).
5- عدم التقيد بوظيفة معينة كما يفعل بعض الشباب حين يضع ذهنه على عمل معين فإذا لم تتيسر له رفض الوظائف كلها.
6- طلب مساعدة أهل الصلاح والانطلاق في بيوت الله، وعليك بالرفقة الصالحة فإنهم سند وعون بعد توفيق الله.
7- الرضى بقضاء الله وقدره والبعد عن التسخط، فإن الأمر اختبار وامتحان.
ولا تهتم يأمر الرزق فإنك لم تكلف بذلك، واعلم أن الرزق يطارد صاحبه كما يفعل الأجل ونحن مطالبون بالعبادة التي خلقنا لأجلها قال تعالى: (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ))[الذاريات:56-58]، وقال سبحانه: (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ))[طه:132].
وأمر سبحانه بالسعي فقال: (( فامشوا في مناكبها ))[الملك:15] وأنت قد صبرت كثيرا ولم يبق بحول الله إلا القليل، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن ينزل عليك فضله الجزيل، وأن يعطيك رزقا ينسيك ما حصل لك من الانتظار، فأكثر من الاستغفار وصل وسلم على رسولنا المختار وأحسن إلى الصديق والجار، وساعد الفقراء والأيتام ليكون في حاجتك من لا يغفل ولا ينام.
وبالله التوفيق والسداد.