السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
لدي هدفان في هذه الدنيا:
الهدف الأول : الاستقامة على منهج الله.
الهدف الثاني: أن أصبح باحثا في مجال تخصصي.
بالنسبة للهدف الأول، المراحل معروفة لدي وهي معرفة الحق، وثانيها: العمل بهذا العلم، وثالثها: تعليم هذا الحق والدعوة إليه، ورابعها: الصبر على الأذى في هذا الحق.
وأما الهدف الثاني فأنا أسعى إلى إيجاد أحسن الطرق الموصلة إليه.
سؤالي هو كيف أبرمج نفسي وأغرس فيها هذين الهدفين، ماذا أفعل كي يكون هذان الهدفان حيين في نفسي دائما ؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الاستقامة هي أعظم الكرامة، وقد مدح الله أهلها وأجزل لهم الثواب فقال: (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ))[فصلت:30-31]^.
ووعد من يسير على طريق الاستقامة بالخير الكثير فقال سبحانه: (( وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ))[الجن:16]^.
وقد أحسنت بذكرك للمراحل المطلوبة للوصول للاستقامة، ونحن نزيد عليها ما يلي:
الاعتصام بالله واللجوء إليه، والتدرج في السير بالنفس على هذا الطريق وتكليفها بقدر طاقتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اكلفوا من العلم ما تطيقون) ولا يخفى عليك أن المتسابق الناجح يبدأ السباق بسرعة معتدلة من بدايته حتى نهايته، أما الذي يبدأ بحماس زائد وسرعة فائقة فيصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع – وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل شيئا أثبته، وكان عمله ديمة كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والذي يسير على طريق الاستقامة يحتاج إلى رفقة وصديق ناجح يذكره بالله إذا نسي، ويعينه على طاعة الله إن ذكر، فإن وجود الإنسان مع الأخيار يحدث له همة ونشاطا؛ ولذلك كانت بعض العبادات جماعية حتى ينشط بعضنا بعض، وإذا عرف الإنسان قيمة الاستقامة وأهميتها، وأدرك أن الله أمر بها نبيه فقال: (( فاستقم كما أمرت ))[هود:112]^ سعى في طلبها وسار على دربها، ومن سار على الدرب وصل بإذن الله عز وجل.
ولا يخفى عليك أن الأهداف الكبيرة تحتاج إلى نفوس كبيرة، وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام.
ولا شك أن تحديد الأهداف هو أول وأهم خطوات النجاح بعد التوكل على الكريم الفتاح، والإنسان مطالب ببذل الأسباب دون التعويل عليها، مع ضرورة الاستعانة بمسبب الأسباب وواهب التوفيق والألباب.
وقد أحسنت بحرصك على التبحر في مجال تخصصك، فنحن في زمن التخصصات الدقيقة، وأرجو أن تعلم أن الإنسان تعظم فائدة دراسته إذا تخصص فيها وجاء فيها بالجديد والمفيد، وذاك أمر لا يحدث إلا بعلو الهمة بعد توفيق الله، ومما يعينك على تحقيق هدفك العلمي ما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى الله فإن التوفيق بيده.
2- تنظيم الوقت – وتفريغ النفس من الشواغل.
3- اختيار الأوقات والأماكن المناسبة للدراسة والمذاكرة.
4- دراسة سير وأخبار المبدعين.
5- عمل لوحات إرشادية في حجرتك ومجلسك.
6- استخدام كافة الحواس في غرس المعلومات.
7- الاستفادة من تقنية العصر.
8- الإخلاص في طلب العلم لله – فإن ما كان لله دام واتصل.
9- زيادة البر لوالديك والصلة لأرحامك ومعاونة المحتاجين ليكون رب العالمين في حاجتك.
10- الحرص على احترام المختصين والعلماء تتمكن من الاستفادة منهم.
11- إدراك حاجة الأمة للمختصين.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله فإنه سبب للفلاح في الدنيا والآخرة.
ونسأل الله لك العلم النافع والعمل الصالح.