السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا شاب متدين ومواظب على الصلاة مع الجماعة في المسجد، وأتعلم القرآن مع المدرس في الحلقات، وأسبح وأهلل وأذكر الله كثيرا في الليل والنهار، ولكن في يوم من الأيام استمعت إلى أهوال يوم القيامة وما يحدث من أهوال ذلك اليوم، وبدأت أظن بالله ظن السوء، وما زال هذا الظن يلازمني إلى يومي هذا. مع أني أؤمن إيمانا كاملا بأهوال هذا اليوم.
فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -جل وعلا- أن يشرح صدرك للحق وأن يزيل عنك هذا اللبس وأن يقيك كيد شياطين الإنس والجن وأن يرزقك حسن الظن به والرضا بقضائه.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فإن ما حدث معك يحدث مع كثير من أمثالك خاصة منهم في مثل سنك وعمرك، حيث يفهمون النصوص أحيانا فهما قاصرا، أو يحكمون عليها وفق ما لديهم من معارف وعلوم، والتي هي غالبا ما تكون متواضعة أو ضعيفة، بل وقد تكون معدومة فيتولى الإنسان في هذه الحالة الحكم على النصوص حسب فهمه هو، وقد يكون الأمر أشد من ذلك إذا كانت النصوص غير صريحة مما يجعله يفهم الأمر على غير حقيقته تماما، بل لقد ورد أن رجلا سمع قارئا يقرأ في سورة التوبة قوله تعالى: (( أن الله بريء من المشركين ورسوله ))[التوبة:3] بكسر قوله تعالى: (ورسوله)، فقال هذا الأعرابي: إذا كان الله قد تبرأ من رسوله الذي أرسله فلماذا أؤمن به، فانظر أخي إلى ما فعله هذا الخطأ في التشكيل في هذا الأعرابي حيث إن ما سمعه فعلا يؤيد ما قاله وهو خلاف الآية تماما، فكلمة "رسوله" مبتدأ مرفوع لخبر محذوف، والتقدير: ورسوله بريء أيضا. ولما قرأها القارئ مكسورة صارت معطوفة على كلمة المشركين فيكون بذلك ما فهمه الأعرابي صحيحا، والسبب في ذلك هو مجرد تغيير الحركة من الضم إلى الكسر؛ لأن الآية معناه أن الله ورسوله بريئان من المشركين.
وهكذا أخي الفاضل خالد، ما حدث معك، نظرا؛ لقلة بضاعتك في العلم الشرعي، ولقلة خبرتك بنصوص القرآن والسنة لبس عليك الشيطان، وأفهمك بأن الله -جل وعلا- لا يرحم عباده، وإن عقابه شديد أكثر مما ينبغي إلى غير ذلك مما قد يلقيه الشيطان في عقل الإنسان وفكره، أما لو جمعت النصوص بعضها إلى بعض واطلعت على الأمر اطلاعا واسعا لعلمت أن ما فهمته مناف تماما لحقيقة ذلك، ولتعلم أن الله قسم رحمته مائة جزء، جعل منها جزءا واحدا في الدنيا وادخر الباقي كله ليوم القيامة، فهل تظن بعد ذلك أن هناك أدنى ذرة من عدم الرحمة؟ ألم تقرأ قوله تعالى: (( لا ظلم اليوم ))[غافر:17] إلى غير ذلك من النصوص التي تجعل المؤمن يفرح بالقدوم على ربه ويحب لقاءه؟
إذن -أخي- أتمنى أن تتوب إلى الله وتستغفره، وتكثر من ذلك على هذه المعصية العظيمة، وأن تجتهد في طلب العلم الشرعي على يد العلماء والمشايخ، وأن تسأل عما أشكل عليك مهما كان، ولا تستحي من السؤال أو من المسئول لأن دينك أغلى شيء وعقيدتك هي أساس نجاتك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال لا إله إلا الله صدقا من قلبه دخل الجنة)، وقال: (من قال لا إلا الله مخلصا بها قلبه دخل الجنة)، فاتهم نفسك واتهم فهمك واتهم عقلك، وإياك ثم إياك أن تتهم ربك، وإنما إذا أشكل عليك شيء فمن حقك أن تسأل وأن تبحث حتى يطمئن قلبك، وقطعا ستجد نفسك قد أخطأت فعلا بهذا الظن الذي نتج عن سوء الفهم.
أعيد وأكرر رجاء أن تجتهد في طلب العلم على يد العلماء الثقات، وأن تسأل عما أشكل عليك حتى تلقى الله وأنت على عقيدة سليمة وعمل صالح يسرك في القيامة، وأن تحصد ثمرته وأن تقطف جناه.
والله الموفق.
----------------------------
انتهت إجابة الشيخ ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول: (261797 - 263659 - 263760 - 272262 - 269199).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.