أفكر كثيرًا في حال أمي في القبر وكيف تغير شكلها، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 355

السؤال

أنا من القراء الأوفياء -بإذن الله- لموقعكم الفاضل، والذي هو من أفضل المواقع في نظري، وفقكم الله.

مشكلتي هي: منذ وفاة الوالدة الغالية علي منذ (10) أشهر لم أنس تلك المشكلة، وهي أنني دائما أفكر فيها وكيف حالها الآن وهي في القبر، هل هي عظام أو ما شكلها؟ (أرجو المعذرة) لأنني تحت الصدمة رغم أنني -والحمد لله- من الذاكرات الله كثيرا ومن الذين يقرؤون القرآن يوميا، الشيء المفرح أنني أختمه شهريا وأنعم الله علي بالمداومة على الصلوات.

مشكلتي أنني دائما أقول في نفسي: كم هو رائع لو فتحت قبر أمي ورأيت بعيني كيف حالها وكيف صارت الملامح البريئة حتى الآن!

أرجوكم سامحوني لأن أمي كانت الوحيدة بالنسبة لي كصديقة وأخت رغم أنني لي أخوات وإخوة، والحمد لله كلنا متدينون، وزوجي دائما يقول لي: ادعي لها بالرحمة، إنها بين يدي الكريم.

شكرا لكم ووفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ حسنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فقد صدق زوجك في قوله، ونسأل الله أن يرحم والدتك، وأن يغفر لها ولأموات المسلمين، ونسأل الله أن يرزقك الصبر والثبات، وأرجو أن تعلمي أن والدتك لا تنتفع بما تفكرين فيه ولكنها تستفيد من دعائك واستغفارك لها فإنك من عملها، و(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقه جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، والولد الصالح يشمل الذكر والأنثى وهو محور الحديث؛ لأن البنت الصالحة تستطيع أن تساهم في نشر العلم وتستطيع أن تقدم لوالدتها ووالدها الصدقات الجارية، بل إنها تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك، كما قيل:

إذا مات ابن آدم ليس يجري****عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل****وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر **** وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي *** إليه أو بناء محل ذكر
وتعليم لقرآن كريم ****فخذها من أحاديث بحصر

وطالما كانت والدتك على الدين والخير فإننا نطمع لها في مغفرة الغفور وفي رحمة الرحيم سبحانه، فاشغلي نفسك بالمفيد واجتهدي في تلاوة كتاب ربك المجيد، واعلمي أن الحياة البرزخية لها أحكامها المختلفة، وأن أرواح المؤمنين تكون في روضة من رياض الجنة، وهي مختلفة عن أحوال الدنيا، ولا يتضرر الميت بذهاب أعضائه.

وأرجو أن تدركي أنه لا يجوز العدوان على قبور الأموات، كما لا يجوز للإنسان هتك أستار الأحياء، فحرمة الميت كحرمة الحي.

ونحن نشكر لك هذا الوفاء للوالدة ونتمنى أن يتحول ذلك الوفاء إلى عمل إيجابي تنتفع به الوالدة وتستفيدين منه أيضا، ولا يخفى على أمثالك أن بر الوالدة لا ينقطع بموتها ولكنه يمتد عبر الدعاء لها وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها، وعن طريق إكرام صديقاتها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه)، فاشغلي نفسك بطاعة الله وكوني وفية للزوج، وتعاونا على البر والتقوى فإن ذلك هو الذي ينفع الإنسان في حياته وبعد الممات.

ونسأل الله أن يرحم والدتك رحمه واسعة، وأن يرحم أموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، ومرحبا بك في موقعك، ونحن سعداء بتواصلك.

وبالله التوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات