ما سبب شعور الحب الذي يصيبني تجاه من أراه؟ وهل هذا طبيعي؟

0 551

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كلما قابلت أحدا أحس أني أحبه، حتى لو كان ولدا، ومنذ مدة وأنا على هذه الحالة، وعندما قلت لأمي قالت لأني في مرحلة المراهقة، ومن المفترض أن أكون قد تجاوزت هذه المرحلة، ولكني لا زلت على هذه الحال، ولست أنا فقط من يحس بذلك، فحتى من أقابلهم يحسون بنفس الشعور، ويحبونني من غير أن يعاشرونني، وهذا الموضوع منذ كنت في المرحلة الابتدائية، وأنا أحمد الله؛ لأن هذه نعمة من الله، لكن ذلك يشعرني أحيانا بالتعب؛ فعندما أحب أحدا حبا شديدا يصعب علي أن أفارقه، وعندما أحب ولدا ويحبني لا أصارحه بحبي له؛ لأني لم أترب على ذلك، وأمي لا تسمح لي بذلك، مع أني أتعذب في داخلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يجنبك رفاق السوء، وأن يحفظك من كيد شياطين الإنس والجن.

وبخصوص ما ورد برسالتك فبداية أقول لك:

نحن هنا بالمواقع سعداء لاتصالك بنا، ونتمنى تواصلك معنا، وإذا كان زملاؤك يحبونك، فنحن أيضا نحبك في الله لحرصك على معرفة الحق والبحث عن حكم الشرع فيما أشكل عليك، وهذه صفات المؤمنة الصادقة التي تهتم بدينها، وتحرص على مرضاة ربها.

وبالنسبة للموضوع الذي تسألين عنه هو الحب، وهل هو حرام أم حلال؟ فأرى أن الأمر يحتاج إلى بعض التوضيح بالنسبة لك؛ لأن مفهوم الحب قد يكون عندك غير المفهوم الذي يقصده الكبار من الجنسين، فالإنسان في مرحلة الطفولة قد يكون قلبه يفيض بالحب والعطف والإعجاب، ومراعاة مشاعر الآخرين، وهذه صفات طيبة جبل الله عليها الناس، فهذا الصحابي الصغير أخو أنس بن مالك وكان اسمه أبو عمير، كان له طائر صغير يلعب به، فمات فحزن عليه حزنا شديدا حتى ظهر ذلك على وجهه، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو حزين، فحاول أن يسره، وأن يحفف عنه، وكان يسأله: (يا أبا عمير ما فعل ال نغير؟) يقصد طيره الصغير، فهذه صورة من صور الرحمة تسمى حبا، ومثل هذا لا شيء فيه؛ لأنه لا يحمل أي معنى مما نهى عنه الإسلام، فالصغار يحبون اللعب مع بعضهم البعض، وهذا نوع من الحب، ولكنه ليس هو المقصود بالحب عند الكبار.

وهناك بعض الناس شاء الله أن يجعلهم محل محبة الناس وإعجابهم وتقديرهم، كما قال تعالى لسيدنا موسى عليه السلام: (( وألقيت عليك محبة مني )) [طه:39] فكان كل من رأى سيدنا موسى عليه السلام أحبه رغم أنه لم يكن مشهورا بالجمال مثلا، فلعلك قد أكرمك الله بذلك، وهذه نعمة تحتاج منك إلى شكر، والوضع السديد بالنسبة للصغار مختلف، خاصة بعد دخولك مرحلة المراهقة، والتي من صفاتها البلوغ الشرعي، والذي يعني أنك أصبحت الآن إنسانة كاملة النضج ومسئولة عن تصرفاتك الصغيرة والكبيرة؛ لأن بلوغ سن 15 سنة يعني البلوغ الكامل، وفعلا كما قالت لك والدتك أن مرحلة المراهقة تتميز بحاجة الفتاة إلى من تحبه، وتحب الحديث معه، خاصة من الجنس الآخر، وهذه صفة من صفات مرحلة المراهقة عند معظم الشباب والشابات، والحمد لله أنك لم تحاولي أن تظهري أو تفصحي عن ذلك لمن يظهر لك حبه وإعجابه بك؛ لأنه مثلك أيضا يعاني من مشاكل المراهقة، ويبحث عمن يحبه ويفضي إليه بأسراره، ومن يظهر الاهتمام به.

ولكن يا -ابنتي الغالية- احذري كل الحذر من هذا كله، فهو مجرد كلام وتنفيس فقط، ولا أنكر أنه قد يكون بصدق وإخلاص، ولكن ماذا ستستفيدين من هذا الكلام؟ لن تستفيدي منه إلا مجرد التعلق بهذا الإنسان، وزيادة التفكير الذي قطعا سيؤثر على دينك ومستقبلك، وقد يشغلك عن طاعة ربك، وقد يطلب منك هذا الشاب أن يتكلم معك ويخرج معك وحدكما أو يختلي بك، وهذا كله يا ابنتي حرام شرعا؛ لأنه لا يجوز للمسلمة الفاضلة أن تكلم رجلا أجنبيا عنها أي كلام خاص، وبالتالي لا يجوز لها أن تجلس معه وحدهما، أو أن يمسك يدها أو أن يقبلها، فهذا كله حرام، وهذا هو الحب الذي يكون في هذه المرحلة ومرحلة المراهقة وما بعدها، وهذا الحب وما يترتب عليه من كلام وسلام وخلوة لا يكون إلا للزوج الشرعي فقط، أما غيره فلا يجوز لك ذلك مطلقا.

ومن هنا فأنا أقول لك أن الحب في مرحلة الطفولة يختلف تماما عن الحب في هذا المرحلة؛ لأن الأول كان خاليا من أي رغبة جسدية أو جنسية، أما الحب في مرحلة المراهقة فلا يمكن أن يخلو من ذلك إلا نادرا جدا جدا؛ ولذلك ليس كل الحب حرام، وكذلك ليس كله حلال، فالحب الآن في مرحلة المراهقة لا يخلو ولا يسلم من المخالفات الشرعية؛ ولذلك يكون من حكمه أنه حرام، وأفضل شيء وأسلم طريقة ألا تعطي نفسك فرصة للتفكير في أي شاب، وحاولي إذا شعرت بالضعف أو الميل أن تشغلي نفسك بأي شيء آخر، وأن تكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم الذي يحرص على أن يزين لك هذه العلاقة، ويقول لك كل البنات لهم أصدقاء ويخرجون معهم، وهذا ليس فيه شيء خاصة إذا كانت الأسرة لا تعلم عن هذه العلاقة، وأنت فقط المعقدة والمتخلفة، وهذا يحبك وقصده شريف، ونيته سليمة، وغدا سيتقدم إليك لخطبتك من أهلك، فهو سيكون فارس أحلامك وشريك عمرك، وهذا كله وهم وكذب لا أساس له من الصحة يا ابنتي، فتفرغي لدراستك، ولا تلتفي لهذه الأكاذيب، واجتهدي في طاعة مولاك، وحاولي أن تضعي لك برنامجا لحفظ القرآن الكريم ليحفظك الله من هذه الذئاب المسعورة التي تريد دمار الفتيات وإذلالهن.

وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات