السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعاني من شؤم دائم في حياتي، في النوم وفي اليقظة، مثلا تلاحقني أفكار تشاؤمية دائما حول أهلي خاصة، فأنا أخاف عليهم لدرجة الهلوسة، أنا غير متزوجة وليس لي أولاد، ولكن أخاف على أخواني وأخواتي وأبنائهم، وعندما أنام أرى كوابيس لدرجة أنها تتحقق في بعض الأحيان، فقبل أن يتوفى أخ لي شاب رحمه الله، عانيت لسنة كاملة قبل وفاته، أرى أشياء وكوابيس وأحلاما، وبقيت أعاني حتى قبل مماته؟ إنني لا أفهم ما يقع لي، وأرجوكم أن تساعدوني بشرح حالتي هذه، وجزاكم الله عني كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن التشاؤم والتطير بلا شك يعطي للإنسان شعورا سلبيا جدا حول نفسه، وهنالك ثلاثة أسباب للتشاؤم أو التطير من الناحية النفسية العلمية:
(1) التشاؤم أو التطير قد يكون جزءا من شخصية الإنسان، فهنالك بعض الناس بطبيعتهم تحمل شخصياتهم هذه السمات السلبية.
(2) ربما يكون الإنسان مصابا باكتئاب نفسي، فقد يجعل الاكتئاب النفسي الإنسان يفكر من الناحية المعرفية بصورة متشائمة وسلبية وفيها الكثير من السوداوية والرؤى التطيرية.
(3) التشاؤم ربما يكون أمرا متداولا في داخل الأسرة أو ربما يكون جزءا من معتقدات خاطئة لدى بعض الناس في مجتمع معين، ولا شك أن ذلك يتنافى مع العقيدة الإسلامية السمحة والتي نهت عن التطير وعن التشاؤم، وأعرف أن بعض المجتمعات قد تروج لبعض الأمور من هذا القبيل وكذلك بعض الأسر.
هذه هي الأسباب من الناحية النفسية ومن الناحية الطبية العلمية.
أختي الكريمة: الذي أرجوه منك هو أن تتذكري دائما أن الشؤم يقابله التفاؤل ويقابله الأمل، والإنسان ما دام له عقل وما دامت له إرادة وما دامت له قوة يستطيع من خلالها أن يوجه إرادته وأن يتحكم في مشاعره، فيجب أن يعطي الإنسان لنفسه الفرصة ليفكر بما هو مخالف للتشاؤم وهو التفاؤل، والتفاؤل أفضل وهو مريح للنفس، والإنسان قد تعتريه بعض الظروف التي تتطلب الصبر على بعض السلبيات، والصبر نفسه يبني لدى الإنسان التفاؤل، فنحن نطلب دائما أن يغير الإنسان تفكيره من سلبي إلى إيجابي والتفكير الإيجابي يعطي الشعور بالأمل والشعور بالتفاؤل.
من الأشياء الجميلة التي اطلعت عليها هو موقف الشريعة الإسلامية الغراء من التشاؤم ومن التطير، وكيفية التخلص منه، يجب أن تعاملي فكرة التشاؤم بأنها فكرة سخيفة وفكرة حقيرة، والإنسان حين يؤمن بسخف الشيء ويحقره فإنه لا شك أن ذلك سوف يضعف مخزون الإنسان من هذا النوع من التفكير، فالذي أرجوه هو أن تكوني أكثر توكلا وتكوني أكثر تفاؤلا وتحقري فكرة التشاؤم.
بما أنه لديك بعض الكوابيس والأحلام والقلق فأعتقد أنه ربما يكون لديك شيء من القلق الاكتئابي، والقلق الاكتئابي قد يؤدي إلى هذه السوداوية في التفكير.
أنت تبلغين من العمر الآن ثمانية وأربعين عاما، وهذا هو عمر الاكتئاب حقيقة لدى كثير من النساء؛ لأن هذا العمر مرتبط بتغيرات كثيرة في الحياة.
إذن أرى أنه من الأفضل لك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، فهنالك عقار يعرف باسمه التجاري (بروزاك Prozac) ويعرف باسمه العلمي (فلوكستين Fluoxetine)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرين مليجرام – كبسولة واحدة – في اليوم لمدة شهر، ثم ارفعي الجرعة إلى أربعين مليجرام – كبسولتين – في اليوم واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى عشرين مليجرام في اليوم لمدة ستة أشهر.
هذا الدواء من الأدوية السليمة وغير إدمانية، وإن شاء الله تعالى سوف يزيل عنك هذا القلق وهذه الكوابيس التي تعانين منها.
يفضل أيضا أن تمارسي أي نوع من الرياضة المتاحة للمرأة المسلمة؛ لأن ذلك سوف يخفف عليك هذه الأحلام وهذه الكوابيس، وعليك أيضا أن تكوني حريصة على أذكار النوم، فإن أذكار النوم - بإذن الله تعالى – تصرف عنك هذه الكوابيس وتجعلك في حصن حصين من الله تعالى.
وعليك أيضا ألا تتناولي طعام العشاء متأخرا، ويجب أن يكون هذا الطعام مبكرا، وكذلك أن تكون كمية الطعام بسيطة وغير دسمة، فإن هذا قد وجد أنه يقلل أو يزيل هذه الكوابيس التي تعانين منها.
أختي الكريمة! لا شك أن الجلوس مع الأخوات الصالحات الخيرات المتدينات وطرح هذه المواضيع الخاصة بالتشاؤم والتطير معهن سوف يكون معينا لك؛ لأن الأخوات الصالحات - إن شاء الله تعالى – يكون لديهن التوجه المخالف لذلك تماما وهو التوجه الذي يقوم على الأمل وعلى التفاؤل وعلى التوكل، فأرجو أن تبحثي عن هذه القدوة وأن تبحثي عن هذا النوع من الإخاء والصحبة الطيبة.
كما أرجو أن تعلمي أن الشريعة الإسلامية قد دعت أبناءها إلى التفاؤل وعدم التشاؤم: (ليس منا من تطير أو تطير له) و(إن الله يحب الفأل الحسن) وغيرها من النصوص التي تحض على التفاؤل وعدم التشاؤم.
يمكنك الاستزادة من الاستشارة التالية: (278993).
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.