السؤال
الحمد لله، لقد شفيت من الوسواس فجأة، ولم أشتك لمدة (4) أشهر، وأحس أنه يعاودني الوسواس للرجوع، وأحاول أن أبعده عني.
السؤال المهم الآن هو:
في نفسي طبيعة أريدها أن تذهب عني وهي عند مخاطبة أي شخص يكون كلامي سريعا، وعندما أمشي أمشي بسرعة - وحتى الأكل وحركاتي كلها سريعة - وكأني أعاني من التوتر، وقد قال لي بعض الأصدقاء بأني سريع.
أرجوكم ما هي الطريقة التي تبعد عني هذا الشيء؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
السرعة الوسواسية لا خوف منها وهي ليست علة كبيرة وليست صعبة العلاج، الذي يصعب علاجه هو البطء الوسواسي.
هنالك حقيقة يجب أن أؤكدها لك أن صاحب الوساوس بما يأتيه من قلق تأتيه بعض الأحيان مبالغة في مشاعره، بمعنى أنه إذا كان يعاني من عرض معين يفسر هذا العرض أو يستقبله بصورة مجسمة ومضخمة ومبالغ فيها، وفي حالتك أرجو أن تتفهم ذلك، وبالرغم من أن بعض الأصدقاء قد ذكر لك أن كلامك سريع ولكن عليك أن تتفهم أنها ربما تكون مبالغة.
وعموما لا شك أن تحديد الزمن لإنجاز شيء معين يعتبر وسيلة علاجية طيبة، وأنا لا أدعوك مطلقا أن تكون بطيئا؛ لأن البطء أيضا علة كبيرة، إنما أن تكون وسطيا فيما تقوم به، وهنالك تفاوت بين الناس.
فمثلا أعرف من يذهب إلى الحمام كي يقوم بالاستحمام ويقضي ساعة داخل الحمام، وهنالك من يقضي خمس أو عشر دقائق، فهنالك تفاوت بين الناس لابد أن نراعيه ولابد أن نقدره.
يمكنك أن تبدأ في نوع من العلاجات السلوكية عن طريق ما يعرف بالتأمل الخيالي، قل لنفسك مثلا: أنا سوف أقرأ سورة من القرآن – سورة معينة مثلا سورة النازعات – هذه السورة يمكن أن يقرأها الإنسان في دقيقتين، ولكن أنت قل لنفسك: أنا سأقرؤها في خمس دقائق، وضع أمامك الساعة وابدأ في القراءة، وحين تنتهي من الربع الأول من السورة لابد أن تكون قد قرأت ذلك أقل شيء في دقيقة مثلا، وإذا كنت قد قرأته في أقل من دقيقة فحاول أن تقرأ الربع الثاني بصورة أبطأ، ثم تتأكد من الزمن الذي استغرقته، وهكذا تأتي بعد ذلك للربع الثالث من السورة،وبعد ذلك الجزء الأخير من السورة. أي تضع لنفسك وقتا وتنظر أمامك في الساعة، ويجب أن تقوم بهذه التمارين يوميا صباحا ومساء.
ثانيا: عليك أن تجيد مخارج الكلمات، حاول أن تركز على مخارج الكلمات وتتحقق منها، حتى في الكلام العادي، فمثلا إذا قلت (السلام عليكم) تحقق في الأحرف وفي الكلمات، وهذا بالطبع سوف يستغرق وقتا.
ثالثا: عليك أن تتعلم أن تأخذ نفسا عميقا، املأ صدرك بالهواء في بداية الكلام، فهذا قد وجد أيضا أنه يساعد كثيرا في بطء الكلام.
رابعا: قم بتسجيل نص معين واقرأه ببطء وبعد ذلك استمع لنفسك، سوف تجد أنك قد قرأته ببطء، وإذا كانت قراءتك بسرعة قم بتسجيله مرة ثانية وقل لنفسك: إني قد استغرقت خمس دقائق في المرة الأولى ولكني في هذه المرة سوف أستغرق عشر دقائق... وهكذا.
وبالطبع هذه التمارين لابد أن تكرر بصفة يومية.
ويمكن أيضا بالطبع مقابلة أخصائي التخاطب للاستفادة منه لمزيد من التمارين، ولكن هذه هي الأسس الرئيسية: أن أكرر، وأن أحدد الزمن، وأن أسجل ثم أستمع لما قمت بتسجيله وأن أصحح مساري على ضوء ذلك، وآخذ النفس العميق مع الكلام أو في بداية الكلام.
وهذا أيضا ينطبق على السرعة في المشي والسرعة في كل شيء، فأولا أحاول أن أغير نفسي فكريا بمعنى أقول لنفسي: أنا سوف أقوم بإنجاز هذا العمل أو هذا الشيء في هذا الوقت، فهذا يعتبر علاجا وطريقة ممتازة جدا للتخلص من هذا النوع من القلق الوسواسي.
أنا لا أعتقد أنك تعاني من وساوس وإنما هو قلق وسواسي أكثر مما هي وساوس حقيقية.
إذن هذه التطبيقات تعتبر تطبيقات جيدة إن شاء الله - ومفيدة لك، وعليك أن تتخذ قدوة لك من بعض الناس، فعلى سبيل المثال إذا جلست مع بعض الأخوة في حلقة من حلقات التلاوة حاول أن تقلد أكثرهم تؤدة وبطأ في قراءته وإحسانا في إخراج الأحرف، وحين تمشي مع أحد حاول أن تمشي بنفس الطريقة التي يمشي بها.. هذه إن شاء الله كلها مفيدة.
وإذا كانت هذه الأعراض مزعجة بالنسبة لك فلا مانع أن تستعين بأحد الأدوية البسيطة، فهنالك أدوية معروف أنها تفيد كثيرا في مثل هذه الحالات، فهنالك عقار يعرف باسم (فافرين) هو عقار بسيط وجيد ولا مانع إذا كانت هنالك ضرورة وقلق شديد تشعر به أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه، وهنالك عقار آخر يعرف باسم (زولفت) وجرعته -أيضا- خمسون مليجراما، ليلا لمدة ثلاثة أشهر أيضا، وهنالك عقار ثالث يعرف باسم (بروزاك) بجرعة عشرين مليجراما صباحا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر أيضا.
هذه - إن شاء الله - كلها تساعد في إزالة هذا القلق الوسواسي وإن كنت لا أراها ضرورة؛ لأنه -والحمد لله- حالتك حالة بسيطة ويمكن التخلص منها بتطبيق الإرشادات السلوكية السابقة.
جزاك الله خيرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية وثقتك في استشاراتها.
وبالله التوفيق.