السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعترف أمام الله في الدنيا أنني منافق، وعاص، وآثم، اعتديت على حدوده، وحاربته ليلا ونهارا، كلما أتوب إليه أعود إلى المعاصي متعمدا، مع أنني مؤمن به، وبملائكته، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر، خيره وشره، بالله عليكم عرفوني بربي، وإلهي، وحببوني فيه، أتعلق به في كل لحظة وحين، وكرهوا إلي حب شهوات النساء، فإنني لا أستطيع الزواج إلا إذا تدخل الله جل جلاله، ورزق، وفتح علي، فقد ابتليت بحب النساء، حيث ضاعت مني ثلاث سنوات في الجامعة، وأحلم كثيرا، ولم أحقق أي نجاح.
أرشدوني بأسلوب إيماني، رقيق، يرقق القلب، ويدمع العين.
يا حبذا لو تذكرون لي قصة الصحابي الذي دعته امرأة بغي في مكة المكرمة، أثناء الدعوة إلى الله، فاستشار النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي هل: سألت عن دينها وأخلاقها؟
هذه القصة ذكرها الأستاذ عمرو خالد في برنامجه على خطا الحبيب، وأنا نسيتها.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فإن مرثد بن أبي مرثد الغنوي -رضي الله عنه-، دعته عناقا وكانت بغيا، فقال لها: ويحك إن الإسلام قد حال بيننا، فقالت له: فتزوجني، فقال لها: لا حتى أستأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصاحت وقالت: يا أهل مكة! هذا رجل جاء ليسرق أسراكم، فتبعه ثمانية منهم، لكن الله أنجاه، فلما رجع للمدينة، عرض الأمر على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله الآيات الأولى من سورة النور، ولعلك تلاحظ عظمة أولئك الصحابة الذين أدركوا أن الإسلام ليس مجرد كلام أو بطاقة هوية لكنه انقياد لله واستسلام له وطاعة.
ولا يخفى على أمثالك أن الحياة تكون ضنكا وشقاء إذا ابتعد الإنسان عن أنوار هذه الشريعة، قال تعالى: (( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ))[طه:123-124] ومن هنا تتجلى خطورة البعد عن منهج الله.
وقد أسعدني سؤالك هذا لأنه يدل على أن لك روحا طيبة، وضميرا حيا، وهذا يبشر بالخير، فكرر التوبة واجتهد في أن تجعلها توبة نصوحا، واعلم أن للسقوط المتكرر أسبابا، ومن هنا فنحن نطالبك بما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى من بيده الهداية والتوفيق والسداد.
2- ابتعد عن رفقة السوء ومواطن الشر وأماكن التهم.
3-التخلص من كل ما يذكرك بالعصيان من أرقام وأدوات ووسائل.
4- الإكثار من الحسنات الماحية.
5- الإخلاص في التوبة وذلك بأن تتوب لله وليس لأجل أشياء أخرى.
6- الصدق في التوبة وذلك لأن توبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان بلسانه ويظل قلبه متعلقا بالمعصية.
7- عدم اليأس من رحمة الله، وتكرار التوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول، واعلم أن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، بل الصادق في توبته يبدل الله سيئاته إلى حسنات.
8- عدم الأمن من مكر الله، وعليك بالخوف من سوء الخاتمة، فإن الموت يهجم على الإنسان فجأة.
9- بذل أسباب النجاح ثم التوكل على الوهاب.
10- البعد عن المعاصي لأنها سبب للخذلان، كما قال ابن مسعود: (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم).
11- اتق الله في نفسك واعلم أن الله يمهل ولا يهمل.
12- تذكر أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين.
ونسأل الله أن يصلح حالك وأحوالنا، وأن يلهمك رشدك وأن يعيذك من شرور نفسك.