السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة مهندسة، ولي طموحات أتمنى أن أحققها، وعندما كنت في بلدي كنت أشغل وظيفة لا بأس بها لكنها لا تساعدني كفاية، ولذلك قررت الهجرة، والآن أشعر بالوحدة القاتلة رغم أني أعيش مع خالتي وزوجها وأبنائها، وكنت أتمنى أن أعمل حتى أساعد أسرتي.
علما بأن أسرتنا كلها فتيات كلهن متزوجات، وقد تعرفت هنا على شاب يريد الزواج فاستخرت الله تعالى لكني أتمنى أن أتزوج لكي أكمل نصف ديني، فهل بعد الاستخارة أستطيع أن أطلب من الله أن أتزوج من هذا الشاب؟ وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عابدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الاستخارة هي طلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير، والمؤمنة إذا لم يتبين لها الخير من غيره صلت صلاة الاستخارة وشاورت أهل الخبرة والدراية ثم توجهت إلى من بيده الخير والهداية، وإذا كنت قد صليت فما عليك إلا أن تقبلي بالشاب إذا وجدت في نفسك تجاهه انشراحا؛ إذ ليس من شرط الاستخارة أن يرى الإنسان شيئا أو أن يجد شيئا، ولن تندم من تستخير وتستشير، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك إنه على كل شيء قدير.
ولا يخفى على أمثالك أهمية الزواج وحاجة المرأة للرجل وحاجة الرجل إليها، فقد خلقت المرأة للرجل ولها خلق، قال تعالى: (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ))[الروم:21]، ولم يقل (لتسكنوا معها)، بل قال (إليها) لأن الإنسان يستريح لأصله، فيتحقق بذلك السكن الجسدي والنفسي والروحي، وإذا وجدت في نفسك ميلا إلى الرجل ووجد في نفسه مثل ذلك فاعلمي أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وأنت عندك خبرة فقد سبقت لك تجربة، ونحن نكرر لك الوصية بتقديم الدين والأخلاق، ونسأل الله أن يسهل لك أمورك.
وأرجو أن لا يحصل تردد إذا كان الشاب مناسبا؛ لأن الحياة فرص، والزواج استقرار وضرورة، خاصة في بلاد الشهوات، والإنسان عندما يقدم على الزواج بعد الاستخارة لا يندم؛ لأنه فوض أمره إلى العظيم وردد (اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي وبارك في فيه) إلى أن يقول: (فاصرفه عني واصرفني عنه، وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به).
وأرجو أن نلاحظ العظمة في قوله صلى الله عليه وسلم: (واصرفني عنه)؛ لأن الإنسان قد يرفض الشر ولكنه يظل متعلقا به، وتأملي قوله: (ثم رضني به) فإن الإنسان قد ينال خيرا ولكنه يحرم الرضى فيكون في شقاء وسخط، وما أحوجنا إلى فهم وإدراك معاني الأذكار والأخبار الواردة عن رسولنا المختار عليه صلاة ربنا وسلام ما غاب نجم أو طلع نهار.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ونسأل الله التوفيق والسداد، وعليك بكثرة الاستغفار والإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وحافظي على دينك، واعلمي أن ما عند الله من التوفيق لا ينال إلا بطاعته، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به وأن يلهمك السداد والرشاد.
وبالله التوفيق والسداد.