السؤال
السلام عليكم.
أمي تدعو علي دائما وتنهرني، فكيف أتعامل معها؟ فهي قاسية معنا جميعا، أما مع الناس في الخارج فهي كثيرة الطيبة.
فهي تدعو علي، نعم تدعو علي، وإذا أغضبها أحد فإنها تثور علينا جميعا حتى الذي لا ذنب له.
أكتب لكم -والله العظيم- وأنا أكاد أختنق من الدموع، وتكاد عيناي تخرجان من محاجرهما.
كيف نتعامل مع تلك القاسية خلصنا الله من شرها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مكلوم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنكم تؤجرون على صبركم على الوالدة، وتفلحون وتنجحون إذا تفاديتم ما يغضبها، ولن يضركم دعاؤها إذا كان فيه ظلم أو بغير سبب، وأرجو أن تقتربوا منها وتحاولوا إرضاءها، واطلبوا دعاءها، ومرحبا بكم في موقعكم بين آباء وإخوان يتمنون لكم كل التوفيق والسداد.
وأرجو أن تعلموا أن الإنسان إذا أدى ما عليه من البر فإن الله يغفر له، وقد فهم العلماء ذلك من قوله تعالى بعد آيات البر: (( ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا ))[الإسراء:25].
فهل أديتم ما عليكم من البر والإحسان؟
ونحن بلا شك لا نؤيد الوالدة في أسلوبها، ولكننا نلتمس لها الأعذار؛ فإنها تريد أن تراكم في أكمل صورة وأحسن حال، ويهمها نجاحكم ويفرحها فلاحكم، وهذا ما يفعله كثير من الآباء والأمهات، ونحن في الحقيقة نتمنى أن يدرك الجميع أن القسوة والإساءة والغضب من الأشياء التي تقتل الإبداع وتجلب الفشل، وأن الطريق إلى نجاح الأبناء إنما يكون بتربيتهم على طاعة الله، ثم بإشعارهم بالحب والاهتمام، ثم بالدعاء لهم وليس بالدعاء عليهم؛ لأن في ذلك مخالفة لشريعة الله التي تنهى عن الدعاء على النفس أو المال أو الولد إلا بالخير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم إلا بخير)؛ لأن ذلك قد يصادف ساعة يعطى فيها عطاء فتحصل الندامة، وقد قال ابن المبارك لرجل شكا من ولده: لعلك دعوت عليه، قال: نعم! فقال: فأنت أفسدته.
ولا أظن أن هناك صعوبة في معرفة الأشياء التي تجلب غضب الوالدة، فأرجو أن تبتعدوا عن كل ما يثيرها ويغضبها، واعلموا أن طاعتها في المعروف واجبة، وأن رضا الله في رضاها، وقد عظمت الشريعة حق الوالدين حتى ولو كانا كافرين، فقال سبحانه: (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما )) ثم قال موجها: (( وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ))[لقمان:15] وقال سبحانه: (( أن اشكر لي ولوالديك .. ))[لقمان:14].
وهذه وصيتي لكم بتقوى الله، وأرجو أن تغيروا أسلوبكم في التعامل مع الوالدة، ونسأل الله أن يرزقكم برها وأن يلهمها رشدها، وأن يعيذ الجميع من شرور النفس ومن الهوى، ومرحبا بكم مجددا.