السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولد لنا ولد عمره الآن 20 يوما، ولما زرنا طبيب الأطفال -لأن الطفل كان يعاني من التقيؤ الكثير- سأل الطبيب عن أحواله فأخبرناه أن رجله اليسرى ترتعش كثيرا في بعض الأحيان، فقال لنا إن هذا إما أن يكون حالة صرع أو نقص كالسيوم وسكر دم، فأجرينا له التحاليل فظهر أن السكر والكالسيوم بالحدود الدنيا كما أجرينا تخطيطا للرأس بكل الأوضاع وهو يرضع وهو نائم أيضا فأخبرونا أن التخطيط طبيعي ووصف له الطبيب قطرات فيتامين وكالسيوم، إنما الطفل لا يزال يعاني من الارتعاش كثيرا في رجله اليسرى.
مع العلم أن والده يخفي عني نتائج التحاليل وأنا في حالة قلق من هذا الموضوع.
فأرجو سؤالكم: هل حالته صرع أو تؤدي لنفس أعراض الصرع؟ وهل يمكن أن نتفادى بالأدوية (كالسيوم - سكر) حدوث هذه الحالة أم أنه قد فات الأوان؟ وهل يمكن أن تعود الحالة بالمستقبل مع أنه يلتزم الآن بأخذ الأدوية؟ وهل السبب من الوالدة أثناء الحمل؟ وهل سيدوم العلاج بالأدوية طوال العمر أم فقط خلال الطفولة؟
أفيدوني جزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hadia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لهذا الطفل العافية والمعافاة الدائمة.
ما حدث لهذا الطفل من حالة القيء الشديد والكثير يمكن بالطبع أن تخل بالتوازن من ناحية الأملاح والسكريات وتركيز هذه المواد، والكالسيوم هو واحد من الأملاح الهامة التي يمكن أن تختل بعد القيء الشديد وفقدان السوائل، فما ذكره الطبيب من أن هنالك نقص محدود في السكر والكالسيوم فأعتقد أن هذا تفسيرا علميا صحيحا وجيدا، ولكن بالطبع بعد أن يتم تصحيح الكالسيوم من المفترض أن يختفي هذا الارتعاش الذي يوجد في رجل الطفل، وتصحيح الكالسيوم لا يتطلب وقتا طويلا إنما هي عدة أيام وليس أكثر من ذلك.
هذا الارتعاش المحدود وفي مكان واحد لا نستبعد بالطبع أيضا أن يكون ناتجا من اضطراب معين في الأعصاب التي تتحكم في حركة الرجل، ومع ذلك فأرجو ألا يكون هذا الكلام مزعجا بالنسبة لك، فالعلة ربما تكون علة بسيطة جدا في المركز الدماغي أو ربما تكون في الأعصاب الطرفية.
بالنسبة لمرض الصرع لا يحبذ تشخيصه قبل أن يبلغ الطفل أربعة أشهر، فهنالك أنواع كثيرة من التشنجات التي توجد في مرحلة الطفولة، ولكن التشنجات لو استمرت بعد أربعة أشهر وكان لها طابع خاص فهنا ربما تتاح للطبيب أن يشخص مرض الصرع بصورة قائمة على الدليل العلمي.
الذي أرجوه منك هو ألا تنزعجي كثيرا، وبالطبع أنت أم، فحين يكون الإنسان غير متأكد ما الذي يحدث للطفل في هذا العمر فمن الطبيعي أن يتأثر وأن يكون مشغولا بهذا الأمر، ولكن الذي أرجوه أن تكوني أكثر تفاؤلا وأن تكوني أكثر رقابة ومتابعة طبية بالنسبة للطفل، وأفضل طبيب يمكن أن يتابع حالة الطفل هو أخصائي الأطفال المتخصص في أمراض الأعصاب، فأرجو المتابعة مع الطبيب حتى يتابع مراحل التطوير مع الطفل وهذه مرحلة مهمة جدا وكذلك متابعة هذه الرعشة التي تحدث في رجله اليسرى.
وهنالك أمر لابد من الإشارة له وهو أن التخطيط الذي تم للدماغ كان طبيعيا مع وجود الرعشة في الرجل في أثناء التخطيط، وهذا لدرجة كبيرة يستبعد أي سبب مركزي، أي أن السبب غالبا ليس في الدماغ؛ لأن الاختلافات في الشحنات الكهربائية التي تحدث في الدماغ وتؤدي إلى أعراض جسدية كالرعشة في اللحظة التي تحدث ويتم إجراء تخطيط المخ فلابد أن يظهر التغير على تخطيط المخ، وفي حالة هذا الابن – حفظه الله – لم تظهر هذه التغيرات في أثناء وجود الرعشة والقيام بإجراء التخطيط في نفس الوقت، فهذا إلى حد كبير في نظري يستبعد أن يكون السبب سببا مركزيا في الدماغ، بمعنى أن احتمال وجود الصرع يعتبر احتمالا ضعيفا وإن كنت قد ذكرت لك أن الصرع لا ينصح بتشخيصه قبل مرور أربعة أشهر من عمر الطفل.
لا أرى أن هنالك سببا وجيها يجعل والد الطفل يخفي عنك نتائج الفحوصات، فربما من باب الشفقة ولكن يمكنك التحدث معه مرة أخرى وأنك تودين الاطلاع على التحاليل وأنت إن شاء الله صابرة وصامدة ولن تنفعلي انفعالات غير مقبولة، والذي أرجوه أن تتحدثي مع والده مرة أخرى أو اطلبي منه أن يسمح لك بالتحدث مع الطبيب المعالج، فربما الطبيب يستطيع أن يطلعك على المعلومات بصورة أكثر دقة.
بالنسبة للاستمرار على الكالسيوم فهذا بالطبع أمر مهم وضروري ويجب أن يكون ذلك تحت الرقابة الطبية كما ذكرت لك.
لا أعتقد أنه فات الأوان مطلقا، فأنتم قد قمت بكل الإجراءات الطبية الصحيحة ولا نستطيع أن نؤكد أن الحالة إذا كانت سوف تعاوده في المستقبل أم لا؟ لأن السبب ليس واضحا في هذه المرحلة، والضروري هو المتابعة الطبية والضروري جدا أن يتناول الأدوية التي وصفها له الطبيب.
وبالنسبة للأسباب هل للوالدة أو الحمل دخل في ذلك؟ والجواب: لا نستطيع بالطبع أن نستبعد – كما ذكرت لك – في هذه المرحلة، فهنالك أسباب كثيرة في أثناء الولادة مثل انقطاع الأكسجين وتأخر الولادة وهكذا، وفي أثناء الحمل أيضا قد تحدث بعض التغيرات على الجنين، ولكن بصفة عامة يظهر أن هذا الطفل هو في صحة جيدة لدرجة كبيرة بالرغم من وجود هذه الرعشة، وأكرر مرة أخرى أرجو أن تصبري وألا تنزعجي وأرجو أن تراجعي الطبيب، فهذا هو الذي يجعلك – إن شاء الله – أكثر اطمئنانا، وعليك بأن تكثري من الدعاء وأن تسألي الله تعالى أن يحفظه وأن يزيل الذي به وأن يجعله قرة عين لكما.
وبالله التوفيق.