السؤال
أنا شخص انطوائي وزادت معي الحالة في الأيام القريبة إلى أن صار حضور المناسبات الكبيرة والصغيرة مشكلة كبيرة جدا بالنسبة لي، وهذا يزعجني كثيرا، فهل الحالة تزداد مع الأيام؟ علما بأنها معي منذ زمن، ولكني كنت أتدارك الأمور وأقدم حلولا مؤقتة ولا يزعجني هذا الشيء، أما الآن فهو شغلي الشاغل، ودائما ما أقول لنفسي: أنت ولا شيء، أنت خواف، أنت جبان، أنت أنت أنت؟ إلخ.
هناك سؤال آخر وهو: هل الجبن له علاقة بالانطوائية؟ بمعنى: لماذا لا أتأقلم مع الغرباء، وأخاف منهم في البداية؟ وخاصة إذا كانوا أكثر من اثنين، أو الرهبة من مكان ما كالسوق والمحطات البترولية والدوائر الحكومية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا أقدر بالطبع وصفك أنك شخص انطوائي، ولكن أتمنى أن يكون هذا الحكم حكما خاطئا؛ لأن كثيرا من الناس ينعتون أنفسهم بصفات لا تكون دقيقة، ومن الوصف الذي ذكرته أنت لديك حالة نفسية معروفة جدا، وهي نوع من القلق النفسي ويسمى بـ (الرهاب/ الخوف الاجتماعي) وهذا بالطبع يجعلك انطوائيا ولا تستطيع التأقلم مع الغرباء ويأتيك نوع من الرهبة والخوف.
أنت لست بجبان مطلقا، هذا نوع من حالة نفسية ناتجة عن القلق، وفوق ذلك لديك ما يعرف بـ (رهاب الساحة) وهو الخوف – كما ذكرت – من التجمعات والأسواق والدوائر الحكومية وغيرها.
إذن هذه حالة من القلق النفسي يعرف باسم (الرهاب)، وأنت لديك المشتق الاجتماعي ولديك أيضا مشتق آخر وهو (رهاب الساحة) وهي مرتبطة ببعضها البعض كثيرا.
هذه الحالات يمكن العلاج منها وهي ليست نوعا من الجبن – أؤكد لك ذلك – وقد قيل أن الإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود ولكنه يخاف من القطط.. إذن الحالة هي حالة نفسية ولا تتعلق بالشجاعة أو الجبن.
طريقة العلاج هي أولا: أن تستوعب هذا التفسير الذي ذكرته لك، هذا أمر ضروري جدا وفي رأيي يمثل خمسين بالمائة من العلاج.
ثانيا: عليك ألا تتجنب هذه المواقف الاجتماعية، عليك أن تقتحم وتصر أن يكون لك حضورك في المواقف الاجتماعية بصورة قاطعة، وأن تتأكد أن مشاعر الرهبة والخوف والانقباض الداخلي والخوف من الحرج أمام الآخرين هي أعراض مبالغ فيها ولن يحدث لك أي شيء، فلن تطيح ولن تتلعثم، هذه كلها نوع من التفاعلات النفسية الفسيولوجية التي تحدث للناس، ولكنها مبالغ فيها وليست حقيقة كلها.
الأمر الآخر الذي أطلبه منك هو أن تقوم ببعض التفاعلات الاجتماعية العلاجية الجماعية الغير مباشرة، وهنالك وسيلة أو وسيلتان من أروع ومن أفضل ما يكون:
الطريقة الأولى هي: أن تنسجم وتبدأ في برنامج رياضي مع مجموعة من الأخوة الذين تعرفهم، فالرياضة الجماعية مثل كرة القدم أو كرة السلة أو حتى المشي مع مجموعة من الأخوة تساعد كثيرا في علاج هذا النوع من القلق.
الطريقة الثانية هي: حضور حلقات التلاوة، وهذا أؤكده لك بصورة قاطعة؛ فإن حضور مثل هذه الحلقات يبعث على الطمأنينة ويزيل الخوف ويؤدي إلى التواصل الاجتماعي، وهذه قيمة علاجية عالية وكبيرة جدا ولك - إن شاء الله تعالى – الأجر في حضور مثل هذه الحلقات.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فتوجد الآن بفضل الله تعالى أدوية نفسية فعالة جدا هي في الأصل أدوية مضادة للاكتئاب ولكنه وجد أيضا أنها تعالج القلق والخوف والرهاب بصورة فعالة، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم (زيروكسات) وهو الحمد لله تعالى متوفر في المملكة العربية السعودية فأرجو الحصول عليه وأن تبدأ في استعماله بجرعة نصف حبة – عشرة مليجرام – ليلا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، وبعد شهر ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم - ومن الأفضل أن تتناوله في المساء بعد تناول العشاء – واستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك ابدأ في تخفيضها بمعدل نصف حبة كل شهر حتى تتوقف عن تناوله.
هذا الدواء من الأدوية السليمة والممتازة جدا وهو قليل الآثار الجانبية ولا يضر مطلقا على الأعضاء الرئيسية في الجسم.. فقط من آثاره الجانبية أنه ربما يؤدي إلى زيادة في الشهية نحو الطعام خاصة في الأيام الأولى، وعليه حاول إذا حدث لك ذلك أن تتحكم في نوعية الأطعمة وكميتها، وعليك بممارسة الرياضة فهي فعالة ومفيدة – كما ذكرت ذلك سابقا -.
أيضا من الآثار الجانبية لهذا الدواء أنه ربما يؤخر القذف المنوي لدى بعض الرجال قليلا، ولكنه لا يؤثر سلبا على الذكورة أو المعاشرة الزوجية، وإن كان البعض يظن أنه ربما يؤدي إلى ضعف جنسي بسيط، ولكن هذه نادرا ما يحدث، فقد رأينا الكثير من الذين تحسن أداؤهم الجنسي لدى تناول هذا الدواء.
وتوجد أدوية بديلة أخرى منها عقار يعرف باسم (زولفت) وآخر يعرف باسم (فافرين) وثالث يعرف باسم (سبراليكس)، ولكن أعتقد أن الزيروكسات سوف يكون هو الأفضل بالنسبة لك، فأرجو أن تتناوله وتطبق الإرشادات السابقة، وأؤكد لك أنك لست جبانا ولست انطوائيا - إن شاء الله – هذه مجرد حالة من القلق، وأرجو أن تكثر من التواصل مع الآخرين وأن تزور أرحامك، وكذلك حاول أن ترفع من مستوى اكتسابك للمعلومات؛ لأن اكتساب المعرفة يجعل للإنسان حضورا أمام الآخرين ويسهل عليه التواصل والحوار معهم.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.