السؤال
أنا شاب عمري 39 عاما، متزوج ولدي 3 أطفال، وأعاني منذ حوالي 25 سنة من عدم انتظام ضربات القلب، وتسارع في نبضات القلب، وشعور غريب في جسدي، وخوف، وقلق، وتفكير دائم أنني سأموت، وشعور بالخوف من المرض، وأن نهايتي قريبة، وآلام لا أعرف أن أصفها للدكتور، وكذلك لا أستطيع الخروج وحدي أو المكوث في البيت وحدي أو السفر أو ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي؛ وذلك بسبب الخوف الشديد، والتفكير أنني سأموت، وقد أثر ذلك سلبا على حياتي، فقد تركت الدراسة الجامعية، مع العلم أنني كنت من المتفوقين.
ذهبت إلى عدد لا يحصى من الأطباء النفسيين وذلك طول فترة 25 عاما، وأخذت عددا لا يحصى من الأدوية النفسية وللأسف بدون نتيجة.
وفي عام 2004 ذهبت إلى عمان وأجريت عملية قسطرة للقلب عند الدكتور نزيه القادري، واتضح أنني أعاني من عيب خلقي في القلب؛ مما يؤدي إلى التسارع، وقد عالج الطبيب تلك المشكلة، ولكن أشار الدكتور أن عدم انتظام ضربات القلب هو ليس مرضا عضويا ويجب التعايش معه، وأخبرني أنني أعاني من النهي العصبي، وكتب لي علاج لوسترال (50) حبة يوميا، وزانكس 0,5 mg عند اللزوم.
وبتاريخ 14 - 4- 2006 ذهبت إلى أخصائي أمراض نفسية في عمان الدكتور وليد سرحان، وشرحت له بالتفصيل عن حالتي، وقال أني أعاني من الفزع والرهاب، وكتب لي على دواء ايفكسور 75 حبة ثلاث مرات يوميا.
أنا لم أتناول الدواء ايفكسور، ولكني ما زلت أتناول لسترال كما وصف لي الدكتور نزيه، مع العلم أن حالتي لم يطرأ عليها أي تحسن حتى هذه اللحظة، بالعكس حالتي في تدهور شديد، وأنا من سكان فلسطين، ولا أستطيع السفر إلى عمان لمراجعة الدكاترة بسبب الأوضاع في البلاد.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وأن يسدد خطانا جميعا، وأن نكون عند حسن ظنك.
لا شك أن وجود أي علة عضوية في القلب -وحتى وإن كانت بسيطة- حين تكون هنالك أيضا أعراض نفسية فإن هذا يجعل الإنسان في دوامة الشكوك والقلق والمخاوف، هل علته ناتجة من الحالة النفسية أم هي من الحالات العضوية؟ وبما أن القلب عضو حساس جدا، وبما أن أمراض القلب قد انتشرت في هذا الزمان، فهذا من الطبيعي جدا أن يولد الكثير من القلق لدى بعض الناس.
وفي حالتك -الحمد لله تعالى- اتضح أن سبب عدم انتظام ضربات القلب ليس ناتجا من أي علة عضوية، ويعرف أن هنالك حالات حميدة ولا تسبب أي خطورة على حياة الإنسان تظهر فيها اضطرابات في ضربات القلب، وتسارع وعدم انتظام، هذه الحالات منتشرة جدا وتسمى (Ectopic bapeats) وهذه الضربات غير المنتظمة، وهي ناتجة عن أمر فسيولوجي وليس عضويا.
وحتى طبيب القلب قام بوصف أدوية نفسية لك وهو (لسترال Lustral)، (الزانكس Xanax)، وهذا بالطبع في نظري يجب أن يكون مطمئنا لك تماما أنه لا توجد أي علة عضوية في قلبك ولله الحمد على ذلك.
بجانب ذلك هنالك معلومات وحقائق قاطعة وصفتها أنت بصورة واضحة من دون أي لبس، وهذه الأعراض هي أعراض نفسية في طبيعتها: القلق، التوتر، المخاوف المتعددة، ثم بعد ذلك عسر المزاج الثانوي، والشعور بعدم الارتياح النفسي بصفة عامة، هذه كلها أعراض نفسية، وأنا أتفق اتفاقا قاطعا مع الدكتور وليد سرحان أن هذه الحالة التي تعاني منها هي نوع من الفزع أو الرهاب، وهو يعني القلق النفسي الشديد الذي يأتي في موجات حادة ويظهر في شكل خوف ويعطي الإنسان الشعور بالقلق والتوتر الشديد وكأن المنية قد اقتربت.
أرجو أن أؤكد لك أن نوبات الهرع أو نوبات الفزع أو الرهاب هي منتشرة جدا، وهي قلق نفسي وليس أكثر من ذلك، هذه الحقيقة مهمة جدا، وأرجو أن تستوعبها بصورة واضحة وجلية بالنسبة لك؛ لأن ذلك -في نظري- يمثل خمسين بالمائة من العلاج.
يأتي بعد ذلك لا بد أن تتخلص من هذا الشعور السلبي الذي سيطر عليك، وهو أنك تعاني منذ خمسة وعشرين عاما من هذه العلل، وهذه الحالة أصبحت حالة مزمنة، وأنت أصبحت محاصرا لهذه الأعراض، هذا -يا أخي- لا يعني مطلقا أنك لن تتحسن أو أنه لن يتم شفاؤك، فلابد أن تعيش تحت الأمل، ولا بد أن يكون لك اليقين القاطع أنك -بإذن الله تعالى- سوف تتحسن؛ لأن إرادة التحسن في حد ذاتها إذا افتقدها الإنسان فإنه من الصعوبة جدا أن يتهيأ ويتواءم مع ظروف صحية نفسية إيجابية، فأرجو أن تكسر هذا الحاجز النفسي.
لقد رأينا الكثير من الناس الذين ظلوا يعانون من اضطرابات نفسية -وحتى اضطرابات عقلية وذهانية- لسنوات طويلة، وبعد أن تناولوا العلاج المطلوب كتب الله لهم التحسن وبعضهم قد شفي تماما، فإن هذا يعتبر خط العلاج الثاني والذي أرجو أن تتفهمه.
ثالثا: بالطبع لابد أن تكون لك القوة والإرادة، أن تدفع هذا القلق بعيدا عنك، وذلك بأن تقوم بمخالفة الخوف بأن تفعل ما هو ضده، فكل ما تراه مصدرا لخوفك يجب أن تواجهه، والتجنب يؤدي إلى تقوية المخاوف، وربما يؤدي إلى ظهور مخاوف جديدة، والمواجهة تؤدي إلى ظهور القلق في أول الأمر ولكن بعد ذلك هذا القلق يتلاشى ويختفي تماما.
أرجو أن تجتهد في هذا الأمر وهو ليس بالصعب أبدا، ويمكنك أن تستعين بمن تثق فيهم من إخوانك وأصدقائك الصالحين الخيرين وتجعله يخرج معك، وأنت - الحمد لله - موظف، ولك عمل، ويجب أن تستفيد من العمل كوسيلة تأهيلية وعلاجية، وذلك بأن تختلط بالآخرين، وبأن تتفاعل معهم، وبأن تنظر لنفسك كأحد الناجحين مثل بقية الناس الذين كتب الله لهم التوفيق في حياتهم، هذا أمر هام وضروري جدا.
تأتي بعد ذلك العلاجات السلوكية غير المباشرة، وهي ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم -أو المشي أو الجري- فإن هذه أيضا ذات قيمة علاجية ضرورية وهامة جدا وفعالة جدا لعلاج المخاوف.
أيضا المشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية هذه -إن شاء الله تعالى- تعطيك القوة النفسية الداخلية، وتعطيك الجرأة وتعطيك الشعور بأن لك قيمة ذاتية خاصة، وهذا يولد طاقات نفسية إيجابية، فأرجو أن تشرع في ذلك.
أيضا حضور حلقات الذكر، وحلقات التلاوة، أيضا وجد أنها من أفضل أنواع العلاج السلوكي الجماعي، فكن حريصا على ذلك.
انظر أمامك فالخيارات كثيرة جدا - بفضل الله تعالى - ومن يطبقها سوف ينجح -إن شاء الله تعالى- ويتخلص من الأعراض، وأنا متأكد أنك بعد اطلاعك على هذه الاستشارة سوف تتبع هذه الإرشادات.
آتي بعد ذلك إلى العلاج الدوائي، فهنالك خمسة أو ستة أدوية كلها فعالة لعلاج مثل هذه الأعراض منها (لسترال Lustral) ومنها (إفكسر Efexor) -الذي وصفه لك الدكتور وليد سرحان- ومنها (زيروكسات Seroxat)، ومنها (سبرالكس Cipralex)، وحتى الـ (أنفرانيل Anafranil) بالرغم أنه من أحد الأدوية القديمة ولكنه أيضا فعال.
والذي أنصحك به هو أن تستمر على (لسترال Lustral)، ولكن يجب أن ترفع الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما -أي ثلاث حبات- في اليوم، تتناول حبة صباحا وحبتين ليلا، هذه هي الجرعة المطلوبة في مثل حالتك، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، وبعد انقضاء شهرين من رفع الجرعة إذا لم تحس بتحسن حقيقي ففي هذه الحالة ابدأ في تخفيض الجرعة بمعدل حبة كل أسبوعين، أي تنقص حبة كل أسبوعين حتى تتوقف عن الدواء، ثم ابدأ في تناول (إيفكسر Efexor)، ولكن لا تبدأ في تناول خمسة وسبعين مليجراما ثلاث مرات في اليوم، فإن هذا ليس صحيحا -مع احترامي الشديد للدكتور وليد- فعليك أن تبدأ بخمس وسبعين مليجراما يوميا لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعها إلى مائة وخمسين مليجراما، ثم بعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى مائتين وخمسة وعشرين مليجراما في اليوم -وهذه هي الجرعة العلاجية-.
إذا كان (إفكسر Efexor) هو الدواء المطلوب فيجب أن تستمر على هذه الجرعة -مائتين وخمسة وعشرين مليجراما- لمدة تسعة أشهر على الأقل، ثم بعد ذلك تخفض خمسة وسبعين مليجراما كل ستة أشهر.
أما إذا حدث تحسن مع (لسترال Lustral) -وأنا أتوقع ذلك بإذن الله- فيجب أن تستمر على جرعة مائة وخمسين مليجراما في اليوم لمدة تسعة أشهر أيضا، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل حبة واحدة -خمسين مليجراما- كل ستة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أما بالنسبة (زانكس Xanax) فأرجو ألا تكثر من تناوله، ويمكنك أن تتناول ربع مليجراما -وليس نصف مليجراما- عند اللزوم.
إذن - بفضل الله تعالى - الخيارات العلاجية واضحة وكثيرة، -وإن شاء الله تعالى- سوف تتحسن حالتك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
ولمزيد من الفائدة حول علاج الخوف من الأمراض سلوكيا يمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات: (263760-265121-263420-268738^) وكذلك الخوف من الموت : (^261797-263659-263760-272262-269199^).
وبالله التوفيق.