السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابني عمره عشر سنوات ولا يتوقف عن الطلبات، فكل شيء يراه يريد شراءه، سواء كان يحتاجه أو لا يحتاجه من ألعاب أو مطاعم أو أشياء، حتى وإن كان لا يعرف استخدامه، ووالده يلبي له معظم هذه الطلبات، ولكني أشعر أن ذلك يزيد من حالته سوءا.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنحن لا نؤيد الاستجابة لكل طلبات الأطفال، ولا نوافق على المنع الكامل والحرمان، ومرحبا بك في موقعك بين الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يصلح لنا ولك النية والولدان، وأن يبعدنا عن الذنوب والعصيان.
وأرجو أن تتفقوا مع والده على منهج موحد في التوجيه والتربية، فليس من مصلحته أن يرفض هذا أو يوافق ذاك مع ضرورة منعه من الإسراف في الشراء والرغبات؛ لأن عباد الله ليسوا بالمتنعمين، وقد قال عمر رضي الله عنه: (أفكلما اشتهيتم اشتريتم)، ولما غلا اللحم قال علي رضي الله عنه: (أرخصوه بالترك).
ويؤسفنا أن نتحول إلى أمة مستهلكة لمنتجات الآخرين، حتى أن الأمم تتقاتل من أجل أن تفوز بأسواقنا (ولن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: ومنها ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه)، ولا نجاة إلا لمن أخذ المال من حله ووضع المال في محله، والله تبارك وتعالى لا يحب المسرفين، وجعل سبحانه المبذرين إخوانا للشياطين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلوا واشربوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة) وقال معاوية رضي الله عنه: (ما رأيت سرفا إلا وإلى جواره حق مضاع)، ولا شك أن الطفل يتأثر بما يتربى عليه وقد أحسن من قال:
وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه
ولا يخفى على أمثالكم أن التدبير والاقتصاد أمر مطلوب، والتدبير نصف المعيشة كما يقال.
وقد وصل هذا الطفل إلى عمر ينفع معه الإقناع والحوار، ولا مانع بعد محاورته من رفض الاستجابة لبعض طلباته، مع ضرورة شغله بالمفيد، وملء وقته بالدراسة وحفظ كتاب الله المجيد.
ولست أدري هل يوجد معه في البيت أطفال؛ لأننا في تلك الحالة نحتاج إلى إشباعه بالعاطفة والأمن، وإشاعة العدل حتى لا يحتاج إلى تكرار طلباته بحثا عن المكانة أو تعبيرا عن الظلم.
ولست أدري إلى أي مدى يحافظ على ممتلكاته القديمة، وهل له أصدقاء أو زملاء يشتري لهم أهلهم ما يطلبون؟ فإن وجد أمثال هؤلاء فهل هناك إمكانية لإبعاده عنهم مع ضرورة إقناعه أن التميز لا يكون بمقدار ما يملك الإنسان ولكن بمقدار ما يحسن وينجز، كما قال علي رضي الله عنه: (ومقدار كل امرئ ما قد كان يحسنه).
وهذه وصيتي لكم بتقوى الله فإن أولادنا وبيوتنا وحياتنا تصلح بطاعتنا لله، وعليكم بكثرة الدعاء لهذا الطفل، وتجنبوا الدعاء عليه، كما أرجو أن يجد فيكم القدوة الصالحة، فإن أول ما نبدأ به من أجل صلاح أبنائنا هو إصلاحنا لأنفسنا، وأرجو أن نردد دائما دعاء الأخيار: ((ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما))[الفرقان:74].
وبالله التوفيق والسداد.