السؤال
السلام عليكم ورحمة الله ..
سؤالي: لي ابن يبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة، تعترية حالات ليست بالطبيعية، مثلا بأن يفقد النطق ويكون كأنه طفل في السنتين، وتارة يكون في حالة وعي بما حوله، وفاقد النطق ثم يرجع لطبيعته، وكأن شيئا لم يكن.
أرجو المساعدة في علاج طفلي، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nagwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الحالات التي تنتاب هذا الابن -حفظه الله تعالى- من الناحية النظرية وأيضا من الناحية العملية لدرجة كبيرة يمكن أن نقسمها إلى قسمين:
إلى أنها ذات منشأ عضوي، أو ذات منشأ نفسي، وتنحصر الأسباب النفسية الرئيسية لمثل هذه الحالات في بعض الأطفال في هذه السن، يحدث لهم نوع من النكوص أو التراجع في بعض سلوكياتهم ومنها التلعثم في الكلام أو فقدانه لفترات معينة أو عدم القدرة على التعبير بصورة واضحة.
وقد يحدث للبعض أيضا التبول اللاإرادي ليلا كنوع من النكوص والرجوع إلى مرحلة ارتقائية متأخرة في حياة الطفل، ويكون السبب في ذلك أن الطفل في الغالب قد تعرض لنوع من الضغط النفسي أو لأوضاع لا ترضيه وجعلته يعيش تحت الخوف والرهبة، وهذا يدفعه بصورة شعورية ولاشعورية إلى هذا النكوص وهذا التراجع، وذلك محاولة منه لاستدرار عطف الآخرين أو على الأقل لتجنب مزيد من الضغوط عليه.
فأرجو أن نتأكد تأكيدا قاطعا بأن هذا الطفل - حفظه الله – لم يتعرض إلى مشكلة نفسية كان سببها الضغوط إما على المستوى المدرسي أو البيت أو على مستوى أقرانه أو أنه قد عومل معاملة لم يتقبلها، وهذا يتطلب منكم بالطبع التجرد والنظرة لما سلف من معاملة للطفل، وإذا كان السبب نفسيا يمكن الوصول إلى الدوافع والمسببات التي أدت إلى هذا التراجع في أداء الطفل السلوكي، ومن ثم يمكن وضع الحلول المناسبة وذلك بالعمل على طمأنة الطفل وعلى تشجيعه وعدم انتقاده، وكذلك من الضروري جدا طمأنته أن هذه الحالة حالة بسيطة وسوف تختفي وعليه ألا يهتم بها، وسيكون من المفيد أيضا العمل على بناء شخصية الطفل بصورة عامة، وبناء شخصية الطفل يتم بإشعاره بالمسئولية وبإشعاره بأنه عضو فعال ومرغوب فيه في الأسرة، وكذلك يساعد في بناء الشخصية بأن يوكل للطفل بعض الأعمال في شؤون المنزل كمقابلة الضيوف والإجابة على التليفون ومشاورته فيما تريد الأسرة القيام به من زيارات أو اتصالات أو شراء بعض الأشياء أو قضاء إجازة – وهكذا – هذا يجعله يشعر أنه عضو فعال في الأسرة.
وسوف يفيده أيضا أن تتاح له الفرصة بأن يتفاعل ويتمازج مع أقرانه أكثر، ولابد أيضا أن تنقل هذه الصورة إلى مدرسته وهذا الوضع الذي يعيشه الآن، وذلك للبحث إذا كانت لديه أي مشكلة مع أحد المعلمين أو الطلاب ومن ثم يمكن معالجة هذه المشكلة.
هذا بالنسبة للجانب النفسي لسبب مثل هذا النكوص أو هذا التراجع أو هذا التطور في العملية الارتقائية الوظائفية بالنسبة للطفل.
وحتى نكمل الصورة توجد أسباب عضوية قد تؤدي إلى ذلك ولكن ليس من الضروري أبدا أن تنطبق على حالة هذا الطفل، ولكن من أجل التحوط لابد أن أذكرها؛ لأن احتمال إصابته بهذه الحالة بالرغم من أن هذا الاحتمال ضعيف جدا ولكن لا يمكن تجاهله:
فهنالك نوع من مرض الصرع والذي ينتج من وجود بؤرة في داخل الدماغ، هذه البؤرة قد يصدر منها إفرازات كهربائية زائدة أو غير منتظمة، وهذا الإفراز الكهربائي الزائد أو غير المنتظم يؤدي إلى ظهور مرض الصرع.
وهنالك نوع من الصرع يعرف بـ (الصرع البسيط) أو يسميه البعض بـ (الغيبة)، بمعنى أن الطفل يفقد انتباهه لفترة قصيرة جدا دون أن يسقط على الأرض ودون أن تحدث له التشنجات المعروفة التي تصيب مرض الصرع.
في مثل هذا الصرع البسيط ربما يفقد الطفل الكلام لفترة قصيرة، أو ربما تكون هنالك حركة لا إرادية في عينيه، أو ربما يسقط من يده أي شيء كان يحمله في يده كقلم أو كوب – أو نحو ذلك - . هذا النوع من الصرع يصيب الأطفال ويمكن علاجه.
ونصيحتي لك هو أن تعرضي الطفل على طبيب أعصاب – وليس طبيبا نفسيا – وذلك من أجل القيام بتخطيط للدماغ، وهنالك أماكن كثيرة في السودان يتوفر فيها هذا الفحص لدى بعض الأطباء، فهنالك في كلية الطب جامعة الخرطوم وفي المستشفى العسكري بأم درمان يوجد هذا الجهاز، وهو جهاز بسيط وليس معقدا.
إذن أرجو أن تتاح الفرصة للطفل من أجل إجراء هذا الفحص حتى نكون متأكدين ومطمئنين، وإذا حدث وجود أي نشاط كهربائي زائد يؤدي إلى هذه الحالة فسوف يقوم الطبيب بإعطائه العلاج اللازم والعلاج بسيط جدا ومتوفر وليس بالصعب.
فكما ذكرت هذا الفحص - تخطيط الدماغ - هو فحص بسيط جدا ويمكن إجراؤه من أجل التأكد، وإذا اتضح أن هذا الابن يعاني من أي خلل أو زيادة في الإفراز الكهربائي من بؤرة معينة في الدماغ فسوف يقوم الطبيب - إن شاء الله تعالى – بوصف العلاج اللازم له، وهذه الحالات تستجيب استجابة فعالة جدا للدواء - بإذن الله تعالى –
أسأل الله له العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
انتهت إجابة المستشار د. محمد عبد العليم
----------------------------
ولمزيد فائدة:
لابد بجانب العلاج الطبي والنفسي من اتخاذ جانب العلاج السلوكي والشرعي، ونود منك أن تعلمي ولدك - حفظه الله - أن يحافظ على الأذكار المسنونة والتعاويذ الشرعية والتي يتقي بها كل شر وكل سوء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما بقوله: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة)، وهذا إذا كان الصبي لا يعقل أي لا يفهم الأذكار وطريقة عملها ولا يحفظها، أما الصبي الذي يعقل مثل ولدك الغالي - حفظه الله - فنرجو منك تعليمه المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم والدخول إلى الحمام والخروج منه، وكذلك أذكار الدخول إلى المنزل والخروج منه، كما نتمنى أن تحضيه على المحافظة على الصلوات جماعة في المساجد، وأن يكون له نصيب من حفظ وتعلم كتاب الله تعالى، وهذه الأذكار التي ذكرناها آنفا تجدينها في كتيب صغير اسمه حصن المسلم يباع في المكتبات بمبلغ زهيد، كما يمكنك الحصول عليها من شبكة الإنترنت وفي المواقع الإسلامية.
وكذلك لا ننسى جانبا آخر مهما، ألا وهو جانب العلاج بالرقية الشرعية، فإن استطعت أن ترقيه أو تحضري له من يرقيه بالرقية الشرعية، بشرط أن يكون ممن يرقي بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألا يكون من أهل الدجل والشعوذة.
والرقية على كل حال هي مفيدة ولا شك، سواء كان مصابا بعين أو مس من الجن أو لم يكن كذلك، فإن الرقية تكون مفيدة ولو في جانب الراحة النفسية والطمانينة القلبية، وننبهك أختي الكريمة أن يكون أمر علاج ولدك بالرقية أمرا سريا لا يتسرب ولا يفشو في المجتمع، لما في ذلك من آثار اجتماعية لا تخفى عليك.
سائلين المولى تعالى أن يحفظ ولدك من كل سوء، وأن يشفيه من كل داء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قسم الاستشارات.