السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب انخرطت مؤخرا في جمعية تنموية تحسب على الدائرة الملتزمة، ومعظم أعضائها شباب - ذكور وإناث - غير متزوجين، وفي الفترة الأخيرة علمت أن معظم الشباب قد تحدث مع فتاة بهدف الزواج، والبعض قد تحدث مع أسرة الفتاة لكن دون خطبة، والبعض الآخر لا زال يقتصر على الحديث مع الفتاة وحدها في الهاتف وفي مقر الجمعية وعلى الإنترنت، ويتحدثون أحيانا في أمور الزواج كيف تكون، وقد يتعدى ذلك إلى الحديث عن الحب كما سمعت أحدهم.
فهل التزام الشخص يبيح له الحديث مع الفتاة وجها لوجه قبل الزواج؟ وما حكم الخلوة في مقر الجمعية بهدف دراسة مشروع من المشاريع؟ وكيف يمكنني تغيير هذا الوضع؟
علما أن كل الأعضاء يقولون أن الذي يفعلونه يدخل في إطار المباح؛ لأنه يهدف إلى الزواج.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نصيح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن ما يحصل عندكم يحتاج إلى تصحيح، وأولى الناس بالالتزام بآداب الإسلام هم أمثال هؤلاء الشباب الكرام الذين يجندون أنفسهم لخدمة الإسلام، ويعكسون نماذج للشباب العامل لنصرة الدين، وإعادة الحياة الإسلامية في صورتها المشرقة، ومرحبا بك وبالشباب المسلم في كل مكان، ونسأل الله أن يفقهنا وإياكم في الدين، وأن يجعلنا من أهل القرآن.
ولا يخفى على أمثالك أن الأقطاب المختلفة تتجاذب، وأنه لا تكاد امرأة توجد بين الرجال إلا ومالوا إليها، وكذلك الأمر إذا وجد رجل مع النساء، ومن هنا حرصت هذه الشريعة المباركة على أن تباعد بين أنفاس النساء والرجال، وتفرق صفوفهم حتى وهم يسجدون لله ويركعون، فكانت خير صفوف النساء آخرها لبعدها عن الرجال، وجعلت الشريعة أفضل صفوف الرجال أولها لبعدها عن النساء، ووجه الله خطابه لأطهر الناس بعد الأنبياء فقال: ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن))[الأحزاب:53].
ثم وجه الخطاب للنساء، وأمرهن بالقرار في البيوت فقال سبحانه: ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن)) [الأحزاب:33]، ووضع دستورا ونظاما للمرأة إذا أرادت أن تكلم الرجال فقال سبحانه: ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا)) [الأحزاب:32]، وهنا نلاحظ أن القرآن حدد طريقة الكلام، ونوع الكلام ومقدار الكلام، فإذا كانت الكلمة تكفي فلا داعي للمجيء بثانية وثالثة.
وقد حرمت الشريعة الخلوة بالمرأة لأن الشيطان هو الثالث، وأمرت الجميع بغض البصر فقال سبحانه: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم)) [النور:30]، ورغم دخول المؤمنات في هذا الخطاب إلا أن القرآن كرر الخطاب للمرأة المسلمة، فقال سبحانه: ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)) [النور:31].
ولا يستطيع عاقل أن ينكر أثر وجود المرأة بين الرجال وخطورة ذلك على الجميع، وإذا أرادت المرأة أن تعمل فلابد من مراعاة الضوابط التالية:
1- أن تكون بحاجة للعمل لعدم وجود من ينفق عليها.
2- أن تكون الأمة بحاجة إلى خدماتها كالطبيبة والمعلمة.
3- أن يكون العمل مناسبا لأنوثتها.
4- أن لا يترتب على عملها ضياع حق الزوج والأولاد .
5- أن لا تكون في بيئة العمل مخالفات شرعية كالخلوة.
6- أن تكون المرأة مرتدية للحجاب الكامل.
ولا شك أن ما يحصل من توسع في الكلام ووعد بالزواج من الأمور الخطيرة، وأرجو أن يدرك الجميع أن الفتاة لا تخطب نفسها ولا تزوج نفسها، وأن الشاب إذا وجد في نفسه ميلا للفتاة، فإن عليه أن يطرق باب أهلها ويجعل العلاقة شرعية ورسمية ومعلنة، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فسوف يكون الثمن باهظا؛ لأننا إذا خالفنا شيئا من أمر الشريعة أحوجتنا إليه أزمات الحياة ولا ينبئك مثل خبير، وقد جاءتنا استشارات باكية للذين توسعوا في هذه الأمور، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي في الناس من جعله الله عبرة لغيره.
وبالله التوفيق.