الموصلات العصبية .. والتناقض الظاهر في عملها

0 219

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كيف يمكن تفسير وجود عقاقير تعمل على (النورأدرينالين) تسبب الاسترخاء والنوم مثل (ميانسرين)، وفي نفس الوقت نجد عقاقير تعمل على نفس الموصل العصبي تعالج النوم القهري مثل (أتوموكسيتين).
كذلك نفس الأمر بالنسبة (للسيرتونين)، هناك عقاقير تزيد اليقظة مثل (فليوكستين) وأخرى تسبب الشعور بالتعب والاسترخاء مثل (فلوفوكسامين).
فنحن نعلم أن الموصل العصبي إما يكون منبه مثل (الأستيلكولين) أو مثبط مثل (جابا)، فكيف نفهم هذا التناقض؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

جزاك الله خيرا أخي على هذا السؤال الذي حمل الكثير من المضامين العلمية.

السيرتونين له 15 فرع، وهذه الفروع الآن تعمل في بعض الأحيان بصورة مضادة ومعاكسة لبعضها البعض، وهذا بالطبع أخي الكريم يفسر ما ذكرته من تناقض ظاهري في عمل هذا الموصل العصبي، ونعرف الآن حتى السيرتونين أصبح هنالك حديث عنه بالنسبة لمرض الفصام -هذا شيء جديد- ولا نقول كل السيرتونين ولكن فروع معينة من السيرتونين، وحين نرجع إلى العقار الذي ذكرته وهو ميانسرين وهو يعمل بداية على النورأدرينالين ولكن مشتقاته الثانوية تعمل على السيرتونين، فهذا أيضا ربما يفسر هذا التناقض الظاهر، ولابد أن نعترف بحقيقة علمية وهي أن الصورة لم تتضح مطلقا بصورة قطيعة حتى حين نتحدث أن هذه الأدوية تعمل على الموصلات العصبية، نعم هذه حقيقة لأن هناك قرائن خاصة، فحين تم الفحص عن طريق الرنين المغناطيسي الوظائفي تم ملاحظة مسار الدم واستهلاك السكريات واستهلاك الأكسجين في مناطق معينة من المخ، ومن خلال معادلات حسابية فسيولوجية وصل العلماء إلى هذه الخلاصة ولكن ما يقوم به السيرتونين قد يختلف أيضا من إنسان إلى إنسان، والنظريات تقول ربما يوجد ضعف في إفرازه، ونظريات أخرى تقول ربما يوجد عدم توازن في الإفراز ما بين السيرتونين والنورأدرينالين، ونظريات تقول ربما يكون هنالك تدخل من مادة الدوبامين، وكما تفضلت جابا، وهنالك الآن حديث كثير جدا عن مادة تعرف بالمادة (ب)، ولا توجد أشياء قطعية، ولكن قرائن الإثباتات هي بالدرجة التي لا بد أن تعتبر، ولا بد أن نقول إنها ربما تكون صحيحة إلى درجة كبيرة والأبحاث الآن تسير بصورة جيدة جدا، وإذا ذكرنا على سبيل المثال الحالة التي يصاب بها بعض الأطفال وهي داء الحركة الزائدة أو الإفراط في الحركة وضعف التركيز، فمن أفضل الأدوية لعلاج هذه الحالة هو دواء يعرف باسم رتلين، والرتلين يعرف بأنه ينتمي إلى مجموعة الأنفتاميين وهذه المجموعة يعرف عنها أنها منشطة ويستعملها البعض لتزيد من نشاطه وأن ترفع من درجة يقظته فكيف يؤدي هذا الدواء إلى تثبيط الحركة لدى الأطفال الذين يعانون من داء الحركة المفرطة؟! كان اكتشاف هذا الدواء بالصدفة حين استعمل في الأطفال وأفادهم بالصدفة، ولكن التناقض بين تأثيره المعروف وبين نفعه لهؤلاء الأطفال واضح، ولكن أخيرا تم التوصل أن هذا الدواء ينبه مناطق معينة في المخ حتى تتحكم في مراكز الحركة، وحين ينبه يرسل إشارات لها وهذه الإشارات تؤدي إلى انتباه المراكز التي تتحكم في الحركة ومن ثم ترجع هذه المراكز إلى وضعها الطبيعي مما يخفض من حركة الطفل ويحسن من انتباهه ...هذه الفعالية المضادة في ظاهرها هي موجودة في كثيرة من الحالات.

أضرب لك مثالا آخر أخي: على سبيل المثال عقار الفاليوم Valuim يعرف أنه مهدئ محسن للنوم ويعرف أن الذين يتناولون الفاليوم لفترات طويلة لديهم فورات ونوبات من العنف الشديد والفظيع جدا في بعض الأحيان هذا ذكرته لك فقط من قبيل التوسع في الأمر.

وجزاك الله خيرا على إثارتك هذا الموضوع، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات