السؤال
أخي الفاضل الدكتور محمد عبد العليم ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو أن تكون جميع أمورك على ما يرام.
قرأت كتابا اسمه: (غير من عقلك تتغير حياتك) للدكتور النفسي الأمريكي (دانيال جولمين).
وهذا الكتاب يوضح أن أي خلل في المخ يؤثر في الإنسان وسلوكه، ويتسبب في كثير من الأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب، والقلق، والوساوس، والعدوانية، وغيرها من الأمراض النفسية، واعتمد الدكتور (جولمين) كاميرات متطورة جدا لتصوير الدماغ، وتدفق الدم في مقدمة الرأس، والفصوص الصدغية وباقي أجزاء الدماغ.
وقد فهمت من هذا الكتاب أن الدكتور يقصد أن معظم الأمراض النفسية راجعة إلى خلل في المخ، وليس لأسباب أخرى، وهذا الكتاب متوفر في جميع فروع مكتبة جرير.
ولديكم في الدوحة فرع لمكتبة جرير، وأريد أن تقتنوا هذا الكتاب لمعرفتي بشغفكم الشديد بمتابعة كل ما يستجد في الطب النفسي.
حفظك الله ورعاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو بشرى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم، بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، والحمد لله، ومن فضل الله أنا على ما يرام، وأسأل الله أن تكون أنت والأسرة الكريمة في أحسن وأطيب حال، وحقيقة أنا عاجز تماما عن أن أعبر عن مشاعري حيالك، وعلى رسالتك الرقيقة والجميلة هذه.
وبالنسبة للكتاب فأنا -إن شاء الله- سوف أقتني هذا الكتاب، وأنا شاكر لك بالطبع هذه النصيحة الغالية، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علما .
أخي الكريم، ما ذكره الدكتور دانيال هو دائر منذ فترة في محيط المدرسة البايولوجية النفسية، وإذا لاحظت عنوان الكتاب وهو (غير من عقلك تتغير حياتك) هذا هو المفهوم السلوكي الذي أتى به (آرون بك) وهو صاحب النظرية السلوكية المعرفية، والتي تقول أن الإنسان يستطيع أن يغير من عقله، يستطيع أن يغير من طريقة تفكيره، وهو يرى أن الاكتئاب والشعور السلبي والإحباط هو ناتج من أفكار متوالية ذات منشأ وطابع سلبي، وهذه الأفكار السلبية المتراكمة هي التي تؤدي إلى الاكتئاب والشعور بالإحباط وعدم القدرة على الفعالية والإنجاز، وهو يرى أننا يمكن أن نغير من عقولنا، ويمكن أن نغير من أفكارنا.
الفحوصات التي يقوم بها بعض الأطباء الآن في الكثير من المراكز المتقدمة ومنها أنواع معينة من فحص الرنين المغناطيسي الوظائفي، هذه أصبحت الآن تكشف مناطق المخ المختلفة بدقة شديدة، والمؤشرات التي يعتمد عليها الذين يقومون بهذه الأبحاث هي تدفق الدم في منطقة معينة ومستوى استهلاك السكريات في هذه المنطقة، وكذلك مستوى استهلاك الأكسجين، وجد أن هذه المؤشرات تدل على نشاط معين في منطقة معينة من المخ، ولا شك الفص الأمامي أو مقدمة الرأس تعتبر من أهم الأجزاء التي تتحكم في مزاج الإنسان وفي طريقة تفكيره، وفي طريقة تخطيطه، وهي حقيقة تمثيل شرطي الدماغ؛ لأن الفص الصدغي الآن اتضح أنه يتحكم في أمور كثيرة، وسبحان الله العظيم فحين تم قياس حجم الدماغ وجد أن الفص الصدغي في الإنسان يمثل 27% من وزن الدماغ، وفي القرود التي تعرف باسم (الشمبانزي) وهي أقرب المخلوقات للإنسان وجد أن حجم الفص الصدغي يمثل فيها 17%، ووجد أنه في الكلاب يمثل 7%، أما في القطط فالفص الأمامي يمثل 3% فقط، إذن الإنسان بما حباه الله به من قدرة على التفكير وتفوق على المخلوقات الأخرى يتضح أن الفص الأمامي يلعب دورا كبيرا في ذلك.
عموما : لا نستطيع أن نقول أن الأمراض النفسية والعقلية المختلفة هي لأسباب عضوية فقط، أو لخلل في المخ فقط، هذه النظرية بالرغم من أنها ذات ثوابت ودلالات قوية ولكنها ربما تكون غير مقبولة لبعض الباحثين، والرؤيا التي يراها الكثير أنها هي الأنسب هي أن هذه الأمراض ذات منشأ بايولوجي للشخص الذي لديه الاستعداد لذلك، بمعنى أن هنالك العوامل المرسبة الأساسية، وهي كما تفضلت الخلل في المخ والذي يعتبر أحد هذه العوامل المرسبة، وكذلك الشخصية، ثم بعد ذلك تأتي العوامل المهيئة والعوامل الدافعة، وهي بالطبع تتعلق بالتنشئة والبيئة والظروف الحياتية، نعتقد أن الظروف المهيئة والظروف الحياتية ذات أهمية كبيرة إذا وجدت التربة الخصبة، وفي هذه الحالة هي بالطبع التغيرات أو الاستعداد البايولوجي للتغير الموجود في الدماغ.
أخي بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وإن شاء الله سوف أتحصل على الكتاب،
وبالله التوفيق.