بحث الإنسان عمن يصدقه المشورة ويمحضه النصيحة في المحيطين به.

0 498

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا فتاة لا أثق في حكم أهلي على الأمر، وذلك نتيجة لجهلهم، وأبي قد توفاه الله، فأعتمد على الأصدقاء، ولكن بعد مدة ظهر لي أن أصدقائي لا يهتمون بأموري، فهم لا يبدون آراءهم بمصداقية تامة، ويؤذونني بكلمات تضايقني، وقد أخبرتهم بأن ذلك يضايقني ولكنهم يكررونها، ففسرت هذا بغيرة العمل، ولم نعد أصدقاء، ولا أثق الآن في أحد، فهل العيب في شخصي أم أن هذا الزمان ساء فيه كل شيء؟!

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ باحثة عن الأمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب ك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك في أي وقت وفي أي موضوع، واعتبرينا أهلك وأصدقاءك، فقلوبنا مفتوحة لك ولأمثالك في أي وقت، فخدمتكم شرف لنا نبتغي عليها الأجر من الله الواحد الأحد، ونسأله جل وعلا أن يعوضك خيرا وأن يصلح ما بينك وبين عباده.

وبخصوص ما ورد رسالتك فإن الظروف التي يمر بها الإنسان لها أثر بين واضح في سلوكه وأخلاقه، وكذلك حجم ومقدار الثقافة والمعارف التي تلقاها، فكل ذلك يؤثر بصورة أو بأخرى في سلوكياتنا جميعا، ولا يخفى عليك صعوبة الظروف التي يعيشها الناس خلال هذه الفترة، حيث اضطربت كثير من الثوابت تحت ضغط لقمة العيش وقوة الظروف، فأصبح هم السواد الأعظم من الناس أن يقضي يومه وأن يمر عليه بأي صفة أو طريقة كانت؛ لأنه يعلم أن هناك مشكلة في انتظاره غدا، حيث يدرك أنه يبدأ المعركة يوميا من الفجر وحتى العشاء، وهذا مسلسل لا يتوقف.

وكل ذلك أثر فعلا أثرا واضحا على سلوك وتصرفات واهتمامات الناس، وأصبحت الغالبية تقول: نفسي نفسي، وفي أحايين كثيرة لا يركز على أي شيء يسمعه أو يدور حوله، فهو غالبا شارد الذهن مشتت التفكير، ولذلك عندما تسألينه في أمر ما فيجيبك بأي جواب يظهر على لسانه، فالمهم أن يؤدي المهمة بأي صورة كانت؛ لأن أمرك الآن أصبح لا يعنيه، حتى ولو كنت قريبة أو صديقة له، فالناس مساكين مطحونون بائسون.

فكل ذلك أدى إلى ظهور الصورة السلبية التي تتحدثين عنها، وأصبح فعلا أن من الصعب أن تجدي صديقا صدوقا وفيا، وضاعت كثير من القيم والمبادئ التي عاشها الناس طيلة عمرهم وظهرت قيم ومبادئ لا تمت إلى القيم والمبادئ بأدنى صلة، ولذلك وضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة عامة للتعامل حتى ولو مع صلاح الزمان واستقامة الناس، حيث قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول الشافعي رحمة الله تعالى عليه: (ما حك جلدك غير ظفرك، فتول أنت جميع أمرك).

فابحثي عن مصلحتك وحافظي عليها ولا تنازعي أحدا حقه، واحتفظي بسرك لنفسك وفي نفسك ولا تثقي بأحد حتى ييسر الله لك أختا أو أخا صادقا صدوقا تأتمنينه على أسرارك وتستنيرين برأيه وتستعينين به بعد الله على نوائب الدهر والزمن، وتأكدي بأن هذا الصنف موجود ولكنه نادر، فابحثي عنه ولا تتعجلي ولا تيأسي فإن الخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة، واقبلي من الناس تصرفاتهم على ما هي عليه؛ لأن هذه هي قدراتهم وإمكاناتهم ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

نسأل الله أن يفرج همك وييسر أمرك، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات