السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مشكلتي أنني أصبت بالاكتئاب والرهاب الاجتماعي، وبدأت الإصابة بالرهاب، ولكنني كنت سعيدا جدا، ومعنوياتي عالية وفرحا، وحتى في وجود الرهاب الاجتماعي كنت أستطيع أن أنسجم مع الناس، وكنت مرتاحا نفسيا ومرحا، وذهبت إلى طبيب ووصف لي دواء سيروسكات، واستمريت عليه وتحسنت، ولكن عندما أوقفته للأسف مرة واحدة وبسبب ضغوطات الحياة بالرغم من أنني لم أحس بالرهاب لكنني أحسست باكتئاب في حياتي كلها، ما أحسست به، وكانت هذه أول مرة أصاب باكتئاب هكذا، واستمر الحال حوالي 3 سنوات، ولكن الآن أفضل حالا من قبل، ولكن نفسيتي من حوالي ثلاث سنوات ما زالت معنويا منهزمة.
وقد قررت أن أرجع وأستخدم الدواء بعد نهاية الاختبارات، ولكني خائف من أعراض الدواء، مثل النوم الكثير، وقلة التركيز، وخاصة أني مقبل على الجامعة، وأنا ألاحظ أنني إذا كنت على أدوية مضادة للاكتئاب لا أستطيع أن أتعلم، وأيضا من ناحية أخرى سأعمل كل ما بوسعي لأعيد الفرحة؛ لأنني حاليا إذا رأيت نفسي أرى شخصا مرهقا ومتعبا، وبعض الأحيان يؤرقني شكل أنفي، خاصة وقد تعرضت للاستهزاء مرارا وتكرارا في الصغر بسبب شكله؛ مما سبب لي ضعفا في الثقة بالنفس، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أعمل عملية تجميل للأنف لسبب ديني، وسبب عائلي، ولكنني خائف من أن لا أحصل على زوجة تقبل بشكل أنفي، وبصراحة عندما ألاحظ أنوف الآخرين أرى أن واحدا من ألف لديه أنف مثلي، والباقي كلهم أنوفهم جميلة، وبعض الأحيان أتساءل: لماذا خلقني الله هكذا؟ لماذا ابتلاني الله بأنفي هذا، وبأمراض نفسية وووو.. إلخ؟
لماذا أنا هكذا وبينما الكثير ممن أعرفهم سعداء وفرحون وأنوفهم جميلة ولكنهم لا يخافون الله ويعصونه ليل نهار؟ ماذا أفعل؟ حياتي دمار والموت أرحم لي وكل باب أفتحه ينغلق في وجهي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا أنت - الحمد لله - في بدايات الشباب، وفي العمر الذي ينبغي أن تنطلق منه انطلاقات قوية وفعالة نحو المستقبل، أحزنني جدا ما ذكرته بأن كل باب يغلق أمامك، أقول لك: أبدا باب الرحمة مفتوح، وباب الحياة مفتوح، ولا يأس أبدا مع الأمل ومع الحياة، فأنت نسيت كل أشياء جميلة في حياتك، وركزت على سلبيات بسيطة، وبدأت تجسدها وتعظمها حتى أدخلتك في حالة الاكتئاب هذه، لماذا أنت حساس حول أنفك أو شكل الأنف؟ فأنا على ثقة كاملة أن أنفك لا توجد بها العلة الرئيسية التي تجعلك تنزعج لهذه الدرجة، ولكن من الواضح أنك حساس جدا وتهتم بأمور بسيطة، والذين يستهزئون بك يجب ألا تعيرهم أي اهتمام؛ لأن من يستهزئ بك لا يمتلك القيم الإنسانية النبيلة، وهذا إنسان معلول في نفسه، والإنسان لا يقاس أبدا بشكله، الإنسان يقاس بخلقه ودينه وسلوكه النبيل، كن على هذا المنهاج ولا تهتم أبدا بما يقوله الآخرون حيال شكل أنفك.
وأنا سعيد جدا أنك قلت: لا تريد إجراء عمليات التجميل وذلك لسبب ديني إسلامي، هذا أمر يجب أن يحمد لك، إذن أنت لديك قناعات قوية بأن الإنسان يجب أن يهتم بالأمور الجادة، ولا يهتم بهذه الأمور الجانبية والسطحية.
أنت لديك نوع من الفكر السلبي هو الذي سيطر عليك، وحتى الاكتئاب الذي تعاني منه أنا لا أعتقد أنه بالعمق والإطباق والشدة؛ لأن أصلا عمرك ليس عمر الاكتئاب، أنت في بدايات الحياة وما حدث لك في رأيي هو تفكير سلبي مسيطر جعلك تنظر للأمور نظرة سوداوية، انطلق وعش حياتك بإيجابية، نظم وقتك، ركز على دراستك، عليك بالتواصل والرفقة الصالحة، عليك بممارسة الرياضة، عليك بالتواصل مع أرحامك، عليك بأن تشعر بالقيم النبيلة في الحياة مثل الصدق والاستقامة والشهامة والانتماء، هذه تبني النفس البشرية بناء صحيحا.
أنت تقول: إن الآخرين سعداء وفرحون، وأنوفهم جميلة ولكنهم لا يخافون الله ويعصونه ليل نهار، هذه مقارنات ليست صحيحة، أنت ترى نفسك غير سعيد وإن كنت أراك سعيدا، فهذا مجرد ابتلاء بسيط، وإذا كان الآخرون فرحين وهم على معصية، من الذي قال لك بأنهم فرحون؟ هم يفرحون ظاهرا ولكن نفوسهم ممزقة وربما يكون قد مد لهم الرحمن مدا كما قال تعالى: (( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ))[آل عمران:178]، والمؤمن يختبر كما قال سبحانه: (( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ))[آل عمران:186].
أنا أتمنى أن تنظر للأمور من الزاوية الإيمانية، فهذا سوف يفيدك كثيرا – أيها الابن الكريم - .
حياتك ليست دمارا، حياتك لا زالت في بدايتها، وهذه الخدوش البسيطة التي مررت بها سوف تنتهي وتنتهي بأمر بسيط وهي بتغيير أفكارك السلبية.
بالنسبة للعلاج الدوائي، فالأدوية كثيرة وقد تستغرب جدا، ولكن أنا أرى أصلا أنه ربما لا تكون هنالك حاجة أساسية للأدوية في مثل حالتك، حالتك هي أن تنهض وتقف على أرجلك بقوة وبصلابة وأن ترفع من همتك وأن تتذكر أن أمامك في مستقبلك أياما طيبة، وأن تقبل بهذه الابتلاءات البسيطة، وأن تستأنس مع الرفقة الصالحة، هذا هو أفضل علاج بالنسبة لك، ولكن بالطبع لا بأس من أن تتناول الأدوية، ولكنها ليست الشق الأساسي في العلاج.
والزيروكسات هو دواء جيد ولكني أرى الدواء الجيد بالنسبة لك هو البروزاك، فهو يرفع من الطاقات النفسية والجسدية، ولا يؤدي إلى التكاسل، ولا يؤدي إلى زيادة في النوم، وكبسولة واحدة منه في اليوم سوف تكون جرعة كافية بالنسبة لك كعلاج مدعم وليس علاجا أساسيا، ويمكنك أن تستمر عليه لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك لا أرى داع للاستمرار عليه.
ويمكنك أيضا أن تواصل مع أحد الأطباء في البحرين، فيمكنك أن تذهب للأخ الدكتور أحمد الأنصاري فهو طبيب نفسي متميز جدا، ويمكن أن تشير إليه وتقول: إن الذي أرشدني لمقابلتك هو الدكتور محمد عبد العليم من الدوحة، والدكتور أحمد – إن شاء الله – سوف يعمل على مساعدتك، وربما يكون من المفيد أن تقابل عن طريق الدكتور أحمد أحد الأخصائيين النفسيين لجلسات كلامية نفسية من أجل الاستبصار والتفكير الإيجابي والمساندة.
أرجو أن تقتنع أنك بخير، والحياة أفضل مما تتصورها، والأمل معقود - إن شاء الله - في أن يكون لك مستقبل طيب، اجتهد وركز على دراستك، وسلح نفسك بسلاح العلم والإيمان، فسلاح الدين وسلاح العلم هي التي تبقى: (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ))[المجادلة:11].
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.
لمزيد من متابعة العلاج السلوكي يرجى مراجعة الاستشارات التالية: للرهاب
( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ) والاكتئاب: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 ) وقلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892)