التردد بين الدخول في مشروع يدر المال أو المسارعة في أمر الخطبة

1 278

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،، وبعد:

أدخر مبلغا من المال، فما هو الطريق الصحيح إلى الزواج؟ وكيف أتصرف فيه؟ فإن ذهبت لاستئجار مسكن فلن يتبقى معي مبلغ كي أجهز السكن، وإن تركت المبلغ هكذا فإن الأسعار في طلوع، وسيفقد المبلغ قيمته مع الأيام؛ لأن الشيء الذي تشتريه بثمن بعد سنة سيكون أغلى (نسأل الله أن يرفع عنا الغلاء)، فكرت في أن أدخل هذا المبلغ في مشروع حتى يتكون معي مبلغ يكفي احتياجات الزواج من مسكن ومهر وجهاز وغيره، ولكن راودتني مخاوف من فكرة المشروع، فإنه سيتعرض للخسارة والمكسب، وأنا في أمس الحاجة إليه.

وأنا الآن أعمل في شركة ولدي مرتب، فهل أظل أدخر حتى يتكون معي مبلغ يكفي احتياجات الزواج، ولا أخاطر وأدخل مشروعا بهذا المبلغ، أم من الأفضل أن أستأجر مسكنا وأظل فترة مثلا حتى يتكون معي مبلغا لتجهيزه وباقي لوازمه؟

وأريد مشورتكم في أمر آخر، وهو فكرة الخطبة الآن وأنا لا أعرف متى سأتزوج، وربما تطول فترة الخطبة، وخصوصا أنني خضت هذه الخطوة (الخطبة) قبل ذلك وفشلت، أم من الأفضل تأجيل فكرة الخطبة الآن حتى يتكون معي المال الذي يجعلني لا أطيل هذه الفترة، ويجعلني أتزوج بسرعة؟
وجدت فيكم الناصح الأمين، والإخوة الكبار والعلماء.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يعينك على اختيار زوجة طيبة مباركة، وأن يوفقك لإتمام هذا المشروع على خير، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يجعل حياتك كلها سعادة ورضا وأمنا وأمانا واستقرارا.

وبخصوص ما ورد في رسالتك فإنه مما لا شك فيه أن من أكبر المشكلات التي تواجه الشاب المسلم مشكلة الزواج، بل إنها تكاد تكون المشكلة الكبرى التي تواجه الشباب جميعا، حيث إن الظروف التي يعيشها الناس خاصة كبلدكم، مع ظروف ارتفاع الأسعار، وصعوبة الالتزام بشرع الله تعالى عند كل أحد، وشدة الحياة، يجعل فعلا الشاب في حيرة ماذا سيفعل ومن أين يبدأ؟! يجمع مبلغا من المال ويستغرق سنوات، خاصة إذا كنت مجرد موظف عادي، فقد يمضي العمر والإنسان مازال يجمع جنيهات معدودة، وكونك خائف على المبلغ الذي معك فعلا من أن يتعرض للضياع إذا دخل في مشروع أنا معك في ذلك، خاصة وأن كثيرا من الناس نتيجة لضعف الإيمان، والظروف الاقتصادية الصعبة قد يظهر لك التزاما وإسلاما وإيمانا وإحسانا وطاعة، وقد يتعامل معك على أنه عثمان - رضي الله عنه - حتى يستولي على المبلغ، ثم بعد ذلك تأتي لتطلب حقك فلا تجد شيئا، هذا مع الأسف الشديد موجود وبكثرة، خاصة في البلاد التي تعاني من ضغوط اقتصادية أكثر من غيرها.

وكم كنت أتمنى فعلا أن تبحث عن مشروع موثوق، له دراسة جدولية جيدة، يقوم به بعض الثقات وأنت تتعامل معهم؛ لأنه لا يستحيل أن يكون كل الناس على سوء، وإنما كما أن هنالك الطالح فهنالك الصالح، كما أن هنالك الخائن فهنالك الأمين؛ ولذلك أتمنى أن تحتفظ بهذا المبلغ معك، وأن تجتهد في البحث عن بعض الثقات الذين لديهم القدرة على توظيف هذا المال بطريقة صحيحة ولديهم خبرة، بمعنى لا تعط هذا المال لرجل لا زال لا يعرف شيئا وهو رجل مغامر يريد أن يفتح مشروعا فيأخذ المبلغ الذي معك مع المبلغ الذي معه ويدخل في شيء لا يتقنه، ولا يعرف عنه شيئا، فيخسر رأس ماله ورأس مالك معا، وإنما إن وجدت إنسان ثقة أمينا، تاجرا ناجحا بك أو بغيرك، ففي هذه الحالة تعرف عليه أولا وادرس أخلاقه وكيفية معاملاته المالية مع من يتعامل معهم، خاصة من العمال والتجار وغيرهم، فإن وجدت إنسانا ثقة أمينا – وهو موجود ولله الحمد أيضا – فلا مانع أن تضع مالك عنده؛ لأنه سيعطيك دفعة.

ولنفرض أن هذا المال خمسون ألف جنيه، ممكن - بفضل الله تعالى - أن يصل في خلال عام إلى مائة ألف، طبعا هذا قد يعطيك دفعة وقفزة نوعية كبيرة تستطيع من خلالها أن تختصر المسافات الطويلة حتى تنتهي.

أما إذا كنت قد بحثت أو لا زلت تبحث أو لست على ثقة من أحد، فأنا أنصح أن تضع هذا المال – بارك الله فيك – وديعة في أحد البنوك الإسلامية وهو – إن شاء الله تعالى – سوف يأتي بقدر من الدخل يغطي التضخم الموجود، وأيضا يعوض الارتفاع في الأسعار اليومي الذي طبعا نشكو منه نحن جميعا، وأنصح ألا تتقدم لأحد فعلا حتى تكون جاهزا؛ لأن طول فترة الخطوبة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات أنت في غنى عنها، خاصة إذا ذهبت الآن إلى أي أسرة وقلت لهم أنا لا زلت أكون نفسي، ليس عندي شقة، وليس عندي مال أدفعه مهرا أو أشتري به أثاثا، فسيقولون لك: يا أخي بارك الله فيك عندما تكون جاهزا تفضل، وهذا هو المنطق الصحيح – أخي الحبيب – فأنصح ألا تكرر فكرة الخطوبة، وإنما تجتهد – كما ذكرت – في البحث عن مشروع ناجح إن أمكن، وإلا تضع هذه الأموال وديعة حتى تستثمرها بنسبة عائد أعلى، وعندما ترى نفسك جاهزا في الوضع الذي يتناسب مع ظروفك؛ لأنك لا ينبغي أن تنظر نظرا خارج إطارك ووضعك المادي والاجتماعي، وإنما لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، بما يتناسب مع ظروفك وإمكاناتك، واعلم أن من يتقي الله يجعل له مخرجا.

واعلم – أخي الحبيب عبد الهادي – أن نبيك أخبرك – عليه الصلاة والسلام –: (ثلاثة حق على الله عونهم -من هؤلاء- الشاب يريد العفاف أو الرجل يريد العفاف)، فأنت تريد العفاف بالحلال، ثق وتأكد من أن الله سيبارك لك وسيوسع رزقك وسيكرمك بإذنه عز وجل، ونصيحتي ألا تتعجل في اختيار الزوجة، وإنما لابد أن تكون الزوجة جاهزة، بمعنى جاهزة كما قد قال عليه الصلاة والسلام: (تنكح المرأة لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق على صحته. فلا بد أن تتأكد من دينها لأنها بذلك ستكون عونا لك على طاعة الله.

وأسأل الله أن يوفقك إلى كل خير، وأن يبارك لك، وأن يوسع رزقك، وأن نراك – إن شاء الله تعالى – زوجا قريبا، وأن يرزقك ذرية صالحة، ونسأله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات