اكتئاب ما بعد الولادة وعلاقته بابتعاد الزوج والاستعداد النفسي

0 681

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا امرأة متزوجة منذ سبع سنوات تقريبا وأم لثلاث بنات، وقد عانيت منذ أربع سنوات من نوبات قلق واكتئاب بعد ولادتي لابنتي الثانية، وعند بلوغها ثمانية أشهر عانيت من نوبات قلق، فتناولت عقار البروزاك والزاناكس لمدة سنتين، وعند حملي بابنتي الثالثة تركت العلاج وكانت أموري جيدة ولله الحمد.

وبعد ولادتي لابنتي الثالثة أصبت باكتئاب ما بعد الولادة، وكنت لا أستطيع النوم، واستمررت عشرة أيام، وذهبت بعدها للطبيب النفسي فوصف لي اللكستونيل، وأستخدمه حتى الآن سنة وأربعة أشهر -، وفي هذه الأيام أشعر بصعوبة في النوم حتى لو أخذت أقراصا منومة مثل الدرميكل، وجرعته 15 ملجم، ولكن بدون فائدة، وكلما يأتي الليل أكره الذهاب إلى السرير وأشعر أني لن أستطيع النوم، وفعلا أنام دقائق وأصحو، ثم أذهب وأجلس خارجا.

والذي يؤرق حياتي ولم أستطع التأقلم عليه هو غياب زوجي كثيرا عن البيت بسبب العمل، والنوم خارج المنزل ثمان ليال والرجوع لمدة أسبوع وهكذا، وكلما أشعر بأن موعد الدوام اقترب أشعر بالقلق والاكتئاب، وأحيانا كثيرة أتمنى الموت لكي أرتاح من هذه الحياة؛ لأن غيابه يسبب لي مخاوف لا أعرف سببها، ولم أعد أهتم ببناتي، وأشعر بتأنيب الضمير، وقد صارحت زوجي كثيرا بأن بعده عنا يسبب لي القلق ولكن دون جدوى، فما الحل وما العمل؟!

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الواضح أن لديك استعدادا للقلق والتوتر؛ لأن اكتئاب الولادة أو ما بعد الولادة لا يأتي إلا للذين لديهم استعداد لذلك، وابتعاد الزوج لفترة طويلة أيضا أثر على صحتك النفسية بصورة واضحة، ولكن لابد أن يكون عندك نوع من التفكير المنطقي والموازنة المنطقية، فلا شك أن زوجك يغيب من أجل العمل، وهذه طبيعة عمله، ولا شك أن العمل هو غاية كل إنسان، وفوق ذلك هو مصدر الرزق للأسرة.

فلابد أن تنظري لهذا الأمر من زاوية مختلفة تماما، وهي أن زوجك لديه مسئولية وهو يقوم بعمله، ويجب أن يشجع على ذلك مهما كان البعد ومهما كان غيابه، وأنت عليك أن يكون لديك المقدرة والتوكل واليقين والطمأنينة، وأن تقومي بواجباتك المنزلية في غيابه، وأسأل الله تعالى أن يهيئ له عملا لا يغيب فيه عن المنزل لفترات طويلة.

وأما ما يتعلق بتناولك للعقار المنوم لفترة طويلة فأرى أن ذلك أضر كثيرا بصحتك النفسية، فالمنومات يسهل التعود عليها، وهي لا تحسن المزاج، بل ربما تؤدي إلى توتر داخلي، وربما تؤدي إلى شعور اكتئابي، وهي لا تؤدي إلى نوم صحي، فأرجو التخلص من هذا العقار المنوم بالتدرج، وهناك بدائل كثيرة أخرى، وأنت تتناولين أحد مضادات القلق والخوف والاكتئاب، وهو في ذات الوقت يحسن النوم، والدواء الأفضل هو ريمانون، فأرجو أن تتناوليه بجرعة 30 ملم ليلا أي حبة واحدة، وتناولي معه عقارا آخر يعرف باسم أتاراكس بجرعة 25 ملم ليلا، وأعتقد أنك تحتاجين لتناول الريمانون لمدة عام كامل على الأقل، وأما الأتاراكس فيمكنك تناوله يوميا لمدة ثلاثة أشهر، وهذا يكفي.

وبجانب ذلك حسني من صحتك النومية بممارسة التمارين الرياضية قدر المستطاع، وتجنبي النوم أثناء النهار بقدر المستطاع، وتوقفي تماما عن تناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساء، وكوني حريصة على أذكار النوم، وأنت ذكرت أنك غير مرتاحة وأنك تتمني الموت، وهذا ليس بصحيح، ولا يمكن أن نتفق معك فيه، فأنت مسلمة ونحن نعيش في هذه الأمة العظيمة، ومن مهام الإنسان أن يعمر الأرض، ونعم الله علينا كثيرة، وأنت لديك الزوج، ولديك الذرية، وأنت في مقتبل العمر فلماذا تفكرين بهذه السلبية؟ فالمشاكل التي تعانين منها -وأنا لا أبسطها- لا تعني أي شيء بالنسبة للمشاكل التي يعاني منها الكثير من الناس.

فأرجو أن تغيري من تفكيرك، وأرجو أن تتناولي الدواء الذي ذكرته لك، وأرجو أن تبذلي الكثير من الجهد لأسرتك، ويمكنك أيضا أن تجتمعي مع أخواتك الصالحات وإذا كان هنالك دروس أو حلقات قرآنية فهذا أمر حسن وطيب، وكوني حريصة على الذهاب إلى هذه الأماكن وهذه الحلقات، وإن شاء الله تجدي فيها الراحة والاستقرار والمساندة والاستبصار.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات