السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كنت في رحلة عند أختي، ورأيت شابا مهذبا ذا خلق ودين، فقط سمعت عن أخلاقه ولم أتحدث معه، ولكن أعجبتني صفاته، فهو خلوق ويصلي في المسجد ويعتمر كل سنة وبكثرة، حديث الأهل عنه أعجبني، وصرت أدعو الله أن يكون من نصيبي، فماذا أفعل؟ لأن رسولنا الكريم قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) فأرشدوني لأني دائمة التفكير فيه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aseel حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يسرنا أن نرحب بك مرة أخرى في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يرزقك زوجا صالحا يكون عونا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإن الإنسان بطبيعته يتمنى الأفضل والأحسن في حياته، وهذا أمر جبله الله تبارك وتعالى عليه، حيث إن الشيء المتميز دائما ما يلفت أنظار الناظرين إليه سواء أكان ذلك في الرجال أو النساء أو حتى في سائر الكائنات والمخلوقات، وأنت عندما كنت عند أختك رأيت هذا الشاب المهذب الذي أكرمه الله تبارك وتعالى بصفتين رائعتين وهما صفتي الخلق والدين ولكنك سمعت فقط عن أخلاقه ولم تتحدثي معه وأعجبت بصفاته وتقولين كيف الطريق إليه لأنك دائمة التفكير فيه؟
تعلمين - أختي الكريمة - أن الزمان قد تغير، نعم في الصدر الأول كان من الممكن أن تتقدم المرأة لتطلب من العبد الصالح أن يتزوجها كما عرضت المرأة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم بل إن الرجل أحيانا ولي أمر المرأة كان يعرضها أحيانا على من يرى فيه الأهلية والصلاح من الرجال، كما عرض عمر - رضي الله تعالى عنه – ابنته حفصة – رضي الله تعالى عنها – على أبي بكر – رضي الله تعالى عنه – وعلى عثمان – رضي الله تعالى عنه – هذا أمر كان الناس يرون أنه لا نكارة فيه، حيث إن الرجل من حقه أن يبحث لموليته عمن يراه أهلا لها، وكانت المرأة أيضا تستشير إذا ما جاءها رجل، كما ذهبت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لتسأله عن اثنين من الصحابة تقدما لها، فأيهما تفضل على الآخر؟ هذا كله كان في الجيل المبارك الصالح، وكان الناس لا يرون في ذلك غضاضة ولا نكارة، أما الآن مع نقص الدين ورقة الإيمان في حياة الناس، وبعد الناس عن عهد النبوة والرسالة، أصبح من المستنكر أن تعرض الفتاة نفسها بصورة مباشرة على الشاب الصالح.
بل إن الكثير من الآباء وأولياء الأمور يرون ذلك عيبا مشينا؛ ولذلك يستحون أن يتكلموا في هذا بطريقة مباشرة مع من يرونه صالحا، وعليه فأقول بارك الله فيك:
إن السبيل الوحيد إنما هو الدعاء، أن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء أن يجعل الله لك فيه نصيبا، وأن تتوجهي إليه أن يحول قلبه إليك، واعلمي أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، ولا مانع مع الدعاء إذا علمت أحدا من أقاربه أن تلمحي له ولو بطريق غير مباشر كأن يكون هناك أختك تتولى هذا الأمر أو عن طريق زوجها يقول له إني على استعداد أن أزوجك من أخت زوجتي فإنها امرأة كذا وكذا، فمن الممكن أن يكون الأمر بهذه الطريقة، فأرى أنه لا مانع أن توسطي أختك لتحدث زوجها باعتبار أنه ليس من أوليائك وأنه بعيد عنك، وأنه قد يكون واسطة بينك وبينه، خاصة وأنه يعرفه أكثر منك، وأنه على علاقة به، وبهذا الأمر يكون الشيء مستورا تحفظين كرامتك وتحفظين ماء وجهك وتحفظين اسم نفسك وقبيلتك وأهلك أيضا، وتحققين ما تريدين، ولكن كل ذلك لا يقع إلا بإرادة الله تبارك وتعالى.
فثقي وتأكدي من أنه لو كان لك فيه من نصيب فسيكون لك - بإذن الله تعالى – فاسلكي هذا السبيل - بارك الله فيك – ولا تفعلي أكثر من ذلك، ولا تتولي بنفسك الاتصال به؛ لأن بعض الناس يظن أن هذا نقص في إيمان وفي أخلاق المرأة المؤمنة، وبذلك تشوه صورتها ولا تكون مقبولة، حتى وإن كان الذي يتعامل معها على قدر من الخلق والدين.
إذن أكرر فأقول بارك الله فيك: عليك بالدعاء أولا، وثانيا لا مانع من أن تكلمي أختك إذا كانت لديك القدرة أو الجرأة على مخاطبتها وهي تتولى بدورها أن تكلم زوجها ليكون بينكما لعل الله أن يجعل لك فيه من نصيب، وأسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث ما كان وأن يرزقك الرضا به.
وبالله التوفيق.