السؤال
لي ابنة عمرها سنة ونصف، ومنذ أن كان عمرها ثلاثة أشهر ظهر عليها احمرار وبثور في منطقة الخدين من الوجه، ثم ظهر في اليدين والساقين مع صراخ شديد في البداية، والآن ظهرت الرغبة في الحكة، وقد زرت عيادات الجلدية باستمرار، وشخصت الحالة بأنها Atopic eczyma ووصف لها مراهم Hydrocortison1%,elecom مع مضادات الحكة، وتحدث استجابة للعلاج، ولكن بمجرد توقيف العلاج ليوم واحد فقط تعود الأعراض، وبشكل شديد مع حكة شديدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fuad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا الوصف يتوافق مع التشخيص المذكور لحالة ابنتك، وهو الأكزيما البنيوية، والتي هي بنية خاصة، تسمى التأتب أو البنية الحرضية، حيث تكون عرضة للتحريض وبشدة، أي أنها ترتكس (الارتكاس هو رد الفعل) بسرعة لأشياء، وعوامل عديدة لا يرتكس غيرها إليها، وهذه البنية عادة تكون عرضة للأكزيما أو الشرى أو الربو أو التهاب الأنف التحسسي أو التهاب الملتحمة التحسسي أو حمى القش، وتحتاج معاملة خاصة، أولها تجنب المثيرات التي تختلف من إنسان لآخر، ويسمي البعض هذا المرض بـ (ربو الجلد).
تتظاهر الأكزيما البنيوية حسب السن من 2 شهر إلى 2 سنة بأكزيما الخدين، ويسميها البعض أكزيما الحليب، ليس لأن الحليب سببها، ولكن لظهورها في سن رضاعة الحليب.
وتتظاهر من سن 2 سنة إلى سن 12 سنة بأكزيما الطويات، خاصة خلف مفاصل المرفقين والركبتين، وإذا استمرت بعد ذلك، فقد تكون منتشرة على غير نظام.
غالبا أصحاب البنية الحرضية عندهم نبوغ في الرياضيات.
ملاحظات هامة حول (الأكزيما البنيوية):
يجب إبقاء الجلد غير جاف بالاستعمال المتكرر للمرطبات؛ لأن الجفاف يتلوه حك، ينتهي بالإنتان وزيادة التأكزم.
يفضل غمس الجسم بالماء الفاتر أو الدافئ لمدة 10 دقائق، ثم دهنه بالمرطب العازل مثل الفازلين قبل أن يجف الجلد، وبذلك يبقى الماء في الجلد ولا يتبخر.
هناك مستحضرات جديدة لإبقاء الجلد رطبا لفترات طويلة، مثل الـ ريبير يامانوشي، واندريال روك، والأحدث وهو حمض النيكوتين الموضعي، وغيرهم الكثير، وفي حالة عدم توفرها يمكن استعمال زيت الزيتون أو الغليسيرين أو أي مادة مرطبة، على أن يتم اختبارها على مساحة صغيرة لعدة أيام، وتقارن بموضع مناظر لها، فإن تم التحسن والتحمل استمرينا في استعمالها مع التعميم.
يجب الابتعاد عن الغبار والمثيرات الأخرى، وكل الأشياء التي تتطاير منها الجزيئات، مثل الطيور (ريشها) والقطط (وبرها) والنباتات (طلعها) والسجاد (غباره) وهكذا حسب معرفة المريض نفسه بما يثير مرضه، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج .
يفضل ألا يستعمل السجاد في البيت، وأن تكون المخدة قطنية غلافها جلدي، والفراش مغلف بمادة جلدية لا تتطاير أجزاؤها، ولا ما بداخلها، وألا يكون في غرفة المريض زوايا تحمل الغبار، وأن يتم التنظيف للغرفة بغياب المريض بواسطة آلة الشفط (المكنسة الكهربائية) أو باستعمال الماء، وليس بالكنس الذي يسمح بتطاير الجزيئات.
كما يجب مراعاة نفسية المريض دون دلال مفرط مفسد، ولا شدة تزيد من عنائه.
يجب تجنب الخروج أيام تطاير الجزيئات في الجو على اختلاف مصادرها.
عدم الدخول والخروج من أوساط متفاوتة الحرارة والرطوبة قدر الاستطاعة، أي الحياة بوسط معتدل مستقر ماديا وعضويا ونفسيا.
للمساحات الصغيرة تبقى المراهم الكورتيزونية هي الحل الفعال، والتي منها الهايدروكورتيزون 1% وهو أضعفها، ولكن الإليكوم هو قوي نسبيا للاستعمال عند الأطفال؛ ولذلك ينبغي ألا تستعمل لفترات دون الإشراف الطبي، كما يمكن استعمال البدائل الحديثة للكورتيزونات، مثل الماكروليماس، والبيماكروليماس، ولكنها غالية، وبالطبع لأنها جديدة وحديثة، ويجب أيضا المتابعة مع الطبيب، ولا تؤخذ دون إشراف.
أما المساحات المتوسطة والكبيرة، فيجب عندها إدخال الأدوية الجهازية العامة، مثل الكورتيزونات أو السيكلوسبورين، ولكل منها بروتوكولها الخاص الذي يحدد الجرعات والمتابعة والاستطبابات، ومدة العلاج... وهكذا.
كثير من المرضى يحتاج مضادات الهيستامين المنومة؛ وذلك لتهدئة المريض والحكة بشكل غير مباشر.
المضادات الحيوية قد تؤخذ لفترات طويلة؛ وذلك لقتل الجراثيم المتعايشة على سطح الجلد، والتي تعمل كمولدات أضداد (مثيرة للحساسية) وبذلك تهدأ دائرة تحريض المرض.
من العلاجات المفيدة جدا والتي قد تؤدي عند نسبة عالية من المرضى إلى الاستغناء عن أغلب الأدوية ما عدا المرطبات، هو العلاج بالأشعة فوق البنفسجية، والتي تحتاج إلى مراكز متخصصة، وغالبا ما يتحسن المرض تدريجيا خلال أسابيع، وقد يحتاج علاجا مساعدا في بدء العلاج ليستطيع تحمله أكثر.
وهناك نوع أحدث من الأشعة فوق البنفسجية وهي (Uva 1) وهي فعالة جدا، ولكن غير متوفرة بشكل كبير؛ نظرا لغلاء أسعار الأجهزة؛ ولأن استعمالاتها خاصة وقليلة، وهي لا تستعمل في عمر ابنتك.
هناك الغلوبيولينات المناعي والتي تعطى في المستشفى في غرف العناية المركزة، وهي غالية جدا، ولكنها مفيدة جدا أيضا .
الحالات التي لا تستجيب تحتاج إلى مراكز متخصصة للتثقيف والعلاج والمتابعة.
ختاما: الحل الجذري غير موجود، إلا أن تجنب المهيجات للمرض يعتبر أسلم وأرخص السبل، وقد تغني عن العلاج، وإلا فلابد من العلاج حسب الحالة واللزوم، وفي حال شديدة كحالة ابنتك يجب المتابعة مع طبيب أمراض جلدية متخصص على المدى القريب والمدى البعيد؛ لأن المرض تتفاوت شدته وتختلف علاجاته من يوم لآخر، ومن فصل لآخر، ومن عمر لعمر.
وعلينا أن نعلم أن المرض مزمن ومعاود؛ ولذلك الوقاية ضرورية، واستعمال الأدوية العنيفة يجب أن يقنن خاصة مع توقع النكس.
نسأل الله لها الشفاء العاجل.