انتظار الفتاة لفتى الإنترنت ورفض من تقدم لخطبتها

0 299

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة انطوائية ملتزمة ومن عائلة بسيطة محافظة ولله الحمد، وقد تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت منذ ثمانية أعوام، وكنت جادة في حديثي معه طوال هذه السنوات، ولم أكتم ذلك عن والدي ووالدتي، لأنني أحب أن يشاركوني في كل أموري حتى ولو كان فيها خطأ أو تتضمن ما يضايقهم، حتى أستمد منهم النصح.

وقد طلبت منه أن تتم خطوة جادة كسبا لمرضاة الله، ولكنه يقطن في بلدي الأصلي الذي يمر بظروف سياسية سيئة يصعب معها السفر أو حتى العيش بأمان، وأنا مقيمة في دولة أخرى.

وقد التقينا لأجل الرؤية الشرعية في حضور أهلي في بلد محايد، وشعرت بالارتياح من ناحيته، واستخرت المولى عز وجل، ولكن الصعوبة تكمن في إمكانية حضوره للبلد التي أقيم بها، ولا تتوفر له وظيفة توفر له الإقامة، ولا زلت أحترمه وأقدر فيه قيمه وأخلاقه، وأرفض كل من يتقدم لي وأنتظر أن يجعل الله في أمرنا خيرا قريبا، فما نصيحتكم؟!

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يرزقك زوجا صالحا يكون عونا لك على طاعته.

بخصوص ما ورد برسالتك الكريمة، فإنه ليحزننا عدم تحقق بغيتك من الزواج بهذا الرجل صاحب الخلق والقيم على حد وصفك، بسبب الأوضاع القائمة حاليا، وهذا يؤلمنا حقا، ولكن حسب المؤمن أن يصبر على هذه الأقدار، وأن يتقي الله عز وجل فيها.

ولكن دعينا نقف معك وقفات لعلنا نصل سويا إلى حل لهذه المشكلة:

أولا: قديما قالوا: من صحح البدايات سلمت له النهايات..وهذا ما ينطبق على حالتك..فلو تفكرت قليلا لوجدت أن بدايتك مع هذا الرجل بالتعارف عن طريق النت كان عملا خاطئا؛ لأنه محفوف بالمخاطر، وكم رأينا من حالات شبيهة كانت نهاياتها مأساوية، بحجة التعارف عبر النت والبحث عن الرجل الكفء، فالبحث عن شريك الحياة عبر هذه الشبكة العنكبوتية يشبه البحث عن رجل صالح بين المجرمين، أو يشبه البحث عن حمل وديع بين الذئاب!! فربما وقعت فريسة لذئب وأنت تظنينه خروفا سهل المنال..لذلك جاءت هذه الشريعة الغراء بسد الأبواب التي تنفذ منها المشاكل والأدواء.

وجعلت الخطبة والرؤية فيها سبيلا للتعارف الكافي بين شريكي الحياة مما يمكنهما فيه من تقرير المصير..إما المواصلة أو الانفصال..ما عدا هذه الوسيلة فإنها ممنوعة لأنها في الغالب تجر إلى مثل هذه المشاكل، إن لم تصل إلى المشاكل الأخلاقية، فإنها تخلف جروحا نفسية غائرة تكلف زمنا طويلا لترميمها وإصلاحها، لا سيما في مثل حالتك، ثمان سنوات عجاف!! مدة طويلة جدا كفيلة بأن تصيبك بالإحباط وفقدان الأمل!!

والسؤال الذي يتوجه إليك: ماذا تنتظرين بعد كل هذه السنوات؟ لا شك أننا نقدر وضع خاطبك وظروفه، إلا أن العادة جرت أن المرأة إذا بلغت سنا معينا فاتها قطار الزواج كما يقال..فليس من الحكمة إطالة أمد الانتظار أكثر مما هو عليه الآن..وفي سبيل ذلك يمكنك أن تجعلي اهلك يعتذرون له بلطف ويبينون له أن سنة الحياة تقتضي الانفصال طالما لم يمكن الاجتماع، وأن الله سيعوض كلا منكما خيرا.

وأفضل أن يكون هذا عند وجود فرصة خاطب كفء آخر يجتمع فيه الدين والخلق كصفتين أساسيتين ثم بقية الصفات الفرعية الأخرى إن أمكن كالمال والجمال والحسب والنسب..فكما أنها مطلوبة في الأنثى كذلك لك الحق في طلبها في شريك الحياة، لكن يبقى الفرعي دون الأصلي في المرتبة والأهمية.

وإن كان من عتب لطيف للوالدين الكريمين حيث أقراك على هذا التعارف من بداية الأمر، وصبرا عليك هذه المدة الطويلة، ولا شك أن هذا من حبهما لك، وإتاحة المجال لتختاري شريك الحياة الذي يسعدك، لكنك رأيت بأم عينك كيف أن الظروف حالت بينكما، ولا تبقى إلا ذكريات أليمة محفورة في خبايا النفس..لذلك كان لابد من الحسم في هذا الأمر من بدايته، وعدم التعارف في النت مع الرجال الأجانب سواء كان للزواج أو لغيره..لأن النفوس لها تعلق، وربنا خالقها هو الذي يعلم داءها ودواءها، فأمر بغض الأبصار بين الأجانب، فضلا عن ربط علاقة تدوم ثماني سنوات!!
وقد أسعدنا التزامك، واحترامك لوالديك وإطلاعهما على هذه العلاقة، وسنكون أسعد إذا بادرت إلى تقرير مصيرك من الآن، لأنك أوشكت على بلوغ الثلاثين التي هي عتبة فاصلة في حياة الفتيات غالبا.

وأنت طبيبة وتعلمين أن الشفاء يكون أحيانا بمر الدواء، فتحملي مشقة مرارة هذا الفراق، من أجل تحصيل منفعة أعظم تدوم عليك طوال حياتك بنعمة الزوج الصالح والذرية الطيبة بإذن الله!!

وفقك الله لكل خير ورزقك الزوج الصالح، ويسر الله أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات