مشكلة اضطراب الشهية الناتجة عن الرغبة الشديدة في إنزال الوزن

0 730

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا على جهودكم، أما بعد:
أنا لدي مشكلتان:

الأولى: أنا لا أعرف كيف أتناول الطعام كالأشخاص الطبيعيين.
بدأت هذه المشكلة عندما كنت في سن 13 عاما، في سن البلوغ، لاحظت والدتي أنني بدأت أسمن، وبدأت الدهون تظهر في أردافي، أخبرتني أن شكلي (كالبطة) لأنتبه على نفسي، إلا أنني ذهبت إلى غرفتي وبكيت لأنني كنت حساسة جدا، وغبية، وقلت: (سأريها كيف البطة).

ازداد وزني من 40 كلغ إلى 65 كلغ (طولي 160) وعندما كنت في الثالث المتوسط (15 عاما) تناولت الطعام لدرجة الاستفراغ، وهنا بدأت الدوامة، أعجبتني الفكرة، فأصبحت أتناول وأستفرغ بشكل لا يوصف، وبدأ وزني ينقص.

مدرسة اللغة الإنجليزية (أمريكية) سألتني ما هو ريجيمي؟ فأخبرتها، لم أكن أرى عيبا في الموضوع، فتفاجأت ونهرتني، وقالت: إن هذه حالة تدعى Bulimia nervosa وأخبرتني عن أضرارها، إلا أن هذا لم يردعني!
والدتي كانت تعلم، وكانت تنهرني، بعدها أخبرتها أني توقفت، ولكني لم أتوقف حتى الآن.

دخلت الجامعة، أصبح وزني 50 كلغ، إلا أن الدهون لا تزال في جسمي، خاصة أردافي، بدأت أشرب الشاي الذي يسبب الإسهال (9 - 15 كوب باليوم) وأتناول التمر الهندي (لأنه يسبب الإسهال).

كنت (ولا زلت) أكره شكلي، فأنا أريد أن أصبح كالعارضات، خاصة أن أختي التي تكبرني بعامين نحيفة جدا (وزنها 45 كلغ، وطولها 160، في السابق كانت 80 كلغ).

المهم:
منذ عام بالضبط تعلمت كيف أحسب سعراتي، تعلمت الكثير من العادات السيئة، فأصبحت بدلا من أن أبلع الطعام أبصقه -أكرمكم الله- خلال شهر نزلت 10 كلغ وأصبحت 40 كلغ، لكن الدهون لا تزال بأردافي.

انقطعت الدورة، تساقط شعري، كنت بحالة صحية سيئة جدا.

فزدت وزني إلى 45 كلغ وأصبحت أتناول المكملات الغذائية، توقف شعري عن التساقط، وعادت الدورة.

الآن مشكلتي أنني أريد أن أعود إلى 40 كلغ، فأنا عظمتي عريضة، وحوضي عريض، فشكلي أسمن من وزني، كما أنني أريد أن أكون طبيعية.

فأنا طول اليوم أفكر بالطعام، أحلم بالطعام، عندما أمشي بالجامعة أحلل جسم كل فتاة، اسألني عن أي طعام أخبرك بسعراته، لو تناولت أكثر من 400 سعرة حرارية أشعر برغبة بالموت.

انخفض معدلي الجامعي، أصبحت سخيفة، فكل مواضيعي تدور حول الرجيم، أصبحت لا أذهب إلى بيوت صديقاتي لأني لست نحيفة كما يجب (فأنا أرتدي عباءتي طول اليوم في الجامعة).

هذه ليست حياة، أشعر بالتعاسة، أريد أن أكره الطعام لأنحف دون هم، لكني أحب الطعام.

قد تعتقدون أني سخيفة، وأن هذه ليست مشكلة، إلا أنني لا أستطيع أن أتحمل النظر إلى شكلي.

أتذكر في إحدى المرات تناولت 40 تمرة (920 كالوري)، كان من المفترض أن أتناول 3 تمرات (69 كالوري) كانت الماء مغلية (أردت أن أشرب شاي) كنت غاضبة جدا من نفسي، بدون وعي سحبت سكينا وحميته بالماء المغلي وضعته على معصمي، لا أعرف كم مرة كررت الحركة، إلا أن الحرق كان من الدرجة الثانية.

كما أنني منذ أن بدأت أسمن، وأنا كل مرة أخفق فيها، أجرح نفسي من أردافي كعقاب، فهذا سيزيدها تشويها، وسأتعلم كيف أضبط نفسي أكثر، في إحدى المرات كنت أنظر إلى نفسي في المرآة، فأحضرت المشرط وجرحت خطا طويلا، من أعلى فخذي إلى ركبتي، هذه هي الشحوم التي أردت إزالتها، بعدها بكيت بشدة، وتناولت الأقراص المنومة، فأنا أهرب كثيرا بالنوم، وعندما أشعر بأني سألخبط بالأكل أتناول الأقراص المنومة.

لا أحد يعرف عن هذا الجنون الذي سببته لنفسي.

كل ما أريده هو أن أتناول الطعام دون أن أفكر بسعراته، وبعد كم دقيقة أستفرغ، وكم دقيقة سأمشي، وكم كوب من الشاهي المسهل سأشرب...كيف أتوقف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غبية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

حقيقة نحن نأخذ رسالتك بكل جدية، ولا نعتقد مطلقا أنك سخيفة كما ورد في رسالتك، أنت لديك مشكلة حقيقية هي مشكلة نفسية معروفة، لا أقول إنها شائعة، ولكن معروفة، وما ورد من وصف دقيق في رسالتك يجعل التشخيص سهلا جدا، وأتفق تماما مع معلمة اللغة الإنجليزية التي ذكرت لك أنك تعانين من البوليميا (Bulimia nervosa )، ولكن حالتك الآن ليست بوليميا وإنما هي( Anorexia nervosa) ) أو ما يسميه البعض باضطراب الشهية للطعام العصابي، وكثير من الفتيات تبدأ الحالة لديهن بالإفراط في تناول الطعام ثم بعد ذلك الاستفراغ، وهذه هي البوليميا، ثم بعد ذلك يحدث هذه الانشغال الفكري التام بالوزن وبالنحافة وباحتساب السعرات، وتناول المسهلات، وفي بعض الأحيان تناول المدررات للبول، وكذلك ممارسة التمارين الرياضية بصورة عنيفة وسرية.

وانقطاع الدورة الشهرية لمدة ثلاثة أشهر هو واحد من الشروط التشخيصية لهذه الحالة:

أولا: هذه الحالات بكل صدق وأمانة تحتاج إلى تغير مفاهيم، لابد أن تحاولي أن تغيري من مفاهيمك، يقال: إن السبب الرئيسي للحالة هو انشغال الكثير من الفتيات بما يعرض في التلفاز والمجلات فيما يخص عرض الأزياء بواسطة بعض النساء، إن النحافة هي الشيء الأفضل والمطلوب والمرغوب للفتاة.. هذه إحدى النظريات، أن هذا التأثير الضخم من الأجهزة الإعلامية يجعل الفتاة تشعر بصورة داخلية وعلى مستوى العقل الباطني بأنها لابد أن تتغير وتكون أيضا نحيفة.

ولذا تلجأ الفتاة -وهي مجبرة- على السلوكيات الغير سوية، ومن خفض لكميات الطعام، أو اللجوء إلى الاستفراغ أو المسهلات أو التمارين الرياضية العنيفة من أجل إنقاص الوزن، وهنالك دراسات تشير أيضا أنه ربما يكون هناك نوع من الخلل الهرموني، وهذه نظرية معتبرة وهي نظرية البرفسور/ رسل، وهو على قيد الحياة، وهو يعتبر من السلطات الكبيرة في العالم في دراسات مثل هذه الحالات.

والمطلوب هو تغير المفاهيم أن الإنسان يجب أن يظهر بالمظهر المعقول من ناحية شكله ووزنه بقدر ما يستطيع.

ثانيا: عليك أن تعرفي وزنك الطبي وذلك اعتمادا على الطول، ثم تحتمي مع نفسك التحتيم الكامل أنك يجب أن تكوني حول هذا الوزن الطبي لا أكثر ولا أقل، وأفضل طريقة للسعي هي أن تحتمي مع نفسك أنك سوف لن تستفرغي الطعام ولن تحسبي السعرات الحرارية ولكن لابد أن يزيد وزنك بمعدل كيلو كل أسبوع مثلا، فهذا الإصرار الداخلي يمكن أن يساعد كثيرا إذا قويت الإرادة.

الشيء الثالث: هو الإصرار على النفس والإصرار التام بأن توقفي الممارسة الخاطئة، وهنالك ممارسة خاطئة تتعلق بهذه العلة، ومنها ما يتعلق باستفراغ الطعام ومحاولتك لإزالة الشحوم هذا بكل أمانة أمر خطير جدا ويجب أن لا يتكرر.

رابعا: يجب أن تتأكدي أنه ثبت علميا أن مقاسات الجسد خاصة في منطقة الأرداف، وتتخيل الفتاة المصابة بعلة Anorexia nervosa أنها أكبر مما هي في الواقع، إذن أقنعي نفسك بأن هذه الفكرة خيالية وليست فكرة صحيحة.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، الدراسات تشير وبفضل الله تعالى أن البروزاك دواء فعال جدا لعلاج حالتك Anorexia nervosa، ولكن يتطلب الالتزام التمام بتناوله، ولابد أن تصل الجرعة إلى 60 ملم في اليوم أي ثلاث كبسولات، ابدئي بتناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم أي 60 ملم، يمكن تناوله بمعدل كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتان في الليل، ولابد أن تستمري على هذه الجرعة لمدة سنة كاملة، والجرعة اليومية يجب الالتزام بها، والعلة في أن هذا الدواء يفيد هنالك نظرية أيضا تقول: إن علة Anorexia nervosa ربما تكون مرتبطة ببعض اضطراب في مادة السيرتونين والتي هي من الموصلات العصبية التي تمت دراستها بصورة مكثفة، واتضح أنها ذات صلة وثيقة بكثير من الحالات النفسية والنفسوجسدية.
يعتبر الدواء سليما جدا.

وكما ذكرت لك المدة المقررة للعلاج هي سنة على جرعة 60 ملم، بعد ذلك تخفض الجرعة لمعدل كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر أي تستمري على الجرعة الوقائية لمدة 18 شهرا.

حقيقة مثل هذه الحالات يجب أن تكسري قناع السرية الذي يكون مرتبطا بمثل هذه الحالات، وتقابلي أخصائية نساء من أجل الجلسات الكلامية الأسبوعية، والجلسات الكلامية فيها المساندة وفيها تصحيح المفاهيم، وتؤدي إلى التفريغ النفسي وتؤدي إلى تصحيح المسار الفكري لدى الإنسان، وهنالك الكثير من المغالطات المعرفية التي يعاني منها مرضى اضطراب الشهية العصابي، فأنا أنصحك تماما بأن تقابلي أخصائية نفسية، ولكن في ذات الوقت أعلم أنه ربما يصعب عليك التطبيق بصورة منفردة، ولابد من المساندة والمعالج النفسي يكون مساندا جدا، وتعتبر نسبة العلاجات في مثل هذه الحالات هو 70 إلى 80 %، وفي نظري هي نسبة عالية جدا وممتازة جدا، فأرجو البحث عن أخصائية نفسية مناسبة تحفظ السر وتساعدك وتقدم لك المشاورة والتوجيه والعلاج المعرفي الذي هو مطلوب في مثل هذه الحالات.

ولابد أن تتناولي البروزاك ففعاليته قد أثبتت تماما، وهو بجانب أنه سوف يجعلك تغيرين مفاهيمك حول نفسك، وسوف يتحسن مزاجك وسوف يتوقف إرجاع الطعام والسلوكيات السلبية الأخرى المتعلقة بعلة Anorexia nervosa.

أسأل الله لك الشفاء والتوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات