السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عمري 25 سنة، أمارس العادة السرية، رغم أنني أعلم أنها حرام، حاولت الامتناع عنها دون جدوى، أقول: الزواج هو الحل لكنني أخاف من الجانب المادي، علما أنني -والحمد لله- لم أزن أبدا، ولم أرتبط بالجنس الآخر قط، مخافة الوقوع في الزنى، بالإضافة إلى أنني أحس بالبعد عن الله -عز وجل- فأنا أتكاسل في الصلاة وفي تلاوة القرآن، مع أنني أحيانا أزور المواقع الإباحية.
أطلب منكم مساعدتي وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Adil حفظه الله
السلام عليكم ورحمة وبركاته وبعد
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى جل وعلا- أن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك، وأن يتوب عليك، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجعلك من صالح عباده المؤمنين.
بخصوص ما ورد برسالتك أخي الفاضل فإنك -ولله الحمد- والمنة قد أكرمك الله تبارك وتعالى بنعم عظيمة، من هذه النعم أنه حفظك من معصية الزنا، لأنك تعلم أن جريمة الزنا من أعظم الجرائم، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا زنا العبد خرج الإيمان من قلبه فكان فوق رأسه كالظلة).
فالحمدلله أن الله -تبارك وتعالى- قد تفضل عليك وحفظك من هذه المعصية الكبيرة؛ ولذلك عليك أن تحمد الله فعلا على هذه النعمة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على التخلص أيضا من المعصية الأخرى التي هي مقدمة الزنا (عيإذا بالله تعالى) ألا وهي ممارسة العادة السرية السيئة، فالعادة السرية فوق أنها حرام كما ذكرت أنت بأنك تعرف أنها حرام، فإنها مدمرة لكل شيء، ومن يفعلها ويقع فيها يصاب بأمراض عظيمة لا يعلم بها إلا الله تبارك وتعالى، ثم بعد ذلك أيضا بما ثبت من واقع تجربة الناس أنها تؤثر على استقرار الإنسان في حياته الزوجية، فإنه يصاب بضعف في إتيان أهله ولا يشعر بالاستمتاع نتيجة تعوده على طريقة معينة لإفراغ شهواته ولإسعاد نفسه؛ ولذلك إذا ما تزوج لا يستطيع أن يسعد بالزوجة ولا أن يسعد زوجته، ولا يستطيع أن يسعد بالحياة الزوجية لأنه لم يجد في أهله ما يطلبه في فعله الذي يمارسه بيده.
فهذه مسألة ينبغي أن تنتبه لها بارك الله فيك وحفظك الله ورعاك، وحتى تعان على التغلب على هذه العادة، فأتمنى أن ترجع إلى الاستشارات السابقة التي تكلمنا فيها عن كيفية مقاومة العادة السرية، وسوف أختصر لك أيضا بعض النقاط في عجالة:
(1) أن تعلم أنها حرام، وهذا -ولله الحمد- متوفر عندك.
(2) أن تعلم أن ضررها على البدن عظيم، فإنها تستنزف قواك التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها؛ لأن الله تعالى جعل للرجل طاقة؛ ولذلك حتى وإن كان الرجل متزوجا لا يستطيع أن يأتي أهله في كل لحظة وإنما في أوقات يرى فيه الرغبة والاستعداد الفطري لإتيان أهله فيحدث ذلك، أما هذه العادة السرية فأنت تمارسها في الوقت الذي تريده أنت؛ ولذلك أنت تحدد مقدار الاستنزاف الذي تستنزفه من قواك نتيجة هذه العادة المحرمة التي ما حرمها الله تبارك وتعالى إلا لأنها تلحق ضررا بعباد الله -عز وجل-.
(3) أن تعلم أن هذه العادة السرية إذا أردت أن تتخلص منها بجوار ما سبق أن تبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك فيها وذلك كالخلوة، فتجتهد ألا تختلي بنفسك كثيرا، فإذا كنت تنام وحدك فاحرص على ألا تغلق باب الغرفة مثلا، وإذا كنت تنام مع أحد من إخوانك فاحرص على ألا تنفرد مثلا في دورة المياه وتطيل الوجود فيها، واحرص على أن تلبس ملابس واسعة حتى لا تحدث عندك بعض الإثارة، كذلك أيضا زيارتك للمواقع الإباحية مما يزيد الطين بلة ويؤجج الشهوة في قلبك، فاتركها أيضا حياء من الله تبارك وتعالى واستحي من الله على قدر قرب الله تبارك وتعالى منك؛ لأنك تعلم أن الله قال: (ألم يعلم بأن الله يرى)، [العلق:14]، فأنت لا تستطيع أن تدخل إلى هذه المواقع في وجود أي امرئ من إخوانك أو والدك أو والدتك، فلماذا جعلت الله أحقر الناظرين في عينك؟ تدخل إلى هذه المواقع ولا تستحيي من الله رغم أنك لا تستطيع أن تدخلها مع أقل عبد من عباد الله تعالى، وهذا يدل فعلا -كما ذكرت- على ضعف إيمانك وأنك في أمس الحاجة إلى زيادة الإيمان، ومن العوامل التي تعينك على زيادة الإيمان ترك هذه المعاصي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتق المحارم تكن أعبد الناس)، فاجتنب الحرام تكن أعبد الناس.
أنا واثق أنك لو تركت العادة السرية، وتركت الدخول إلى المواقع الإباحية سوف يزيد الله في إيمانك، وتحس فعلا بالقرب من الله تبارك وتعالى، وسوف تعان على الصلاة وتلاوة القرآن؛ لأن المعاصي لها شؤم خطير، ومن شؤمها حرمانك من الطاعات، ومن أعظم الطاعات الصلاة والأنس بالله، وتلاوة كلام الله تعالى، فإذا ما تركت العادة السرية، وإذا ما تركت الدخول إلى المواقع الإباحية وقلت: (يا رب إني تركت ذلك من أجلك حياء منك وخوفا منك وحدك، فاملأ قلبي بمحبتك وطهر قلبي وحصن فرجي واغفر ذنبي)، فثق وتأكد أنه مع الأيام ستجد نفسك وقد امتلأ قلبك بمحبة الله تبارك وتعالى بفضل الله تعالى ورحمته؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشرك بقوله: (اتق المحارم تكن أعبد الناس)، أي اجتنب الحرام تكن أعبد الناس، أي من أعبد الناس، لأن ترك الحرام مقدم على أداء الفرائض، والأصل فيه أنك لا تفعله؛ ولذلك إذا ما تركت الحرام كما أخبر الله تبارك وتعالى تعان على طاعة الله -عز وجل-.
(4) اجتهد بارك الله فيك على أن تحافظ على الصلاة في أوقاتها، فإذا ما سمعت المؤذن يؤذن فعجل بالتوجه إلى المسجد مباشرة، فإن ذلك فيه إعانة، أما أنك لو سمعت المؤذن يؤذن وتكاسلت أو تباطأت أو قلت سوف أذهب بعد قليل فإنه قطعا ستفوتك صلاة الجماعة، وصلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ كما تعلم ببضع وعشرين درجة، ولذلك اجتهد حتى تعان أن تصلي الصلاة في جماعة مع المسلمين؛ لأن صلاة الجماعة لها مذاق خاص ولها طعم خاص ولها عطاء خاص، فاجتهد بارك الله فيك وتستطيع ذلك عن طريق ترتيب وقتك، خاصة في صلاة الفجر، فتستطيع أن تستعين بساعة توقظك عند وقت الأذان، وتستطيع أن تستعين بجوال تضبطه على وقت الأذان، وتستطيع أن تستعين بصديق أو بأحد أفراد الأسرة، وتستطيع أن تستعين بالهاتف العادي، المهم أنك تستطيع أن تعان على ذلك إذا أخذت بالأسباب.
أيضا احرص على أن تنام مبكرا، وألا تكثر من طعام العشاء، وأن تنام على السنة بأن تنام على الوضوء، وأن تقول أذكار النوم، فهذا كله يعينك على صلاة الفجر، واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بشرك بقوله: (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله)، أي في عناية الله، وفي حفظ الله، وفي رعاية الله، وفي حراسة الله.
(5) ومن الأسباب التي تعينك على القضاء على العادة السرية عدم الاطلاع على الأشياء المثيرة، كالدخول إلى المواقع الإباحية أو مشاهدة الصور العارية أو المجلات أو الأفلام، أو غير ذلك من هذه الأشياء التي تثير الرغبة الجنسية لدى المسلم.
(6) كذلك أيضا من الأسباب المعينة على تركك العادة السرية غض البصر؛ ولذلك قال الله تبارك وتعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)[النور:30]، فهناك علاقة قوية ما بين غض البصر وحفظ الفرج.
(7) ومن العوامل المعينة على ترك العادة السرية عدم الاختلاط بالنساء الأجنبيات، بمعنى أنك لا تدخل إلى الأسواق أو الأماكن التي فيها عري أو تعر إلا عند الضرورة، فإذا لم تكن هناك ضرورة فلا تدخل إلى هذه المواقع.
أما كونك تخاف من الزواج لأن الجانب المادي عندك ضعيف وتخاف منه، فإن هذا من الشيطان -أخي الكريم-؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاثة حق على الله عونهم) من هؤلاء الثلاثة: (الشاب يريد العفاف)، فثق وتأكد من أنك إذا تزوجت بإذن الله تعالى بقصد أن تغض بصرك وأن تحصن فرجك سوف يعينك الله -تبارك وتعالى- ويوسع عليك، واعلم أنك إن تزوجت امرأة فإن رزقها سيضاف إلى رزقك، فيكون لك رزقك الشخصي ورزق زوجتك معك، فتتسع عليك الأرزاق، وإذا ما رزقك الله بولد فسيأتي رزقه أيضا فتكون ثلاثة أرزاق في بيت واحد، فخذ بنصيحتي وتوكل على الله، وابحث عن فتاة صالحة مؤمنة تعينك على طاعة الله، وتزوج في أسرع وقت، وأبشر بتوسعة من الله في رزقك، وإطالة في عمرك، وبركة لك في صحتك؛ لأن الله تبارك وتعالى وعد الصالحين بأن يكون معهم، فاستعن بالله ولا تعجز، وأسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأتمنى أن تبشرنا بزواجك قريبا.
هذا وبالله التوفيق.