خفقان وارتعاش عند مواجهة الناس

0 304

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي أنني أصبحت أخاف مواجهة الناس، وعندما ألتقي بشخص ما أحس بإشارة تأتي من عقلي إلى قلبي بسرعة كبيرة، بحيث يبدأ قلبي بالخفقان بقوة، وجسمي كله يرتعش، ووجهي يصفر، ثم يبدأ وجهي بالتعرق، بعدها لا أحسن الكلام، ويصبح كلامي تافها ومتناقضا.

أرجوكم أعطوني حلا لمشكلتي وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Manel حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الحالة حالة بسيطة جدا، وهي من حالات القلق الشائع، ويعرف باسم (الخوف / الرهاب الاجتماعي) وفي نظري هي ليست حالة من الحالات المعقدة إنما هي حالة بسيطة.

لا شك أن القلق في حد ذاته من الطاقات النفسية المرغوبة والفعالة والتي تدفع الناس من أجل الإنجاز والنجاح، ولكن حين يزيد القلق يؤدي بالطبع إلى نتائج عكسية، وهنالك نوع من القلق الظرفي ومن أمثاله (قلق الرهاب الاجتماعي) أي الرهاب الذي يحدث في وقت المواجهة، والجانب (الفسيولوجي / الجسدي) لمثل هذا النوع من القلق يتمثل في إفراز زائد في مادة تعرف باسم (النور أدرانيل، والأدرانيل) وهذا يؤدي إلى زيادة الخفقان في القلب والشعور بالارتعاش.

طرق العلاج بسيطة، وهي تتمثل في أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر الخوف والرهاب، وفي هذه الحالة هو مواجهة الناس، ولكي يكون العلاج مقبولا وسهلا عليك أولا أن تقومي بالمواجهة في الخيال، بمعنى أن تجلسي في مكان هادئ ثم بعد ذلك تتخيلي أنك في مواجهة عدد كبير من الناس، كأن تكون هناك دعوة نسائية أو احتفال ما ويطلب منك أن تقدمي محاضرة لهذا الجمع من الحضور، عيشي هذا الخيال بكل قوة وبكل تمعن، وكرري هذه التمارين يوميا لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة لمدة أسبوعين، وإذا طبقت هذه التمارين البسيطة – التعرض أو المواجهة في الخيال – فهذا يعود عليك بفوائد علاجية كبيرة جدا.

يأتي بعد ذلك تصحيح المفاهيم المعرفية، فكثير من الناس الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي تهتز ثقتهم في أنفسهم؛ لأن الواحد منهم يتصور أنه سوف يفشل أمام الآخرين أو أنه سوف يسقط أرضا أو أنه سوف يتلعثم، ولكن الدراسات أشارت أن هذا ليس صحيحا، فقد تم تصوير بعض الناس في مواقف اجتماعية وكانوا يتخيلون أنهم يرتعشون أو سوف يسقطون أرضا، وبعد تصويرهم – بدون علمهم – وبعد ذلك عرضت عليهم الأفلام التي صورت فاتضح أن أداءهم كان أفضل كثيرا مما يتخيلون ومما يتصورون، وهذا في حد ذاته ساعدهم كثيرا في تصحيح المفاهيم، فأرجو أن تعلمي ذلك.

أرجو أن تعلمي أن هنالك مبالغة في المشاعر ومبالغة في الأعراض الجسدية من الارتعاش والتعرق والخفقان وغيره، هذا مهم جدا.

التغيير المعرفي أيضا مطلوب، وهو أن هذا الرهاب ليس خوفا ولا جبنا ولا ضعفا في شخصية ولا ضعفا في الإيمان...هذا مفهوم خاطئ لابد أن يصحح.

والمفهوم الثالث الذي يجب أن يصحح هو أن الآخرين لا يقومون برصدك ولا يقومون بمراقبتك، هذا أيضا مفهوم يجب أن يصحح لديك.

والمفهوم المعرفي الرابع أيضا الذي يجب تصحيحه هو أن تتذكري دائما أن الآخرين هم بشر مثلك وليسوا أكثر من ذلك، لديهم قوة لدى كل بني البشر ولديهم ضعف لدى كل بني البشر، هذا أيضا تغيير معرفي ضروري جدا.

بعد ذلك أنصحك بأن تبدئي المواجهات بالتدرج، فابدئي بمواجهة من تعرفين ثم بعد ذلك طبقي التمارين بمواجهة الغرباء ومن لا تعرفين.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وهي أدوية ممتازة جدا، فهنالك دواء يعرف باسم (زيروكسات) - ويسمى في الجزائر بـ (ديروكسات) – أرجو أن تبدئي في تناوله، وجرعته هي نصف حبة - عشرة مليجرام ليلا – لمدة أسبوعين، ترفع بعد ذلك إلى حبة كاملة – عشرين مليجراما – وتستمرين عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي هذه الجرعة إلى عشرة مليجرام – نصف حبة – لمدة شهرين، ثم بعد ذلك نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

ممارسة أي تمارين استرخاء أيضا سوف تفيدك، خاصة تمارين التنفس المتدرج وكذلك تمارين الرياضة المناسبة للمرأة المسلمة، هذا أيضا فيه خير كثير، وبتطبيق هذه التمارين البسيطة وتناول الدواء الذي وصفته لك – وهو دواء ممتاز وفعال وسليم جدا ولا يسبب الإدمان ولا يسبب أي آثار جانبية خطيرة – بجانب هذه التطبيقات وتناول الدواء - إن شاء الله - سوف تجدين أنك في صحة نفسية ممتازة، وأن كلامك قد انطلق ولا يوجد أي تناقض فيه - بإذن الله تعالى - .

أسأل الله لك الشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات