السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم، وجعل ما تقدمون في ميزان حسناتكم.
سؤالي عن بعض الأشخاص المصابين ببعض الأمراض الجلدية، لا أعرف ماذا تكون؟ ولكن منها البهاق، والصدفية، والثعلبة، وغيرها عافانا الله وإياكم وجميع المسلمين منها، فعند السلام على الشخص المصاب ماذا يجب فعله بعدها كيلا يصاب المرء بالعدوى؟ وهل يكفي الغسل؟ طبعا أقصد حينما يكون المرض معديا، ولا أدري بخصوص الثعلبة والصدفية والبهاق، وهل تعدي أم لا؟
أم يحتاج إلى استخدام السبيرتو الكحول الطبي، أم هناك مثلا الـ هايجين وهذه الأشياء كيلا تنتقل العدوى؟ وطبعا مستحيل ألا أسلم على الشخص المصاب، وخصوصا بعد فترة من البعد وغيره؟ وربما أيضا لا يتوافر الغسل -مثلا- عند اللقاء بالباص، فما العمل؟
وأيضا: إذا قمت بزيارة مريض ومرضه معد، فكيف أقي نفسي مع ضرورة الزيارة والمصافحة، وربما العناق؟
وماذا نعني بكلمة تعقيم؟ وكيف أحصل على التعقيم في بيتي مثلا وأغراضي ويدي؟ وهل غسل اليدين بالماء كاف؟ وهل الوضوء مع خلخلة وفرك الأصابع يعتبر تعقيما؟
وأخيرا: كيف تتجنب الإصابة بالجدري حيث إنه منتشر جدا هذه الأيام هنا بالأردن؟
أسأل كي يميز المرء ما بين التوكل والأخذ بالأسباب، وبين الوساوس والأوهام المزعجة جدا جدا.
بارك الله فيكم. وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فليست كل الأمراض مثل بعضها، فمنها المعدي -أي: الذي ينتقل للآخرين- ومنها غير المعدي.
والأمراض الجلدية أيضا تدخل في هذا التصنيف، فمنها المعدي، ومنها غير المعدي.
وبشكل عام فالأمراض المعدية هي التي يكون لها مسبب من الكائنات الدقيقة الحية، أي: جرثومي أو فيروسي أو فطري أو خمائري أو من وحيدات الخلية أو غير ذلك.
وهناك بعض الأمراض التي يكون سببها كائنا حيا ولكنها لا تنتقل مباشرة، بل تحتاج إلى وسيط للنقل مثل حبة حلب (اللايشمانيا ) وغيرها الكثير.
إن امراض الوراثية كالمنغولية والتشوهات الخلقية لا تنتقل بالتلامس، وأما الصدفية والبهاق والثعلبة فكلها أمراض ظاهرة على الجلد، وهي كلها لا تنتقل بالتلامس وغير معدية، ولا داعي لاتخاذ أي إجراء وقائي أو احترازي لا قبل ولا بعد ملامسة المريض لها.
هناك طرق كثيرة تنتقل فيها الأمراض، فمنها ما ينقل العدوى باللمس أو بالرذاذ -أي: اللعاب المتطاير من الفم عن طريق الكلام أو السعال- أو بالتلامس الصميمي، أو بنقل الدم، أو بالاتصال الجنسي.
هناك اختصاص كبير اسمه الأمراض المعدية، ولا نستطيع تلخيصه بأسطر أو حتى بصفحات، وهناك اختصاص كبير أيضا واسمه الطب الوقائي، ولا نستطيع أيضا تلخيصه بأسطر أو حتى بصفحات في هذه الإجابة.
وبشكل عام فإن كانت هناك زيارة لمريض عنده مرض معد فالاحتياطات الكلية هي:
استعمال القفازات، والقناع على الفم والأنف، ولبس السترة الواقية للجسد، وتجنب اللمس المباشر مع الجلد، وخاصة الموضع المريض.
أما إن حصل تماس مع مرض جلدي معد دون حائل فالغسل مباشرة بالماء والصابون غالبا يكفي، ولا مانع من اتباعه بالسبيرتو الكحول.
وأما الأمراض المنتقلة بالرذاذ فلا يمكن التخلص من الرذاذ بعد دخوله وابتلاعه (ومن ذلك زيارة مريض بجدري الماء، واستنشاق الرذاذ، ولو على بعد أمتار وبدون قصد الاستنشاق غالبا ما يؤدي للعدوى).
إن كان المريض مصابا بمرض معد فعلينا ألانخجل منه، وألا نجرح شعوره، فالصراحة ضرورية، ولكن بلطف وأدب.
وأما إن كان المرض الظاهر واضحا ولكننا لا ندري هل هو معد أم لا؟ فالأولى السؤال وبلطف فإن كان معديا فيجب الاعتذار وتثقيف المريض ألا يصيب أحدا بالعدوى.
وأما إن كان المرض غير معد فلا داعي لإحراجه ولا كسر خاطره ولا حتى سؤاله أو فتح الموضوع معه، ولا داعي لاتخاذ أي احتياط فالمرض غير معد.
وأما مرض الجدري (جدري الماء أو الحماق ) فهناك تلقيح حديث للوقاية منه، كما أن المرء يصاب به مرة واحدة في حياته، ويفضل أن تكون وهو صغير لينتهي من المشكلة.
ختاما: يجب عدم الوسوسة وعدم الإساءة للناس ومشاعرها، فالمرض غير المعدي لا ينتقل، والمرض المعدي قد ينتقل، ولكن لكل مرض طريقة عدوى مختلفة، والإجراءات الوقائية تختلف حسب المرض والمسبب.
وبما أنك تقول: إنه مزعج جدا جدا؛ فهذا يدخل في الوسوسة، وأقترح إرسال استشارة للمستشار النفسي في الشبكة - حفظه الله - تفصل فيها تلك المشاعر الوسواسية التي تشتكي منها لحلها قبل أن تتفاقم أو على الأقل قبل أن تزعجك وتزعج من حولك، خاصة من أهل البيت أو من المرضى الأبرياء الذين يكفيهم مرضهم، ولا داعي لتحميلهم ما لا ذنب لهم فيه.
وفقك الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.