السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة متزوجة، والحمد لله زوجي يحبني كثيرا وأنا أيضا أحبه بشدة، واضطرته ظروف الحياة إلى السفر للخارج، وظل بعيدا عني 8 شهور وتعبت نفسيا جدا من فراقه وكنت دائمة البكاء وهو أيضا لم يطق الفراق عني وعن ابنته التي تركها وعمرها 20 يوما، ثم رجع من الخارج وطلب مني أن أحضر نفسي للسفر إليه بعد عودته للخارج ولكن المشكلة أني أيضا متعلقة بأبي وأمي وإخوتي كثيرا، ولا أطيق فراقهم، ومنذ الآن حتى قبل سفري إلى زوجي وأنا أبكي لفراقهم! فماذا أفعل؟ دلوني بالله عليكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أم فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنك تشكرين على حبك لوالديك، وأرجو أن تحرصي على رضاهم، ولكن ينبغي أن تعلمي أن أولى الناس بالمرأة زوجها، وأن سعادة والديك سوف تكتمل بسعادتك التي لا تتحقق إلا بطاعة الله ثم بالعيش في كنف زوج يحبك وتحبينه وتحرصي على إرضائه وإعفافه، وتحسني إدارة بيته ورعاية عياله، ومرحبا بك في موقعك، وأنت عندي بمنزلة البنت وهذه نصيحة أب شفيق فاحرصي على أن تكوني مع زوجك، واجتهدي في التواصل مع أهلك وبالسؤال عن أحوالهم وبالدعاء لهم ومساعدتهم إذا كانوا محتاجين بقدر استطاعتك، واعلمي أن كل والد ووالدة يدركان أن هناك يوما سوف تفارقهم فيه فتاتهم إلى عش الزوجية وهكذا تمضي الحياة كما أراد الله.
وأرجو أن لا يشعر الزوج بأنك تفضلين البقاء في البيت على السفر معه، وأرجو أن يعلم الجميع أن الفراق صعب للوالدين بعد السنوات الطويلة التي يقيم فيها الإنسان بقربهم، ولكن الناس في الدنيا يجتمعون ويفترقون ويعيشون ويموتون، والمهم في كل ذلك أن يترك الإنسان الذكريات الطيبة والمعاني الجميلة وأن يكون الغيث حيثما وقع نفع.
ونحن نؤكد أن مشاعر الحزن المذكورة عمرها قصير، وأن والديك أيضا سوف يكونان في غاية السعادة بعد سفرك مع الزوج رغم مرارة الفراق، وأنا أكلمك بمشاعر والد، فلا تلتفتي إلى الدموع وقدمي العقل على العاطفة، واعلمي أن بر الوالدين يتحقق بالقرب منهم وبالبعد عنهم إذا كان بالجسد فقط، كما أنه يكون في حياتهم وبعد مماتهم، والله سبحانه هو الحافظ لك ولوالديك ولزوجك وهو سبحانه أرحم الراحمين.
فاتقي الله في نفسك وتذكري أن الفتاة لم تتزوج لتكون مع والديها، ولو كان آباؤنا وأمهاتنا يدومون لنا لما استبدلناهم بغيرهم – ولكن أين أجدادك وأجدادنا؟
ونسأل الله أن يعينك على القيام بحق زوجك وبحق والديك وبحق أبنائك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونبشرك بأن بر الوالدين من الحسنات التي يجد الإنسان طعمها وثمارها في هذه الحياة برا في الأولاد وسعادة في توفيقه في الحياة مع ما ينتظر البررة من الثواب الجزيل عند ربنا الجليل سبحانه.
والله ولي التوفيق.