كيف أضمن أن أكون على الحد الأدنى من دين الإسلام؟

0 372

السؤال

أنا فتاة لا أحب الخروج من المنزل، ولا أحب عمل شيء، ولا أحب الحديث مع أحد، ولا أحب السفر.

أشعر بأن ذلك يعرضني لأن أموت على غير ديني، فما العمل؟ كيف أضمن أن أكون في الحد الأدنى من الإسلام الذي أضمن أن أموت عليه والحد الأدنى من الإيمان؟ أنا متعبة جدا. ما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك مرة أخرى في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك لكل خير وأن يعافيك من كل مكروه وبلاء، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فكما لا يخفى عليك أن الإنسان مدني بطبعه وأنه يستحيل أن يعيش وحده، وأن الله تبارك وتعالى ركب هذا الكون كله بعضه يستفيد من بعض ويتفاعل مع بعض، وأنه يصعب على الإنسان فعلا أن يعيش بعيدا عن الناس.

قطعا أنت الآن لولا وجود من يتولى مساعدتك لخرجت من البيت، فهناك أب وهناك أم وهناك إخوة وأخوات، حتى هناك بعض العاملات والخادمات أو غيرهم الذين يقومون على توفير حاجتك لك؛ لأنه يستحيل فعلا على أي إنسان أن يعيش في هذا العالم دون أن يتفاعل مع الناس.

فقضية عدم رغبتك في الخروج من المنزل هذه شيء سلبي وإيجابي، أما كونه إيجابيا فإن الله تبارك وتعالى قد أمر النساء بالقرار في البيت بقوله تعالى: (( وقرن في بيوتكن ))[الأحزاب:33]، فإذا كانت هذه عبادة وإن كان هذا من باب الدين أنك لا تريدين الخروج من البيت حتى لا تقع عينك على المحرمات أو تختلطي بالفساد وأهله فهذا شيء آخر، أما إذا كانت حالة نفسية فلابد لها من علاج، فأقول:

إن عدم الخروج إذا كان لمقصد شرعي فهو حسن وحميد ورائع، والمرأة المؤمنة عادة لا تخرج من بيتها إلا لضرورة شرعية، وهذا هو شرع الله تبارك وتعالى عدم خروج المرأة إلا لضرورة شرعية وحاجة، وإذا خرجت فإنها تخرج بالحجاب الشرعي الكامل، وإذا كان المكان بعيدا فلابد أن يكون معها محرم؛ لأن هذا هو شرع الله تعالى.

أما إذا كانت عدم الرغبة في الخروج أمر نفسي ولا علاقة له بالشرع فإذن هذه حالة مرضية، ولذلك أتمنى أن تعرضي نفسك على أخصائيين؛ لأن هذه مسألة لا تأخذي عليها أجر.. نعم أنت الآن حاليا عندك مشكلة أنك لا تخرجين ولا تحتكين بالناس ولكن تبقى المشكلة في ماذا؟ تبقى في أنك انقطعت عن العالم وهذه حالة مرضية، والدليل على أنها حالة مرضية أنك لا تحبين عمل شيء، فعدم رغبتك في عمل أي شيء هذا أيضا شيء غير طبيعي؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يظل عالة على غيره، يعني هناك الآن من يساعدك في الطبخ والغسيل وتنظيف البيت وترتيبه، فرضا أن هؤلاء غير موجودين فكيف ستعيشين؟!

فبارك الله فيك هذه الحالة التي ذكرتيها تدل على أنك غير طبيعية لا تحبين الحديث مع أحد ولا تحبين عمل أي شيء، وأيضا كذلك ذكرت أنك لا تحبين السفر، أيضا كذلك كما ذكرت إذا كان السفر هذا لا تحبينه من الناحية الشرعية فحسن، ولكن إذا كان ذلك لمجرد أمور نفسية فهو حالة مرضية.

وكيف لا تحبين الحديث مع أحد وأنت لا تستطيعين أن تستغني عن الناس؟! كيف تستطيعين أن تعيشي دون أن تتكلمي مع أب أو أم أو أخت أو أخ أو عم أو عمة أو خال أو خالة، أو أقاربك أو جيران - هذا صعب - . أنت تشعرين بأن ذلك يعرضك لأن تموتين على دينك فهذا غير صحيح، هذا - بارك الله فيك – وهم غير صحيح؛ لأن العلاقة مع الناس أبدا لا تؤدي إلى إفساد الدين إلا إذا كانت علاقة غير مشروعة، وكما ورد في الحديث: (إن من يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، والنبي عليه الصلاة والسلام حبيبك الذي تحبينه كان يختلط بالناس، له زوجة وله أولاد وله أصحاب، اختلط مع المسلمين، اختلط بالكفار، وقابل الناس جميعا حتى آخر لحظة في حياته، وهكذا أصحابه والصالحين من عباد الله لم ينقطعوا أبدا عن الناس بحجة أنهم إن اختلطوا بهم سيموتون على غير الدين، هذا ليس صحيحا.

فأنا أتمنى - بارك الله فيك – أولا أن تعلمي أن هذه الحالة التي ذكرتيها كلها ليست طبيعية وأنك في حاجة إلى علاج، والعلاج يبدأ أولا بأخذ قرار بكسر هذا الحاجب ومحاولة الخروج من البيت أولا ملتزمة بالزي الشرعي، وأن تذهبي على الأقل إلى المساجد وتصلي مع المسلمين وتحضري المحاضرات والندوات الشرعية، وتشاركي في بعض الأعمال الاجتماعية الطيبة، وهذا سيزيد في إيمانك – صدقيني – ولن ينقص منه - بإذن الله تعالى - .

كونك كيف تضمني أن تكوني في الحد الأدنى من الإسلام، فالأمر بسيط فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه دخل الجنة) والله تبارك وتعالى جعل الصلاة من أعمال الدين والحجاب من أعمال الدين، فبهذه - بإذن الله تعالى – أنت على خير، وأنت لديك بفضل الله تعالى ما هو أكبر من الحد الأدنى، الحد الأدنى من الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنت ولله الحمد تشهدين بذلك وأنت تحافظين على الصلاة وهي خير أعمال الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة، فإن كانت كاملة كمل سائر عمله.

أيضا الحجاب (( قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ))[الأحزاب:59]، وأنت قطعا مسلمة محجبة ولذلك عندك الحمد لله تعالى من الدين كثير.. أيضا غض البصر عن الحرام وكف الأذى عن الناس، هذه كلها أمور عظيمة أتمنى تتمسكي بها وأتمنى ألا تهمليها، ولذلك أقول - بارك الله فيك - :

كم أتمنى أن تشتري شريطا للرقية الشرعية أو كتيبا عن الرقية الشرعية وتحاولي أن ترقي نفسك لاحتمال أنك محسودة، فحاولي أن ترقي نفسك وإذا لم تستطيعي فلا مانع أن تستعينين بأحد أرحامك كأن يكون أبوك أو أخوك – إذا كان ملتزما – أو أمك تقوم برقيتك، وإذا لم يتيسر ذلك فلا مانع من أن تذهبي إلى بعض الثقات الذين يرقون بالكتاب والسنة وليس لديهم بدع ولا خزعبلات ولا خرافات ليقوموا بعمل رقية لك لاحتمال أن تكوني فعلا محسودة أدى هذا الحسد إلى انعزالك عن الناس، وهذا - إن شاء الله تعالى – سهل ميسور.

أما الحالة التي أنت فيها فليست طبيعية، ولذلك لابد أن تقرري الخروج منها، وبإذن الله تعالى بالنسبة للعلم الشرعي أو بالنسبة للحد الأدنى من الإسلام أو الإيمان أتمنى أن تحاولي اقتناء بعض الكتيبات الإسلامية ككتاب مبسط في العقيدة وكتاب في العبادات أيضا: في الطهارة والصلاة والصيام والزكاة – وغير ذلك – وكتاب في الأخلاق مبسط أيضا، وحاولي أن تطلعي على ذلك وتطبقي ما في هذه الكتب من علوم ومعارف، وأنا واثق بأنك - إن شاء الله تعالى – ستكونين إنسانة رائعة، وأنا متأكد - إن شاء الله تعالى – لو قرأت هذه الكتب ستكونين من الداعيات، ولكن أتمنى كما ذكرت أن تبدئي الآن بالاختلاط بالأخوات الصالحات وأن تتعرفي على الأخوات الملتزمات، وقطعا عندكم في الأردن – تبارك الله ما شاء الله – عدد كبير من الأخوات الملتزمات الصالحات، حاولي أن تحتكي بهم، خاصة وأن لديكم في الأردن في وزارة الأوقاف هناك شعبة خاصة لدعوة النساء، وهناك محاضرات للنساء وهناك أنشطة رائعة، فاختلطي بهؤلاء ولا تعزلي نفسك عن العالم؛ لأن هذه حالة غير طبيعية، فاقتني بعض هذه الكتب، وأتمنى أن تجربي الرقية الشرعية وأنا واثق من أنك ستكونين رائعة، وبإذن الله تعالى ستكونين صالحة وتقية، وإن شاء الله تعالى سيتوفاك الله تعالى على عمل صالح، فلا تشغلي بالك بهذه الأمور، واستعيني بالله وتوكلي عليه واخرجي إلى هذه المجالس واقرئي هذه الكتب واستعملي الرقية، وأرجو أن تطمئنينا على حالتك قريبا.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات