التعامل مع الطفل المصاب بالصرع

0 480

السؤال

السلام عليكم.
ابني البكر -محمد- عمره ثلاث سنوات ونصف، وهو مصاب بالصرع، وقد اكتشفنا حالته عندما كان عمره عاما واحدا، حيث بدأت تأتيه نوبات ارتجافية بسيطة بعد استيقاظه من النوم مباشرة، وبعدها يرجع طبيعيا، وكانت تلك النوبات تتكرر كل يوم في نفس الوقت، وعندما كان عمره شهرا واحدا أصيب بداء السحايا الدماغية، وشفي منه بعد مرور خمسة عشر يوما في المستشفى.

وبعد مدة من الزمن تضاعفت عدد النوبات فأصبحت الرجفات تأتيه (10-20) مرة، وأحيانا كان يصدر صوتا مع النوبات وكأنه امتعاض من شيء، وبعد عرضه على الطبيب المختص قام بتخطيط للدماغ ووجد أن هناك منطقة غامقة اللون في الجهة اليمنى من الدماغ، وكان تقرير التخطيط يقول بأن هناك شحنة كهربائية زائدة في الدماغ، وأعطوه علاج الدباكين.

وبعد مرور عام من أخذ العلاج بدأت النوبات في التقلص، وخفت كثيرا، وبعدها بدأ في تناول دواء التجرتول، وتغير وقت النوبات بعد عام ونصف من أخذه للدواء، وتشتتت أوقات النوبات وأصبحت رجفتين أو ثلاث رجفات باليوم، وتأتيه أثناء اللعب وكأنها رمشة عين ولله الحمد.

وبعد عرضه على طبيب آخر أعطانا دواء جديدا اسمه لامكتال، وقطع لنا الدباكين تدريجيا، ولكن النوبات ما زالت تأتيه ولم يتغير شيء، بل إنه لم يتطور في نمو عقله، وتصرفاته وسلوكه تدل على أن عمره أقل من عام، ولا يتكلم حتى الآن، وعندما كان عمره عاما واحدا كان أفضل بكثير، وأتذكر أنه كان يقول بابا وماما، ولكنه الآن لا يتكلم بأي شيء مفهوم، وفهمه بطيء، فما هي حالته؟ وهل لدواء الدباكين أو غيره تأثير في بطء نمو عقله؟!

علما أنه الآن عصبي جدا وعنيف، ولا يستطيع اللعب مع الأطفال، وعندما يلعب معه الأطفال فإنه يقوم بعضهم أو قرصهم بشدة.

ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ابنك -حفظه الله- تعرض لنوبات شديدة من الصرع، وحين كانت تأتيه النوبات بمعدل عشرة إلى عشرين مرة في اليوم فهذه نسبة عالية جدا من النوبات الصرعية، كما أن إصابته بداء التهاب سحايا الدماغ يعتبر أيضا علة رئيسية، وهذا بجانب النوبات المتكررة يتسبب في تأخر نمو الدماغ، مما يؤدي إلى التأخر المعرفي وعدم تطور الكلام لديه.

والنوبات الصرعية حين تتكرر بكثرة في هذا العمر فإنها تؤدي إلى تأخر في نمو الدماغ، وهذا جعل الطفل من أصحاب الاحتياجات الخاصة لدرجة كبيرة، وهذا لا يعني أن الأمل مفقود، فالحمد لله الأمل دائما موجود.

وأهم نقطة هي التحكم في هذه النوبات قدر المستطاع، والتحكم يكون عن طريق الجرعة الدوائية الصحيحة، والتجرتول واللامكتال هما من أفضل الأدوية، ولابد أن تكون الجرعة محسوبة حسابا دقيقا حسب وزن الطفل، وبالنسبة للامكتال فهو دواء سليم وممتاز، وهو يعطى وحده، ولكن قد يعطى مع الأدوية الأخرى التي تتحكم في هذه التشنجات كما هو الآن في حالة ابنك.

وأما دواء الدباكين فإنه دواء فعال وممتاز أيضا، ولا يؤثر مطلقا على نمو العقل، العرض الوحيد الذي يمكن أن يحدث منه هو زيادة في الوزن، كما أنه يؤدي إلى ارتفاع في إنزيمات الكبد، وهذا يختفي بعد أن يتم التوقف عن الدواء.

وأريد أن أطمئنك مرة أخرى أن الدباكين لم يكن سببا أبدا في بطء النمو العقلي، والتجرتول يعرف أنه أفضل دواء وأسلم دواء في هذا العمر، وكل الذي يحتاجه هو أن يراقب مستوى الدم الأبيض؛ لأن التجرتول في حالات نادرة ربما يؤدي إلى انخفاض في كريات الدم البيضاء، وهذا يكون في بداية العلاج، ولكن فحص الدم من وقت لآخر يعتبر هو الإجراء الصحيح.

وما يصدر من الطفل من سلوك وعصبية وميول للعنف هي ناتجة من العلة الدماغية، فالعلة الدماغية تؤدي إلى ذلك، وهناك علاقة وثيقة جدا بين مرض الصرع وبين العصبية والتوتر لدى الأطفال، والطفل في مثل هذا الوضع يحتاج إلى رعاية خاصة ويحتاج إلى كثير من الصبر من جانبكم، فأسأل الله تعالى أن يعينكم على ذلك.

والذي أنصح به هو محاولة الاستفادة من اللعبة من أجل تطوير مقدرات الطفل وفي ذات الوقت ربما تمتص اللعبة التوتر والعنف الذي يصدر منه، ولا شك أن تحفيز الطفل وتشجيعه بأشياء بسيطة - إن شاء الله - تؤدي أيضا إلى جلب الهدوء لديه، فحاولوا بقدر المستطاع أن تتجاهلوا نوبات العنف، وحاولوا أن يدمج مع الأطفال الآخرين بقدر المستطاع، وحاولوا تكرار الكلمات له، فهذه هي الطرق المعروفة لتطوير الكلام لديه وكذلك جعله يكتسب المقدرات المعرفية، وسيحدث تقدم في مقدراته إن شاء الله، ويجب أن لا يكون هناك أي نوع من اليأس أو السأم، مهما كان هذا التقدم بسيطا.

وإن إخضاع الطفل لهذه التمارين عن طريق التشجيع والتخاطب ودمجه مع الأطفال الآخرين والاستفادة من الألعاب من أجل نموه العقلي وامتصاص التوتر لديه سوف يساعده كثيرا، والأدوية التي يتناولها الآن هي أدوية صحيحة وأدوية سليمة، وأرجو مواصلة المتابعة مع الطبيب المعالج، وخير من يتابع هذه الحالات هم أطباء الأطفال الذين لديهم تخصص في الأمراض العصبية لدى الأطفال، وأما بالنسبة لتخطيط الدماغ فمن الأفضل أن يتم إجراؤه مرة أخرى بعد ستة أشهر، وذلك من أجل المقارنة والمتابعة.

أسأل الله له الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات