السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. تحية طيبة مزجاة لمن سهرت أعينهم في طاعة الله لحل مشاكلنا وهمومنا كشباب مسلم في هذا العالم الكبير.
أنا في الفصل النهائي من دراستي الجامعية، وستنتهي دراستي بشكل كامل في الصيف إن شاء الله، وكنت في بداية أيامي الجامعية مندفعا في أحاسيسي تجاه الجنس الآخر، خاصة أنني انتقلت من بيئة محافظة إلى بيئة مختلطة لا يجد فيها الجنسان حرجا، فيتبادل المزاح والنكات ونحو ذلك، وكانت رحمة الله تمنعني من الوقوع في المحظور، وأحسب أن خجلي من الجنس الآخر كان هو الدافع وراء المحافظة وعدم الانجراف، إلا أن هذا دفعني للكلام مع الفتيات على الماسنجر، وبعد فترة امتدت سنة تقريبا من الله علي بالعتق من هذا الشيء.
وبعد ذلك جاء التحول فأصبحت أحاول أن أجعل علاقتي بالجنس الآخر في حياتي الواقعية لتلافي الماسنجر وأوهامه، إلا أن علاقاتي كانت لا تتعدى الزمالة، حتى أنني أحيانا أتظاهر بعدم رؤية من أعرفهن من الفتيات في الجامعة بدافع الخجل، علما أني يعرف عني الالتزام والعمل مع النادي الإسلامي بالجامعة.
وأثناء مشاركتي في إحدى الفعاليات بالجامعة كنت مشاركا فاعلا، وبحكم ذلك كان يحدث تعامل مباشر محدود للضرورة مع الأخوات، وتفاجأت أن بعضهن لا يتصفن بالانضباط في العلاقات مع الشباب، بل ويسهل عليه أن يتعامل بالندية معهم، ونظرا للضغوط أثناء الفعاليات كنت أتعمد تجاهل إحداهن، مع أنها المسئول المرادف لي في قسم الأخوات، وكان ذلك رغبة مني أن يكون الاتصال بين القسمين عن طريق الرئيس فقط، وبعد يومين من انتهاء الفعاليات كنت أمشي في الجامعة فتقابلنا في الطريق ووقعت عيني في عينها فألقيت السلام فلم ترد، مع علمي أنها ليست محافظة في علاقتها بالشباب وخاصة في موضوع السلام، وأعلم أيضا أنها متحررة بعض الشيء في حركتها وأفعالها بالرغم من حجابها.
وهذا الشيء أثر في نفسيتي كثيرا، وما يثير حيرتي أنني كنت أظن أن الملتزمات هن بلا شك المناسبات للزواج المؤدي لأسرة متدينة متمسكة بالدين الصحيح، ولكن بعد تجربتي بدأت أتوجس وأتخوف بأن ظاهر الأمور ليس بالأساس شرط لصحة الباطن.
ورغم أني متساهل بعض الشيء في الحديث مع الفتيات أثناء الدراسة، ومقصر في فريضة الفجر، ولكني أكاد أختنق عند التفكير في الفتيات الملتزمات اللاتي رأيت طريقة تعاملهن، وأصبحت أخاف من الزواج برمته، وأضع علامات الاستفهام على الفتيات المحجبات، فماذا أفعل؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب ك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق وأن يرزقك زوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإن قضية العثور على الزوجة الصالحة أصبحت الشغل الشاغل للشباب المسلم الجاد ليقينه بأن دور المرأة المتلزمة في حياة زوجها وأثرها على أسرتها وأولادها على قدر كبير من الأهمية، وأن نجاح الرجل في أداء رسالته في الحياة يرجع في معظمه إلى الدور الهام الذي تلعبه المرأة في حياته، ولذلك قالوا قديما وما زالوا يقولون: (وراء كل رجل عظيم امرأة)، وهذا حق لا مرية فيه عموما، ولذلك فإن ما يساورك من شكوك وما يعتمل في نفسك من أفكار ما هو إلا رد فعل طبيعي لإدراكك لأهمية الدور الذي تقوم الزوجة في حياة زوجها وأولادها، ولقناعتك كذلك وإيمانك بأن ذات الدين أقدر على إنجاح زوجها وأسرتها أكثر من غيرها، وهذا حق لا شك فيه ولا ريب.
ولكن قضية التزام الفتيات مع الأسف الشديد اعتراها كثير من التغير والتقلب، وأصبحنا نلاحظ تدني مستوى التزام كثير من الأخوات خاصة الجامعيات، بل نلاحظ الآن وبكثرة التمسك الظاهر الأجوف الخالي من حلاوة الإيمان ورونقه وجماله، حيث تكتفي معظم الأخوات بلبس الحجاب عاطفة ويدافعن عن الإسلام عاطفة، ولم تأخذ في نفس الوقت بأدنى قدر من العلوم الشرعية مما يجعلها تتصرف تصرفات تنم عن عدم الالتزام أصلا، ولابد أن يدركن المسئولية الملقاة على عاتقهن حيث ينظر إليهن المجتمع على أنهن قدوة فيحرصن على أن يكن كذلك.
فإذا كنت قد رأيت ما أثار الشك في نفسك تجاه هذا الالتزام الظاهر لدى الغالبية فإن هنالك أيضا من هن على مستوى عال من الطاعة والالتزام ويبحثن عن الزوج الصالح الملتزم، وما عليك إلا أن تعلم أنه كما أنك موجود وسط هذا الجو وفي نفس الوقت حريص على إسلامك بدرجة ما فإن هناك من هي مثلك كذلك وتعاني من قلة الصالحين الملتزمين الصادقين.
فما عليك إلا الإلحاح على الله والإكثار من الدعاء أن يوفقك الله للزوجة الصالحة التي تكون عونا لك على أمر دينك ودنياك، وأبشرك بأنهن كثيرات ومنتشرات في كل بلاد الإسلام، بل حتى في بلاد الكفر تجد أخوات تحتقر نفسك أمام التزامهن الكامل الصادق علما وعملا ودعوة ورسالة وسلوكا مشرفا.
أسأل الله أن يرزقك واحدة منهن، والله الموفق.