السؤال
السلام عليكم
أعاني من الرهاب الاجتماعي بدرجة بسيطة، وأنوي الزواج قريبا إن شاء الله، ولكني متخوف من أن يصاب نصف أولادي بالمرض بعد الزواج، فما هي نسبة حدوث المرض في الأبناء؟
علما بأن لدي أخ واحد انطوائي وخجول نوعا ما، ولكنه ليس مصابا بالمرض، وأما باقي الإخوة فهم طبيعيون واجتماعيون، وأبي وأمي وزوجتي وجميع أهل الزوجة ليسوا مصابين بالمرض، فهل ينتقل الخجل بالوراثة، وهل هناك طريقة معينة للتربية يمكن اتباعها للتخفيف من الخجل عند الأطفال؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن عامل الوراثة في الأمراض النفسية يختلف اختلافا ويتفاوت تفاوتا كبيرا، فالأمراض العصابية مثل القلق والخوف والرهاب لا يمثل الإرث مشكلة كبيرة، ومع ذلك لا ننكر دور الوراثة ولكنه دور بسيط جدا، وأما الأمراض العقلية كمرض الفصام ومرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية فربما تكون الأهمية الوراثية أكثر.
فأنت حالتك هي حالة اجتماعية بدرجة بسيطة، وهذا شيء لا يعتبر ذا أهمية مطلقا من الناحية الوراثية؛ لأن كل أمراض القلق ومنها الرهاب الاجتماعي لا تعتبر أمراضا وراثية بمعنى قوانين الوراثة المعروفة لدى الأطباء.
وربما يكون هناك استعداد بسيط جدا، وهذه تسمى بالعوامل الموصلة، فهذا الاستعداد يسمى بالعامل الموصل، وإذا أتت العوامل المهيئة وهي الظروف الحياتية السلبية وعدم الاستقرار النفسي فهذا ربما يؤدي إلى زيادة نسبة حدوث هذه الحالات.
فأنت تعيش حياة مستقرة وأنت مقبل على الزواج -ولله الحمد-، فأرجو أن تقدم على ذلك وأسأل الله تعالى أن يوفقك، وأؤكد لك تأكيدا قاطعا أن الوراثة لا تلعب دورا أساسيا في الرهاب الاجتماعي، خاصة إذا كان من الدرجة البسيطة، وإن شاء الله لن يصاب أبدا أبناؤك بهذا النوع من هذه الحالة النفسية العصابية، وأما بالنسبة للانطوائية والخجل فهي أيضا ليست وراثية مائة بالمائة ولكنه ربما يكون هناك استعداد لها.
إذن: الخجل أيضا لا ينتقل بالوراثة ولكن هناك أيضا استعداد، وهذا الاستعداد الوراثي حين تتهيأ الظروف الحياتية، أي ظروف البيئة والمحيط الذي يعيش فيه الشخص، إذا لم يكن هناك نوع من التفاعل، ونوع من التواصل، ونوع من رفع المهارات الاجتماعية فهذا قطعا سوف يؤدي إلى احتمال زيادة الإصابة بالخجل.
إذن: نتغلب على ذلك بأن نكون متفاعلين وأن نكون إيجابيين، ولذلك أفضل طريقة في أن يتجنب الطفل الخجل أولا هي أن نشجع الطفل على الأعمال الإيجابية وأن نحثه على ذلك وأن لا نكثر من انتقاده وأن نعامله بأهمية، أي أن نشعره بكيانه ووجوده في داخل الأسرة، ويجب أن نستشيره في بعض الأمور التي تناسب عمره، حتى إذا كان الأبوان هما اللذان يتخذان القرارات ولكن لا بد على الأقل إظهار المشورة للطفل، فهذا يقوي من شخصيته.
وأيضا يجب أن تتاح للطفل فرصة لأن يلعب مع بقية الأطفال فهذا -إن شاء الله- يبعد عنه الخجل، وأيضا لا نسمح للطفل بأن يجلس أمام الكمبيوتر لفترات طويلة لأن هذا يؤدي إلى الانطوائية ويؤدي إلى الانعزال ويؤدي إلى الخجل، ومثل الكمبيوتر التلفزيون وغيره من الوسائل الترفيهية التي يديم الطفل عليها والتي تكون في عزلة.
وممارسة الرياضة بالنسبة للطفل تعتبر عاملا مهما جدا لعدم تعرض الطفل للخجل خاصة الرياضة الجماعية، ونبني في الطفل الشجاعة ونجعله يذهب إلى حلقات تحفيظ القرآن مثلا، فهناك يستطيع أن يواجه ويستطيع أن يثبت وجوده، فهذه هي الطرق الأساسية لئلا يكون أطفالنا عرضة للخجل، نسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يتم لك الزواج وأن يرزقك الذرية الصالحة.
وبالله التوفيق.