السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عشت في أسرة عدد أفرادها كبير، وخلال فترة نضوجي كانت أختي الكبيرة تعاني من مرض نفسي سيء، وعندما أصبحت في أواخر العشرينات تمت خطبتي لشاب، ورغم حبي الكبير له إلا أنني اكتشفت أنه لا يحبني وأنه يستغلني.
ولم أرغب في الانفصال عنه رغم كل مساوئه لأني كنت أحبه وكان عقد الزواج قد تم بيننا، إلا أنه قادني للانفصال والتنازل عن حقوقي المشروعة، وقد عانيت فترة صعبة بعد الانفصال، وبعدها تزوجت وأنجبت طفلين، إلا أني لا أشعر بالانجذاب لزوجي، ويساورني قلق وخوف مستمر على أولادي من المرض والمستقبل، وما زالت التجارب المرة التي مررت بها تعرض على ذهني، وأشعر دائما بالحزن والهم والقلق والتوتر، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صبا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن فضل الله عز وجل أنك تعيشين الآن حياة زوجية جيدة ومستقرة، وقد رزقك الله تعالى فيها بالذرية، فانظري إلى هذه المقومات العظيمة في حياتك، وعليك أن تفصلي فصلا تاما بين حياتك الحالية وبين التجربة السابقة، فقد كانت التجربة السابقة لم يتم لها النضوج ولم تكتمل، وأتيحت لك فرصة ثانية وهي هذا الزواج الحالي، وهذه الفرصة هي التي قامت على أسس واكتملت بالزواج وكان نتاجها طفلين صالحين، وهو شيء جميل ولله الحمد.
والذي تمرين به هو مجرد عدم القدرة على التكيف، وكونك لا تشعرين بالانجذاب لزوجك لا بد أن تتغلبي على هذا الشعور، وهذا الشعور ليس بجيد وليس بسليم، ولا بد أن تعطي زوجك حقه ولا بد أن تبادليه الاحترام والمحبة والتقدير، ولا بد أن تعلمي بأن الزواج هو شراكة ولا بد لكل من الشريكين أن يساهم المساهمة الفعالة من أجل استمرارية هذه الأسرة وهذا الزواج، والمرأة الذكية هي التي تسعى دائما للمحافظة على بيتها وزوجها.
ولا أريدك مطلقا أن تتذكري التجربة السابقة، ولا أقول إنها لن تأتي إلى خيالك، بل ستأتي إلى خيالك ولكنها تجربة فاشلة، والإنسان يجب أن ينظر لما هو فاشل بأنه أمر مرفوض في حياته، وأن الله قد اختار له ما هو أفضل، وهو هذا الزواج الذي أنجبت من خلاله الذرية.
ويجب أن لا تتشوقي ولا تعتقدي أن الزواج الأول لو اكتمل أو استمر كان سوف يكون هو الأفضل بالنسبة لك، فقد قال تعالى: ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون))[البقرة:216]، فأنت الآن تعيشين حياة جيدة في نظري، ولكن عليك أن تستشعري ذلك، وفي نفس الوقت عليك أن توصلي لزوجك الاهتمام به دائما والانجذاب، ومجرد إظهار الاهتمام بالزوج والانجذاب نحوه حتى وإن لم تكن هذه مشاعر داخلية حقيقية سوف تتحول إلى مشاعر حقيقية وجدانية؛ لأن الزوج سوف يبادل العطف بالعطف والانجذاب بالانجذاب والمحبة بالمحبة، وهذا سوف يؤدي إلى تغيير في مشاعرك السلبية نحو زوجك.
وعليك أن تركزي على إدارة بيتك بصورة فعالة، قسمي وقتك بالصورة الصحيحة، واشغلي نفسك فيما يهم بيتك وفكري في مستقبل الأسرة والرعاية الكاملة للأطفال وبالصورة الصحيحة، وعليك أن تكثري من الدعاء أن يحفظ الله بيتك وزوجك وأبناءك وأن يزيل عنك هذه المشاعر السلبية.
وربما يكون أيضا من الأفضل لك أن تتناولي دواء بسيطا مضادا لهذا القلق الاكتئابي البسيط، والدواء البسيط الذي أنصح به لهذه الحالة هو العقار الذي يعرف باسم (موتيفال)، وهو من الأدوية البسيطة وقليلة الآثار الجانبية، وهو دواء سليم، فأرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة في اليوم، ويفضل أن تتناولي الجرعة ليلا، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.
والدواء هنا لا يمثل الركيزة الأساسية لعلاجك، بل الركيزة الأساسية والعناصر الرئيسية التي يجب أن تعتمدي عليها هي أن تنظري لهذه الأسرة بإيجابية أكثر وأن تقاومي الأفكار حول التجربة الماضية، وعيشي حاضرك بكل جمالياته وبكل قوة، وانظري إلى المستقبل بتفاؤل وأمل، وأسأل الله تعالى أن يجمع بينك وبين زوجك على الوفاق والحب والمودة والرحمة والسكينة وأن يحفظ لك ذريتك وأن يجعلها من الصالحين.
وأما ما تعانيه من مرض نفسي فربما تكون هذه إشارة منك للفت نظرنا أنه ربما تكون هناك تأثيرات جينية ناتجة عن الوراثة، وليس هذا من الضروري، ونحن نقول إن بعض الأمراض النفسية إذا وجدت في الأسرة بكثرة ربما يكون هناك استعداد من الطرف الآخر أو من أفراد الأسرة الآخرين لحدوث حالات نفسية متفاوتة لهم، ولكن لا نقول أن هناك الإرث المباشر، فلا تعتقدي أن هناك تأثيرا وراثيا هو الذي جلب لك هذه الأعراض، وربما يكون لديك بعض الاستعداد البسيط، ولكن يجب ألا يشكل هذا مشكلة حقيقية بالنسبة لك.
وبالله التوفيق.