السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله.
رمضان كريم.
مشكلتي أن عمري الآن 37 سنة ولم أتزوج حتى الآن، ولا ينقصني شيء والحمد لله، فأنا مهندسة ولي شهادات دولية في مجالي، والحمد لله أحرص كثيرا على طاعة ربي، ولا أتمنى أن أقبل من الرجال من هو مستهتر بدينه وخلقه، أدعو ربي كثيرا ومنذ 15 سنة بأن يرزقني الزوج الصالح، ولم أيأس ولكني أحزن كثيرا عندما أتذكر أن ليس لي أولاد ولا زوج يعينني، خصوصا أن أسرتنا مفككة، فأمي وأبي على انفصال، وإخوتي كل على رأيه ولا يهمه إلا نفسه.
أتمنى أن تدعوا لي في هذا الشهر المعظم، وتسندوني ببعض المواعظ التي تثبتني.
وشكرا كثيرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن نعم الله مقسمة، وأنت -ولله الحمد- متعلمة، وكم من النساء والرجال حرموا من العلم والعافية، وليس كل من تزوجوا سعداء، ولكن الراضين بقضاء الله وقدره هم السعداء، و(عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، وقد أفرحني حرصك على طاعة الله وأفرحني اهتمامك بأن يكون شريكك من أهل الدين والأخلاق والانضباط، وهذا دليل على أن همتك عالية، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
ونحن ننصحك بمواصلة الدعاء، فإنه (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها).
ومن هنا يظهر لنا أنه لن تخسر أبدا من ترفع أكفها إلى الله، فواصلي اللجوء إلى الله وابشري .
وقد ذكر الإمام ابن الجوزي أحوال السلف وأدبهم فقال: كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه ويقول: (مثلك لا يجاب)، وهذا منهج للتصحيح والاستغفار والمراجعة، أو يقول: (لعل المصلحة في أن لا أجاب)، فإن اختيار الله للإنسان أفضل من اختيار الإنسان لنفسه.
وقد أسعدني قولك: لم أيأس، وهكذا ينبغي أن يكون أهل الإيمان، ولا داعي للحزن، فقد يكون الولد مصدرا للشقاء، وقد يكون مصدرا للسعادة، وإعطاء الولد لا يدل على حب الله للإنسان، كما أن المنع من الولد لا يدل على عكس ذلك، والعبرة بالفوز برضوان الجليل سبحانه، وقد بحث الناس عن السعادة في الزواج فلم يجدوها، وبحثوا عنها في الأموال والذهب فلم يفوزوا بها، وبحثوا عنها في العمارات والعقارات فلم يظفروا بنيلها، ونالها أهل التوحيد والذكر والطاعة، وكان قائلهم يقول: (إنا لفي سعادة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف)، فسمعه ابن أدهم فقال له: (إنهم بحثوا عنها لكنهم أخطئوا الطريق)، فإن طريق السعادة يمر بسلم الإيمان والذكر للرحمن، فمن نال بعد ذلك خيرا فذلك خير إلى خير.
وأرجو أن تعلمي أن إعجابنا بشخصيتك قد زاد عندما علمنا أنك تعانين من مشكلات أسرية، ومع ذلك تمكنت بتوفيق الله من تحقيق كثير من النجاحات، ونحن نوصيك بما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى الله.
2- مواصلة المحاولات والدخول في زمرة الصالحات، والحرص على حضور المحاضرات ومصاحبة الفاضلات.
3- كثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا المختار.
4- الإكثار من ذكر الله وقول (لا حول ولا قوة إلا بالله)؛ فإنها ذكر واستعانة.
5 – إظهار النوايا الحسنة والرضا بالقليل والرغبة فيمن يعبد الجليل.
6-الحرص على بر الوالدين وصلة الرحم ومساعدة المحتاجين؛ ليكون العظيم وفي حاجتك.
7- إظهار الرضا بقضاء الله وقدره.
8- تذكر ما أولاك الله من نعم كالشهادات والعافية والوظيفة، فإن هذا يدفعك، وبالشكر ينال الإنسان المزيد.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ودعاؤنا لك في هذا الشهر بالتوفيق والخير والسداد، ونسأل الله أن يكفيك ما أهمك وأن يغفر ذنبنا وذنبك، وأن يرزقك زوجا صالحا عاجلا غير آجل.. اللهم آمين.
والله الموفق.