كيفية التعامل مع طلب المرأة الطلاق بدعوى سوء أخلاق الرجل

0 541

السؤال

أنا لدي أخت متزوجة، تركت زوجها بسبب أنها تقول: إنه سيء الأخلاق بعد مرور أربع سنوات من زواجهما، فهي الآن تريد الطلاق منه، علما بأنها الآن موجودة في بيت أبيها منذ سنتين ونصف، والزوج رافض أن يطلقها، فما الحل؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد اللطيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يصلح الأحوال وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن الله تبارك وتعالى أراد للحياة الزوجية أن تكون مودة ورحمة، وهي لباس وسكن، واللباس زينة ووقاية من الحر والبرد، وهي سكن؛ لأن الإنسان لا يجد الراحة الحقيقية والسعادة بعد طاعة الله إلا في رحاب الحياة الزوجية المستقرة، وحتى تتحقق هذه المعاني العظيمة حرصت الشريعة على أن يكون الدين والأمانة والخوف من الله والأخلاق الفاضلة هي الأسس التي تقوم عليها هذه الحياة الزوجية، وأراد الإسلام أن يضع الأسس القوية، فجعل الرضا والقبول من الطرفين من أهم الأشياء، ولا يكون هذا إلا إذا عرفنا أخلاق كل من الرجل والمرأة، وتمت الرؤية الشرعية عند الخطبة، فذلك أحرى أن يؤدم بينهما، ثم وضعت هذه الشريعة حقوقا وواجبات على كل طرف، وسمت الزواج بالميثاق الغليظ.

وإذا روعيت الضوابط المذكورة أعلاه فقل أن تحدث مشاكل كبيرة في البيت المسلم، وعندما تحدث فإن للإسلام خطوات لا بد من اتباعها ليكون العلاج صحيحا ونافعا، وإذا حدث نشوز من المرأة وتمرد على طاعة الزوج فإن الله يقول: (( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا * وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ))[النساء:34-35]، فإذا لم ينفع الوعظ والهجر والضرب غير المبرح تأتي بعد ذلك مرحلة الحكمين، والقرآن لم يقل: رجلا وإنما قال: حكما؛ ليكون عدلا أمينا عالما، عنده خبرة، ومن الأقرباء ليحرص على الستر، ويراعي المصالح العليا، وينبغي أن يكون مخلصا في قصده، وقدم القرآن إرادة الإصلاح والوفاق، وهي بإذن الله متيسرة إذا وضحت المقاصد وصلحت النيات، ولكني أنصح هذه الفتاة بضرورة الموازنة بين سيئات هذا الرجل وحسناته، فإذا كانت فيه جوانب إيجابية، كمحافظته على صلاته، وطاعته لله، وانتظامه في النفقة، فأرجو أن تجتهد في الصبر عليه؛ لأنها لن تجد رجلا بلا عيوب، والرجل كذلك لن يجد امرأة بلا عيوب، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.

ولست أدري ما هي الطريقة التي تركت بها هذه المرأة بيتها، وهل سبق ذلك محاولات للإصلاح، وهل كان لهذا التمرد أسباب أخرى، مثل تدخل الأقرباء؟ لأن الشريعة لا تقر الظلم، ولا تجبر المرأة على أن تعيش مع رجل يؤذيها، ولكن لا بد أن نعرف أن للرجل حقوقا، منها طاعته في كل شيء، إلا إذا أمرها بمعصية فلا سمع ولا طاعة، ومنها عدم الخروج من بيته إلا بإذنه؛ لأن الشريعة تريد للمرأة حتى إذا طلقت طلقة رجعية أن تبقى في بيتها؛ لتعطي نفسها وزوجها فرصة للمراجعة والتفكير في العواقب، وهذه من حكم هذه الشريعة العظيمة، قال تعالى: (( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ))[الطلاق:1].

والصواب في هذه الحالة هو أن ينبعث حكم من أهلها وحكم من أهله لتحديد الأسباب الحقيقية، ومعالجة الأمر وتحديد المقصر، فإن كان التقصير من جانب المرأة نصحت وردت إلى بيتها، وإن كان الخطأ منه يطالب بالإصلاح، فإن لم يفعل رفعت القضية لجهات الاختصاص للفصل في الأمر، وقد يحكم القاضي بتطليق هذه المرأة دفعا للضرر عنها.

أما إذا لم يتبين أن هناك تقصيرا من جانب الرجل، وأصرت المرأة على النفور والنشوز؛ فمن حقه أن يطالب برد بعض ما خسره من تكاليف مالية، وهذا هو الخلع الذي تفتدي به المرأة نفسها.

وعلى كل حال فنحن ننصح بعرض الأمر برمته على المؤسسات الشرعية لوضع الأمور في نصابها ودفع الضرر، والضرار، مع مراعاة مصالح الطرفين، شريطة أن نترك لكل من الزوج والزوجة أن يفكرا منفردين دون تدخل أو تأثير على أي طرف.

نسأل الله أن يكتب التوفيق والسداد للجميع.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات