الخوف من المرض والموت بعد دخول المستشفى، ما الحل؟

0 270

السؤال

السلام عليكم

تحية طيبة إلى الدكتور محمد عبد العليم.

في الحقيقة أنا منذ سنتين تعرضت لموقف اضطررت أن أدخل المستشفى، وكانت هذه هي المرة الأولى لدخولي المستشفى، وبعدها أصبت بحالة خوف من الموت وخوف من المرض، واستمريت فترة طويلة وأنا أعاني من الخوف من المرض، وأشعر وكأن عندي القلب أو السكر، وذهبت مرتين للطبيب -ولله الحمد- قلبي سليم، وليس عندي أي مرض، وبالرغم من علمي بأني خال من الأمراض لكن الوسواس موجود عندي، وأشعر أيضا بنار في الداخل ما بين الظهر والصدر في عز البرد، وأشعر أني متضايق جدا وحزين، وبعد مرور سنتين من هذه الحالة بدأت الأعراض تخف، يعني الأعراض تروح لفترة وترجع، لكنها لم تنته للأبد.

وعندي مشكلة أخرى وهي تلازمني من سنين طويلة، وهي أني عندما أتحدث أمام عدد من الأشخاص أشعر وكأني أريد أن أبكي وأعرق كثيرا، وأحيانا أتحدث عادي جدا، وفجأة الأعراض تأتي وأضطر للتوقف عن الحديث بأي مبرر، وأحيانا لا أجد مبررا للتوقف عن الحديث، ويكون شكلي محرجا جدا، وأيضا ممكن لو أي واحد كلمني بطريقة حادة أشعر كأني أريد البكاء.

وأيضا عندما أمشي في الشارع خاصة الشارع الذي أسكن فيه أشعر بإحراج شديد جدا، وأيضا عندما أحضر أفراح أو أعياد ميلاد أو مكان يوجد به ناس كثير.

أرجوك -يا دكتور محمد- قل لي ما الحل لأني شبه مدمر؟

وأنا شاكر جدا على مجهودكم العظيم في إفادة الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه قد بدأت لديك هذه الأعراض بعد دخولك للمستشفى، وهذه الأعراض التي تعانيها من الواضح أنها خوف من الأمراض، وكذلك الخوف من الموت، وهذا النوع من المخاوف هو تحت مظلة واحدة.

وحالة الخوف من الأمراض والخوف من الموت كثيرا ما نشاهدها بعد دخول الإنسان المستشفى أو يصاب بمرض معين أو يكون لديه شخص عزيز عليه قد أصيب بمرض ما.

هذه هي الروابط أو المثيرات التي تؤدي إلى قلق المخاوف، وقلق المخاوف من أكثر أنواع القلق انتشارا وذلك بحكم أن الإنسان حساس وضعيف بطبيعته، ومن النوع أيضا يتولد منه اكتئاب ثانوي، وهذا الاكتئاب يؤدي إلى الشعور بالحزن وبالضيق، ويجعل الإنسان يشعر بالسوداوية في مزاجه.

أنت لديك أيضا درجة بسيطة من المخاوف الاجتماعية أو ما يعرف بـ (الرهاب / الخوف الاجتماعي)، وذلك يظهر في أنك تحس بالإحراج الشديد حين تكون في مواجهة الآخرين أو لحضورك لبعض المناسبات.

الذي أرجوه منك هو أولا أن تتفهم أن حالتك ليست خطيرة وهي حالة نفسية بسيطة وتأتي تحت أمراض القلق.

ثانيا: يجب أن يفهم الإنسان ويتذكر أن الأعراض الجسدية البسيطة حين يركز عليها الإنسان قد تتولد عنها أعراض أخرى، ويصبح الإنسان مشغولا بوظائف الجسد العامة، وهذا يؤدي إلى ما يعرف (بالتوهم/ المراء المرضي)، فعليه أرجو أن تناقش نفسك منطقيا وتحقر هذه الفكرة، فإن المرض يأتي للإنسان ولكن -الحمد لله- العلاج موجود، والمرض حين يأتي هو ابتلاء، وعلى الإنسان أن يسأل الله تعالى أن يشفيه ويحفظه من الأمراض وغيرها ومن جميع الابتلاءات، وأن يبحث في الأسباب، وهي هنا الذهاب إلى الأطباء والبحث عن العلاج وعن التداوي.

بالنسبة للخوف من الموت، فالموت هو حقيقة وحقيقة أزلية، ولكن الإنسان حين يضعف نفسيا وحين يضعف إيمانيا ربما تسيطر عليه مثل هذه الأفكار.

الذي أرجوه منك هو ألا تتنقل بين الأطباء كثيرا، وحتى الأعراض التي ذكرتها والشعور بالنار في داخل ظهرك والصدر هي أعراض (نفسوجسدية)، فلقد أتاني مريض من فترة قريبة -حوله لي أحد الزملاء من القسم الباطني- هذا المريض اشتكى لي من ستة وأربعين عرضا، اشتكى من آلام هنا وهناك وتقلصات وشعور بالسخونة وشعور بالبرودة، وكانت حالته من الواضح أنها من حالات (نفسوجسدية).

إذن من أهم علاج مثل هذه الحالات هو أن تتجنب التردد على الأطباء، ولا مانع بالطبع من أن تذهب إلى طبيب الأسرة مرة كل ستة أشهر، وذلك كي تقوم بإجراء الفحوصات الروتينية الخاصة بضغط الدم والسكر ووظائف الكبد ووظائف الكلى، من أجل التأكد العام.

وأنت -الحمد لله تعالى- في عمر الشباب، وهذا العمر يعرف عنه أن صحة الإنسان تكون في أوجها وفي أفضل حالتها، ولكن هذا لا يمنع من أن تذهب إلى الطبيب، وذلك منعا للتوهم المرضي -أن تذهب للطبيب بصورة مجدولة مرة كل ستة أشهر، هذا هو الأفضل-.

وعليك أيضا أن تمارس الرياضة؛ لأن ممارسة الرياضة تزيل هذه التقلصات العضلية خاصة التي تحدث لك ما بين الظهر والصدر والشعور بالبرودة والمضايقات، فإن الرياضة تفيد في ذلك كثيرا، ومن أفضل أنواع الرياضة هي رياضة المشي والجري.

أيضا أنت محتاج لئن تثق في نفسك، هذا الخوف الاجتماعي الذي يأتيك أرجو أن أؤكد لك أن الآخرين لا يراقبونك ولا يقومون برصد حركاتك، وأنت لست بأقل منهم ولا ينقصك أي شيء -بإذن الله تعالى-.

فأرجو أن تصحح أيضا مفاهيمك حول نفسك، وعليك أن تواجه، فأرجو أن تتجنب المواجهة؛ لأن المواجهة هي خير وسيلة لعلاج الخوف والرهاب الاجتماعي.

بعد ذلك سوف أصف لك دواء مفيدا وفعالا وممتازا لعلاج مثل حالتك، وهذا الدواء يعرف باسمه التجاري (زولفت Zoloft) أو باسمه الثاني التجاري (لسترال Lustral) ويعرف باسمه العلمي (سيرترالين Sertraline)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما -حبة واحدة- ليلا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام -يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة ليلا أو تقسمها إلى خمسين مليجراما في الصباح وخمسين مليجراما مساء- وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى خمسين مليجراما -حبة واحدة- لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

أرجو أن تتبع الإرشادات السابقة، وتتناول الدواء الذي وصفته لك، وأنا على ثقة كاملة أنك -بإذن الله تعالى- سوف تتخلص من هذه الحالة، فقط عليك بالعزيمة وعليك بالثقة في نفسك، وألا تتردد كثيرا على الأطباء.

وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

ولمزيد فائدة حول العلاج السلوكي للرهاب يمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات:

(259576 - 261344 - 263699 - 264538)، وكذلك الاكتئاب: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

الخوف من الموت: (261797 - 263659 - 263760 - 272262 - 269199).

الخوف من الأمراض: (263760 - 265121 - 263420 - 268738).

مواد ذات صلة

الاستشارات