الحساسية الزائدة وتأسيس المشاعر السلبية

0 390

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي قد أزعجتني ولم أعرف لها حلا، فهل بإمكانكم مساعدتي؟

دائما أشعر بمشاعر سلبية تجاه شخص معين أو مكان أو حتى رائحة، أحيانا أذكر سبب المشاعر وأحيانا كثيرة لا أتذكر، فمثلا:

حصل لي موقف في الجامعة ذكرني بما حصل لي في الصغر وبأسلوب أبي ( سامحه الله ) في التعامل معنا، لا حاجة لذكر الموقف كله لكنه وباختصار: سوء تفاهم بيني وبين إحدى الموظفات " ذات المركز العالي " يبدو أن مركزها أنساها أنها تتحدث مع إنسان، المهم أنها وصفتني بصفات لا تليق، واتهمتني بالتطاول عليها.

ليست هذه مشكلتي -وإن كنت قد عانيت طويلا حتى تخلصت من الآثار السطحية لها- لكن ما بقي هو الأعظم، لا أعلم لماذا عندما أمر من عند المبنى الذي تعمل فيه أشعر بضيق شديد وخوف ورغبة في البكاء، وأتجنب قدر الإمكان المرور من عند المبنى! وإن مررت أتضايق طول اليوم، هذا فقط عند مروري ناهيك عن التعامل المباشر معها إن اضطررت لذلك، ودائما ما أضطر لذلك.

ما السبب؟ هل يعقل أن يكون كلامها الجارح (الذي اقتنعت به) أم يكون السبب في أنا، فربما تعاملها معي ذكرني بتعامل أبي وبالعقد القديمة؟! أم أنها حساسية زائدة؟!

وهذه ليست المرة الأولى التي أنفر من مكان بشدة، فدائرة الحظر تتسع مع الزمن، فقد كنت منذ فترة لا أشعر بالراحة إلا في غرفتي أما الآن فلا أشعر بالراحة إلا على سريري بعد أن أغلقته من ثلاث جهات، أبتغي السلامة، أخرج من مخبئي كثيرا لكني أتضايق إلى أن أرجع إليه..

فكيف أستطيع التحكم يمشاعري السلبية؟ وما هو سببها؟ أعينوني لأعرفه أعانكم الله دنيا وآخرة، فما دفعني لكتابة الاستشارة إلا ثقتي بالله الذي هداني إلى موقعكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

الحساسية الزائدة في شخصيتك هي التي أسست لهذه المشاعر السلبية مما نتج عنه نوع من القوقعة أو الانكباب حول الذات، فأصبح أي أمر خارج عالمك الخاص ونطاقك الداخلي يؤدي إلى شعور بالتهديد مما ينتج عنه القلق.

التنشأه لا شك أنها تلعب دورا مهما في تكوين الشخصية وربما يكون لرواسب الطفولة أثر فيما تعانين منه الآن من حساسية زائدة، ولكن الإنسان يمكن أن يحرر نفسه من هذه القيود ويصبح أكثر إيجابية، وهنالك خطوط وخطوات عامة على الإنسان أن يتأمل فيها ويحاول اتباعها وتطبيقها، وعليه أنصح بالآتي:

1- أن تتذكري دائما أن الإنسان مكرم، وقد وهبه الله تعالى سمات وصفات تميزه عن الآخرين، تذكر هذه النقطة ومحاولة استقلال المقدرات الذاتية يحول التفكير من سلبي إلى إيجابي.

2- إهمال كل ما يجرح مشاعرك خاصة في المواقف الاجتماعية وبالتأكيد هنالك مبالغة في شعورك بالمضايقة حين التعامل أو مجرد التذكر لأي روابط تربطك بالفتاة التي أشرت إليها.

إذا المطلوب هو الإصرار على تجاهل هذه المشاعر، بل ببناء مشاعر مخالفة لذلك، وهذا أيضا يأتي بالإقناع الذاتي.

3- النمطية الزائدة هي دليل على عدم الطمأنينة مع وجود وساوس، وهذه أيضا تقهر؛ بأن تصري على الخروج منها وهذا ليس بالمستحيل.

4- محاولة استكشاف الذات من جديد، بمعنى أن تنظري لمقدراتك وتصرفاتك بمنظار مختلف وتستبدلي كل ما هو سلبي في حياتك بضده، وبالتأكيد التصرف المضاد هنا هو الإيجابية، وهي بالطبع أمر نسبي يختلف من إنسان إلى إنسان.

5- التفاؤل والنظرة إلى الأمور بجماعية أو ما يسمى بالعالمية، أي مهما كانت عيوبي فأنا لست بأسوأ إنسان وهنالك من يشاركني في صفاتي، وفي أمور الدنيا يجب أن ننظر دائما إلى من هم أقل منا، أما في أمر الدين فلننظر إلى من هم أفضل منا.

6- عليك بأن تبدئي تواصلا اجتماعيا أفضل، وتضعي أهدافا في حياتك، وهذه الأهداف مهما كانت بسيطة فهي إنجاز حين يصل الإنسان إليها وسوف تكون فاتحة لإنجازات أكبر.

7- دائما ما نوصي وننصح في مثل حالتك بحسن إدارة الوقت واستغلاله فيما هو مفيد فهذا من أفضل سبل النجاح.

8- التعبير عن الذات في كل ما يرضيك وما لا يرضيك.

9- الإكثار من الاطلاع وتوسيع المدارك.

10- الالتزام التام بفرائض الإسلام ومعاملاته، ولابد للمسلم أن يصل للدرجة التي يكون فيها كل منطلقاته السلوكية مبنية على أسس عقدية.

11- الاستفادة والاستعانة بالصحبة الطيبة، واتخاذ القدوة الحسنة، فهذا من أفضل سبل انتهاج النمط الإيجابي في الحياة.

أخيرا: دائما قولي لنفسك لابد أن أكون إيجابية ولابد أن أهزم السلبية. والحياة في مجملها هي تجارب ولا يوجد فشل بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات