السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما هي آثار الذنوب والمعاصي على العبد في جميع حياته؟
وهل لكم أن توردوا لنا أقوال السلف في ذلك والتابعين وقصصهم مع آثار المعاصي والذنوب؟
وكيف للإنسان أن يفرق بين الابتلاء والعقوبة، والثواب والاستدراج؟
وكيف للإنسان أن يعرف ميزانه وقيمته ومكانته عند الله؟
وفقكم الله وجعل عملكم الجليل سببا لمرضاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن آثار الذنوب عظيمة وخطيرة على الأمم والشعوب ويكفي أن تعلم أن الله سبحانه قال في كتابه: ((فكلا أخذنا بذنبه ...))[العنكبوت:40]، وقال عن أهل الكتاب ((فبظلم من الذين هادوا حرمنا))[النساء:160]، وقال سبحانه: ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير))[الشورى:30]، وقال سبحانه عن قوم سبأ ((فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم))[سبأ:16]، وقال سبحانه: ((وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون))[النحل:112].
أما بالنسبة للأحاديث فكيفينا منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مصيبة يصاب بها المؤمن الشوكة فما فوقها إلا بذنب أصابه) وبقوله: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) ومن أقوال الصحابة قول العباس: (إنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة ) وقول ابن مسعود: (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم).
أما بالنسبة لمن بعدهم فالأحوال كثيرة ومنها قول سفيان بن عيينة (والله إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وفي خلق امرأتي).
ولكن من الضروري أن نعرف أن السلف كانوا يتهمون أنفسهم ولذلك يقولوا مثل هذه الأقوال عن أنفسهم وكانوا لا ينظروا إلى صغر الخطيئة ولكنهم كانوا ينظرون إلى عظمة من يعصونه.
وأرجو أن يعلم الجميع أن المصائب قد تنزل على الجميع وينقسم الناس حولها إلى ثلاثة أقسام:
1- كانوا على الخير والطاعات فلما نزل البلاء صبروا عليه فارتفع البلاء ونالوا منازل ما كانوا ليصلوا إليها إلا بالصبر على البلاء.
2- كانوا في غفلة عن الحق والخير فلما نزلت المصائب انتبهوا وعادوا إلى رشدهم وتابوا وأنابوا، وهؤلاء على خير كذلك لأنهم اتعظوا بما حصل فأنابوا إلى الله عز وجل قال تعالى: ((فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون))[الأنعام:42] يرفعون أكف الضراعة ويسكبون دموع الندم.
3- كانوا في معاص وبعد عن الله، ونزل البلاء فلم يشعروا بشيء، ومارسوا العصيان رغم نزول البلاء، وهؤلاء في أسوأ المنازل لأن قلوبهم قاسية والشيطان زين لهم أعمالهم القبيحة؛ ليبعدهم عن التوبة وقد يطول الاستدراج لهؤلاء كما قال تعالى: ((فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون))[الأنعام:44] يعني يائسون من كل خير.
والإنسان المسلم الحق يدرك أن قربه من الله بمقدار طاعته لله سبحانه كما قال ابن مسعود، كما أن المطيع يجد حلاوة ولذة لطاعته لله، فإن الله هو الشكور، ولا يخفي عليكم أن الاستمرار في الطاعات والتتابع في عمل القربات من دلائل القبول عند رب الأرض والسموات.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بالإحسان فإن الله سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
ونسأل الله لك السداد والثبات.