السؤال
أنا زوجة عمري 33 سنة، وزوجي عمره 39 سنة، وهو موظف، وأنا موظفة، وأنا مسوؤلة عن نفسي في ملابسي وجميع احتياجتي؛ لأن مرتبه ضعيف، وأشارك بقدر في مصاريف البيت، وهذا هو الحال بعد تطورات في زواجي.
المشكلة عند زوجي في عدم الإنجاب، وعملنا طفل أنابيب، ولم تنجح، وليس عندنا المقدرة لعمله مرة ثانية؛ فاتجهنا إلى العلاج أنا وهو لمدة 3 أشهر، والحمد لله أنا سليمة، ولكن هو لم يعمل العلاج معه شيئا، فماذا أفعل؟ وأنا أتمنى أن أحصل على أطفال، وهو طيب جدا، وعاقل، ويحبني كثيرا، وأنا كذلك.
هل أرضى بما قسمه الله لي أم أفاتحه في فك الارتباط، وأكسر قلبه أو أتعس نفسي، وأكسر قلبي وأعيش بلا أطفال؟
أنا محتارة جدا، وفي الوقت نفسه أريد أن أعيش مثل أخواتي في المعيشة والذرية!
أصحابي في العمل قدموا لي حلا، وهو أن أكفل يتيمة، وأجعلها مثل بنتي، وتستمر الحياة على ذلك، وآخذ ثواب التربية، والفوز بالجنة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمي تريدني أن أتركه، وأعيش معها مرة ثانية؛ لأنني متعبة بدون أولاد، أما أبي فلا يفضل الطلاق، ويريدني أن أعيش مع زوجي، ولأنه لا يحب أن يتحمل مسئوليتي مرة أخرى! ولكن إذا جاء الرد بقبول الطلاق، فسأضع أبي أمام الأمر الواقع، وأعيش معه مرة ثانية، حتى يرزقني الله بزوج آخر!
أنا حائرة، أرجوكم أفيدوني، أفادكم الله!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ هدى حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله أن يحقق مقاصدنا في طاعته، وأن يتولانا برحمته، وأن يرزقنا الذرية الصالحة، وأن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا!
إن طلب الولد الذرية من مقاصد النكاح، والمال والبنون زينة الحياة الدنيا، والله تبارك وتعالى: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير) [الشورى:50].
المؤمن إذا أتى بالأسباب، فعليه أن يرضى بقضاء الله، ويصبر ويجتهد في الدعاء، وإذا كان هذا الرجل طيبا ومتدينا، وبينكما ود ومحبة، فأرجو أن تصبرا، وتكررا المحاولات في العلاج عندما تتيسر الأمور، وقبل ذلك أرجو أن تكثروا من استغفار الغفور سبحانه، فإن السلف كانوا إذا أرادوا السقيا استغفروا الله، وإذا أرادوا المال استغفروا الله، وإذا رغبوا في الولد استغفروا الله، وهذا الذي فهموه من كلام الله: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) [نوح:10-12].
كما أن الدعاء سلاح عظيم استخدمه نبي الله زكريا، فقال: (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) [آل عمران:38] فجاءت الإجابة من الكريم الوهاب سبحانه.
لا تكلميه في فك الارتباط طالما أنه رجل فيه خير، واعلمي أن كثيرا من الناس رزقهم الله بأولاد بعد مدة طويلة، ولكل أجل كتاب، وسبحان من أمره بين الكاف والنون، والسعيد في الناس من رضي بقضاء الله وقدره، ولا شك أن هذا الرجل سيتأثر جدا، وأنت أيضا قد لا تجدين مثله، والسعادة لا تكون بالأموال ولا بالأولاد ولكن بطاعتنا لله، وحرصنا على طاعته، وأرجو أن تلتفتي إلى ما عندك من نعم، وانظري إلى من هو أسفل منك، ولا تنظري إلا من هو فوقك في أمور الدنيا، حتى لا تحتقري نعم الله عليك، وليس كل من وجد المال سعيدا، ولا كل من عنده أطفال سعيد، بل قد يكون المال والولد هما سبب شقاء الإنسان في الدنيا والآخرة، والعياذ بالله!.
مع احترامنا لما توصل إليه الأطباء من نتائج، إلا أن هذه الأشياء كلها بيد الله –سبحانه، ومن هنا أكرر لا بد من الصبر مع حسن التوجه إلى الله.
يمكن أن تساعدي بعض الأسر الفقيرة في تربية أطفالهم، مع ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية التي تحفظ لأولئك الأطفال أنسابهم، وكذلك مراعاة الآداب الشرعية إذا كبر هذا الطفل؛ فإن كان ولدا، فلا يجوز له الخلوة، وإن كانت بنتا، فعلى الزوج أن يراعي ضوابط الشريعة في التعامل مع الأجنبيات، ويمكن أيضا كفالة أيتام عن طريق المؤسسات الخيرية، وهذا أنفع لك باعتبارك موظفة ومسئولة، وقد تقصري في عملك أو في حق الأيتام، والأمومة هي أصعب الوظائف؛ لأن الأم تعمل وتسهر وتتعب في الليل والنهار، وعلى كل حال، فأبواب الخير واسعة، ووسائل الحصول على الثواب كبيرة، والفرصة أمامكم لا زالت كبيرة، ولا ننصحك بطلب الطلاق، ومفارقة من يحبك وتحبينه، وقد يحرم أحدكما هذه المشاعر إذا حدث الفراق.
أما عودتك إلى منزل أمك، والعيش إلى جوارها، فهذا فيه ضرر كبير، ولا يمكن للأم مهما كانت أن تسد لك مكان زوج كان سببا في عفافك، ولا راحة للمرأة إلا في ظلال رجل، فللرجل خلقت النساء، ولهن خلق الرجال، والأم - بارك الله فيها -تفكر بطريقة عاطفية؛ لأنها تلاحظ أنك متضايقة، ونصيحتي ألا تظهري التضجر أمامها، ولا تكثري الشكوى للناس.
عليك بما قاله لك الوالد من ضرورة الاستمرار مع زوجك، ودائما الرجل يستخدم عقله عند التفكير في أي قضية، ورأيه هنا أصوب، وهنا تتجلى حكمة الشريعة التي جعلت القوامة بيد الرجال، ولا تظني أن السبب في رأي الوالد هو عدم رغبته في تحمل مسئوليتك، وأرجو أن تتأكدي أن الوالد لو بنى لك القصور ووضع الدنيا بين يديك لن يسد مكان الزوج، وزوج المرأة بمنزلة لا يعدلها أحد.
على كل حال فنصحنا لك هو الاستمرار مع زوجك والصبر، ونوصيك بتقوى الله ولا تفكري في اقتراحات مجهولة النتائج، وغير المطلقات لا يجدن أزواجا، ومن يدريك أن الزوج المنتظر سوف يسعدك، وترزقني منه بأولاد.
نسأل الله أن يرزقكم الذرية الصالحة، وأن يكتب لكم التوفيق والسداد!