كيفية الجمع بين البرّ بالوالدة وإسعاد الزوجة على الرغم مما بينهما من المشكلات

1 938

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما أود السؤال عنه أمر مهم جدا وملح خصوصا في هذه الأيام التي لم يعد للدين تأثير كبير على كل تفاصيل الحياة، ولم تعد الأخلاق هي الفيصل ولا الشهامة هي العنوان، ولكنه بصراحة واقع وموجود ونلمس آثاره يوميا:
لي صديق وصل لوضع نفسي سيئ، وللأسف أن السبب هو مشاكل أمه مع زوجته، وهو يحاول الإصلاح ولكنه يخرج أحيانا بخفي حنين فلا يكسب أمه ولا حتى زوجته، ففي يوم أمس كان في وضع نفسي سيئ جدا، وكان مقتنعا تماما بأن أمه هي المخطئة، وأنا أؤكد أيضا وفعلا أن أمه هي السبب وبكل صدق وتجرد ولكنه صار يستاء من أمه لدرجة أنه يعتقد أن عندها شرا وأنها لا تحب له ولزوجته الخير.
وأنا -وبكل صراحة- أقول أن الخطأ على الاثنتين، ولكن الأم أكثر بكثير لأنها سيدة الموقف، وما تقوله ينفذ فورا، ولكني بالتأكيد وقفت مع أمه بكل قوة وقلت له: إنها ليست - لا سمح الله - تتعامل بالسحر أو الشعوذة أو أي شيء من هذا والعياذ بالله، وخصوصا أن هناك نوعية كهذه، وأمه فقط ما تفعله وإن كان غير مبرر أنها تسبب نكدا وضيقا، وربما لأنه ابنها البكر فهذا يزيد حساسية الموضوع؛ وقلت له: إن صلاح الزوجة مرتبط برضا الأم والإحسان لها، وأن الأم لا يمكن أن تكون إلا الأولى، ولكن بصراحة نحن بشر، والإنسان يتغير بعد سنين من النكد والمشاكل؛ فما الحل؟
أريد منكم أن تساعدوني لكي أساعد صديقي وأساعد نفسي وكي لا تهتز قيمة ومعنى الأم في واقع تعيس، وكيف يمكن التوازن في الحياة بين الأم والزوجة؟ وهل دوما يجب الانتصار للأم وعلى حساب الزوجة وحساب راحتها؟ وكيف أبر بوالدتي وأسعد زوجتي؟ مع العلم بأني مقتنع بأن دعوة في صلاة الفجر لي من أمي تهز السماء هزا ليس مثلها عندي ولا كل نساء الأرض.
وشكرا لكم وبارك الله فيكم وفي جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن شريعة الله عدل كلها وجمال كلها، ولذلك فهي تأمرنا بأن نبر الأمهات وأن لا نظلم الزوجات فهن مثل الأسيرات، والرجل الناجح العاقل يقول لزوجته: إن احترامك لأمي يجعلني أحملك على رأسي، والزوجة الفاضلة تعتبر أم الزوج في منزلة أمها فتحترمها وتخدمها وتصبر عليها وتعرف لها فضلها فهي أم الزوج الذي وهبه الله لها.

ولا شك أن مشاكل الأم مع زوجة الابن هي أصعب المعادلات وأشد الأزمات في الحياة الزوجية، وهي من أكثر الأزمات حدوثا؛ ويرجع ذلك للأسباب الآتية:

1- عدم وجود التربية الإسلامية الحقة، فنحن بكل أسف نتأثر بثقافة المسلسلات التي تعمق هذا الجرح.

2- عدم فهم نفسية الأم، وذلك لأن كثيرا من الأمهات تغار من زوجة الابن التي جاءت لتشاركها في حب ولدها وفي جيبه، وقد يوجد في أخوات الزوج من تغار من زوجة الأخ أيضا.

3- إهمال بعض الأولاد للوالدة بعد الزواج الأمر الذي يزيد النيران اشتعالا.

4- ميل بعض النساء إلى امتلاك الرجل والسيطرة على موارده وعزله عن أهله.

5- التدخلات السالبة من بعض الجارات والنمامات من النساء.

6- التصاق بعض الأبناء بأمهاتهم وذلك في حالة الابن الأصغر أو الوحيد.

7- إحسان الابن لأمه وأخواته وانقطاع ذلك الإحسان بعد الزواج، وهذا يحصل في حالة الابن الأكبر أو الغني غالبا.

ولكننا نؤكد أن حكمة الزوج وقيامه بحق والديه وأخواته يعينه على تجاوز الأزمة خاصة إذا كانت الطريقة التي اختار بها زوجته كانت بعلمهم أو موافقتهم ومشاركتهم في الاختيار، مع ضرورة أن يحرص الزوج على نقل المشاعر الطيبة بين زوجته وأهله، وما يساعد في إزالة التوترات ما يلي:
1- اللجوء إلى مصرف القلوب.
2- إقامة العدل والإنصاف وتحرى الحكمة في كل ذلك.

3- عدم إظهار ميله وحبه لزوجته أمام أمه وأخواته.

4- عدم معاتبة الأم أمام زوجته، وتطييب خاطر الزوجة بعيدا عن الأم.

5- إبعاد أسباب التوترات.

6- زيادة البر والاهتمام بالأم بعد الزواج لرفع وساوس الشيطان.

7- تقديم الأم في الهدايا والعطايا كأن يقول لها: خذي ما يعجبك وأعطي ابنتك يعني (الزوجة).

8- تقدير الزوجة وإكرامها عندما تحترم والدة الزوج.

9- الاحتفاظ للزوجة بهامش من الخصوصية.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله الذي يأمر بالعدل والإحسان، وأرجو أن تعرف كل زوجة أنها لن تسعد مع زوجها إذا لم تكن أمه راضية عنه، ومن هنا كان لابد لكل فاضلة كريمة أن تعين زوجها على بر أهله، وأرجو أن يعرف الجميع أن الرجل يمكن أن يجد زوجة وزوجات، ولكنه لا يمكن أن يجد أما أو أخوات. ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات