تفضيل الوحدة على الاختلاص بالأهل وسائر الناس .. المشكلة والعلاج

0 367

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أما بعد، أنا أعاني من الوحدة وأفضل أن أكون لوحدي على أن أخرج مع عائلتي طبعا هذا يسبب لي المشاكل مع الجميع، ويسبب لي أزمة نفسية، فأنا في مقتبل العمر وليس لدي أصدقاء، ولا أعرف أحدا ولا أحد يعرفني، فما هو سبب اختلافي عن الآخرين، وما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Soad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرزقك محبته ملء قلبك، وأن يجعلك محبوبة ممن يتعامل معك خاصة مع أهلك وأرحامك وزوجك مستقبلا - إن شاء الله تعالى -.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنك تعلمين أن الناس جميعا ليسوا سواء، ولذلك أصابعك في كف يديك ليست كلها في مستوى واحد ففيها الطويل وفيها القصير، وفيها المتين وفيها المتوسط وفيها النحيف، كذلك أيضا أنت ترين الناس أمامك ليسوا على قدر واحد من الجمال أو من الصحة أو من الطول أو القصر أو من الفقر أو الغنى، وإنما الناس مختلفون كما ترين في واقعهم، وكما أن هناك اختلافا في الظاهر فهناك اختلاف في الباطن، فهناك من يحب المال، وهناك من يحب الجمال، وهناك من يحب العيال وهناك من يحب أكلات معينة، وهناك من يحب زيا معينا، هناك من يمشي بطريقة معينة.. الله تبارك وتعالى قال: (( ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ))[هود:119]، هذا الاختلاف من متع الحياة؛ لأن هذا الاختلاف شيء فطري وشيء طبيعي ما دام لا يتعارض مع الشرع ومادام لا يتعارض مع حرية الآخرين، فإن هذا شيء طبيعي، نحن نكون من أب واحد وأم واحدة في أسرة واحدة وبيننا اختلاف في الأفكار والعادات إلى حد بعيد جدا، وهذا شيء أيضا طبيعي.

أيضا نفس الشيء مسألة أن الإنسان يحب أن يكن اجتماعيا، فهناك أناس يحبون الاجتماعية بصورة مذهلة ويتمنى أن يعيش وسط الجمع ووسط اللمة وأن يكون حتى في الأماكن المزدحمة ولا يستريح إذا كان وحده، وهناك على العكس أيضا، هناك عباد خلقهم الله تبارك وتعالى يفضلون الوحدة والعزلة على الاختلاط؛ أهم شيء ألا يكون ذلك مرضيا (حالة مرضية) لأنه إذا كان مرضا كأن يكون إنسانا عنده اكتئاب أو عنده مرض نفسي فهذه تعتبر حالة مرضية، وفي تلك الحالة ينبغي على الإنسان أن يتوجه إلى جهة الاختصاص وأن يعالج عند الأطباء؛ لأن هذه من الأمراض العصرية، وبعضهم يكون – كما ذكرت – عنده نوع من الاكتئاب وعنده نوع من العزلة الداخلية وهذا مرض، أما إذا كان طبيعيا لا يشعر بأي مشكلة أصلا فيما بينه وبين نفسه فإن هذا يعتبر شيئا طبيعيا وهذا – كما ذكرت – بأنه اختلاف بين الناس فهناك من يحب اللمة والتجمع، وهناك من يحب أن يكون وحده أو يحب الجو الهادئ أو يحب المكان الشاعري.

إلا أني - بارك الله فيك – أتمنى أيضا أن تعرضي نفسك على أخصائية نفسية لمعرفة هل هذه الحالة مرضية أم أنها حالة طبيعية، وأنا أتصور من خلال كلامك أنها حالة طبيعية، لماذا؟ لأنك لا تعانين من أي أعراض أخرى بجوار هذه الحالة، ورغم ذلك فأنا أنصح أيضا بعرض نفسك على أخصائي نفساني لاحتمال أن تكون هذه بوادر لشيء أو أن تكون رسوبيات من مرض قديم موجود فترتب عليه رغبتك في الوحدة وعدم الانسجام مع الناس، خاصة وأنك الآن في عمر تسعة عشر عاما يعني من الممكن أن تتزوجي بعد أيام، فهل يا ترى ستظل هذه المسألة مع زوجك ومع أولادك وهل ستكون مشكلة أم لا؟ هذا كله أتمنى فعلا من خلال عرضك على أخصائية نفسية أن تعرفي درجة هذه الحالة وهل هي حالة مرضية أم أنها حالة طبيعية؟ وهل هي حالة عارضة أم هي حالة مستديمة؟ هذا الكلام كله من الممكن أن تعرفيه بعد زيارتك للأخصائية أو أخصائي -إذا لم توجد أخصائية- يكون ثقة وعلى دين وأن يكون متقنا أيضا لمهنته ولا يكن رجلا ضعيف المعلومات.

كونك ليس لديك أصدقاء ولا تعرفين أحدا ولا يعرفك أحد، هذه أيضا مسائل تدعو إلى ضرورة البحث عن معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك.. أيضا هناك أناس هكذا، يعني هذا قد لا يكون حالة مرضية مائة بالمائة، وإنما - كما ذكرت – قد يكون شيئا طبيعيا وقد يكون شيئا مرضيا، والذي يفصل بين هذه وتلك – ابنتي الكريمة – إنما هو أهل الاختصاص وأهل الخبرة الذين يحللون تاريخ بداية هذه الحالة بالنسبة لك والأسباب التي أدت إليها وهل يا ترى أنت كنت كذلك منذ أن ولدت أم أنها حالة جاءتك بعد فترة، وما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الأمر؟

ومن الممكن أيضا - بارك الله فيك – أن تستمعي للرقية الشرعية، وهي كما تعلمين عبارة عن آيات من القرآن وأحاديث من سنة النبي عليه الصلاة والسلام؛ فقد تكون المسألة مسألة نفسية عضوية وقد تكون مسألة من باب الرقية الشرعية، فأرى - بارك الله فيك – أن تعرضي نفسك على أخصائية نفسية -كما ذكرت لك- وفي نفس الوقت أقول لا مانع - جزاك الله خيرا - من أن ترقي نفسك بالرقية الشرعية أو تعرضي نفسك على راق أو تستمعي للأشرطة الإسلامية التي فيها الرقية خاصة سورة البقرة، وأيضا أن تحافظي على أن تنامي على وضوء وتحافظي على أذكار الصباح والمساء، لعله إذا كان هناك شيء سوف ينتهي - بإذن الله تعالى – وستكونين - إن شاء الله – في صورة طبيعية.

وأتمنى أن تواصلي معنا الاستشارات حتى نعرف إلى أين وصلت ونقدم لك ما يمكن من مساعدات في المستقبل - إن شاء الله تعالى – مع تمنياتنا لك بالتوفيق والثبات على دينك في هذه البلاد وأن تكوني من الداعيات الصالحات والمسلمات القانتات.

والله ولي التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات