السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي إنسان طيب ومتدين -ولله الحمد-، وهو يتيم الأم والأب، وكانت خالة زوجي مرحبة بزواجنا وكذلك جميع أهله، ولكن بعد فترة حصلت مشكلة بين زوجي وخالته وابنتها فخاصمونا وغضبوا منا، وبعد فترة ذهب زوجي إلى خالته لكي يصالحها لكنه لم يسلم على ابنتها، فغضبت ابنتها من ذلك، فقام زوج خالتي بطرده من البيت، وكانت جدته جالسة ولم تتكلم ولم يعلق أحد من الجالسين على ما حدث.
حلف زوجي علي أن لا أتكلم مع أي أحد منهم، وقال لي: أنت تريديني أم تريدين عائلتي، وما تزال المشكلة قائمة، وسيكون زفافي بعد أسبوعين، ولا أدري ماذا أفعل لكي يحصل الصلح، وما هي الطريقة التي أعامل بها أهل زوجي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -تبارك وتعالى- أن يبارك لك في زوجك، وأن يبارك له فيك، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يصب عليكما الخير صبا، وأن لا يجعل عيشكما كدا، وأن يرزقكما ذرية صالحة، وأن يجعلك عونا له على طاعته ورضاه، وأن يجعله عونا لك على طاعته، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن من الأمور المحزنة أن الناس أصبحوا في هذا العصر نتيجة الظروف والضغوط التي يتعرضون لها لا يتحمل بعضهم بعضا، ولأتفه الأسباب ينسى الناس الفضل الذي كان بينهم والعشرة الطويلة، بل والرحم التي أمر الله بها أن توصل، ولذلك فإن الأمر ما كان يقتضي هذا الخلاف الكبير الذي حدث ما بين الخالة وزوجها وابنتهما وبين زوجك، ولكن الشيطان الذي يحرش بين المسلمين، ويوقع بينهم، ويجعل من الشيء الصغير منكرا وكبيرة.
وهذا الأمر أصبح سمة غالبة لدى الكثير من البيوت؛ لأن الناس نسوا كثيرا من الضوابط الشرعية التي وضعها الشارع لضبط العلاقات والمحافظة عليها نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشونها، وساهم في ذلك أيضا جهل الناس بحقوق العباد، حيث أن الكثير من المسلمين يظن أن أهم شيء عنده علاقته مع الله -تبارك وتعالى-، ونسي أن الذي أمر بالإحسان إلى الخلق إنما هو الله، قال تعالى: (وقولوا للناس حسنا)، [البقرة:83]^، والذي أمر بصلة الرحم هو الله، فهذه أمور كثيرة لا يهتم بها السواد الأعظم من المسلمين، وأهم شيء عندهم مصلحتهم وكرامتهم -كما يقولون- حتى وإن ترتب على ذلك قطع رحم أو إفساد في الأرض.
فعليك أن تجتهدي خلال الفترة الباقية في إقناع زوجك بالعدول عن هذا القرار الذي اتخذه؛ لأنه ما زالت هذه المدة -بإذن الله تعالى- كافية، والله -عز وجل- على كل شيء قدير، وما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال، فاجتهدي في تذكيره بأن الخالة والدة، وأن الله -تبارك وتعالى- جعل في وصلها خيرا كثيرا، وأن الله -تبارك وتعالى- يغفر بها ذنوب العبد ويوسع بدعائها رزقه، ولا ينبغي له أن يقاطعها لأنها في مقام أمه حتى وإن أساءت إليه أو أساء إليه زوجها أو بناتها أو أولادها، فهي أمه التي ينبغي عليه برها في أي ظرف من الظروف، واستعيني على ذلك بالدعاء، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وأكثري من الدعاء لزوجك أن يشرح الله صدره لصلة رحمه، وأن يصرف عنه كيد الشيطان الذي سيطر على عقله وفكره ولبه، وأن يجعله من الواصلين الأرحام بهم في الدنيا المستفيدين من ذلك في الآخرة.
فاجتهدي على قدر الاستطاعة، وذكريه بأن هذه الخالة أمه، وأن مقامها عظيم عند الله -تبارك وتعالى-، وأنه ينبغي عليه أن يصبر عليها وأن يتحملها وزوجها وأولادها كرامة لها، فإن قبل كلامك فبها ونعمت، وإن لم يقبل فأنت قد أديت الذي عليك في البداية، وعليك أن تستجيبي لكلام زوجك وأن لا تخالفي أمره؛ لأن مخالفة أمر الزوج توغر صدره، خاصة وأنكما ما زلتما في الأيام الأولى من الحياة الزوجية.
والحق أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولكنها خالته وليست خالتك أنت، ولذلك لو أمرك بمقاطعتها فلن يكون عليك من الوزر شيء على اعتبار أنك تحت زوجك تأتمرين بأمره وتسمعين كلامه، ولكن المطلوب إنما هو التذكير والنصيحة والدعاء والدعوة لعل الله عز وجل أن يصلحه، وإن أصر على موقفه فلا تتحدثي معه واتركي الأمر حتى تمر مرحلة الدخول وبعد ذلك -إن شاء الله تعالى- تتغير الأمور، ولكن لا تضيعي هذه الفرصة الآن، واجتهدي فيها بالنصح والتذكير وبيان مقام الخالة، ثم الدعاء له أن يشرح الله صدره لكلامك وأن يرجع إلى خالته فيصلح ما بينه وبينها وما بينه وبين زوجها وما بينه وبين أولادها.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله تبارك وتعالى أن يجعله زواجا مباركا ميمونا وأن يمن عليكما بذرية صالحة طيبة مباركة، إنه جواد كريم.
والله ولي التوفيق.