آلام المعدة .. الأسباب العضوية والنفسية

0 408

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 30 سنة، أعاني من الحموضة من أيام الجامعة، ولكني كنت أستخدم الأدوية المخففة للحموضة والأمور جيدة، أنا طبعا من الشخصيات القلقة، بعد ما دخلت في حياة العمل وبعد مرور موقف صعب لي بالعمل بدأ مشوار آلامي في المعدة، وبدأت أشعر بعدم ارتياح في حياتي، ألم في رأس المعدة وفي أعلى الظهر، عملت منظارا وتبين أن لدي تقرحات والتهابات في الإثني عشر، هذا في عام 2003.

المهم أخذت العلاج اللازم، وبعد انتهائي من العلاج لم أسترح تماما، واستمرت معي الآلام والقلق منه، المهم عملت بعدها 3 مناظير ولا شيء، الآن أشعر بأن معدتي تتلوى من الأعلى، وكأنها تأكل بعضها وألم في الظهر ودوخة، وهذه الآلام تجعلني أتضايق جدا، وآلام في الصدر، طبعا لدي حموضة زائدة، وأخذت كل أنواع الأدوية، الآن مثلا آخذ جاسيك صباحا ومساء، ولا حل، أشعر وكأن المعدة فيها خلل أو ارتخاء في المريء، أخذت اليبراكس مع الجاسيك وارتحت قليلا، طبعا لم أشعر بالراحة التامة إلى الآن، الحمد لله على كل شيء، ولكن ما يضايقني هو أنني أشعر بألم في رأسي ونمنمة عندما تؤلمني المعدة، طبعا ما يزيد الألم هو بعض المأكولات والمشروبات، وأي موضوع يقلقني، مثلا مسؤلية الأولاد والزوجة أمور عادية.

طبعا أنا لجأت قبل سنتين إلى دكتور نفسي نظرا لحدوث موقف لدي في العمل وأثر علي كثيرا، وصرت لا آكل شيئا لمدة أسبوعين، وليس لدي رغبة في العمل ولا بأي شيء؛ لذلك لجأت إلى الطب النفسي، فأخذت سيتيبرام وزولام عند اللزوم، تحسنت حالة الاكتئاب لدي وقطعت الدواء منذ عام تقريبا، والأمور جيدة، وعملي جيد، إلا أن ألم معدتي ما زال يلاحقني.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلقد أحسنت في وصف حالتك، والتي توضح مدى أهمية الربط بين الأعراض الجسدية والأعراض النفسية، فإن شخصيتك تحمل سمات وصفات القلق، ويعرف عن الشخصية القلقة أنها تكون عرضة أكثر بما يعرف بالحالات أو الأمراض (النفسوجسدية)، بمعنى أن هنالك مكونا نفسيا قويا هو الذي يؤدي إلى ظهور الأعراض الجسدية، والبحوث تشير إلى أن الجهاز الهضمي هو أكثر الأجهزة التي تكون عرضة للأعراض العضوية دون أن يكون هنالك سبب عضوي حقيقي، إنما السبب الحقيقي هو الحالة النفسية، وأهم الحالات النفسية التي تؤدي إلى الأعراض الجسدية - كما ذكرنا - هي القلق النفسي وكذلك الاكتئاب النفسي.

والعلاج لمثل حالتك يكون:
أولا: بتفهم الحالة بالكامل، فالحالة قد تكون مزعجة بعض الشيء، ولكن من المؤكد أنها ليست خطيرة بإذن الله تعالى.

ثانيا: أساس هذه الأعراض هو أساس نفسي، ولا نقول أنك مريض نفسيا، إنما هذه ظاهرة من الظواهر النفسية، وأهم هذه الظواهر هي أن تكون للشخصية الميول للقلق النفسي وذلك بفطرة وطبيعة المكون النفسي للشخصية، ويعرف تماما أن الأعراض الجسدية تزيد أكثر حين يكون الإنسان تحت ضغوطات نفسية أو صعوبات حياتية، إذن العلاقة واضحة جدا.

وأكثر الأجهزة التي تتأثر في جسم الإنسان هي الجهاز الهضمي، وعضلات الصدر، وكذلك عضلات الرأس؛ لذا يشعر الكثير بألم أو تنميل في الرأس – كما حدث لك الآن – ويشتكي البعض أيضا من آلام أسفل الظهر، وبالنسبة للنساء عدم الانتظام في الدورة الشهرية له علاقة واضحة وكبيرة جدا بالحالة النفسية أو التركيبة النفسية للإنسان أيضا.

أود منك أن تتفهم هذه الحقائق بصورة واضحة لأنها جزء رئيسي من العلاج.

بعد ذلك خطوات العلاج المهمة هي أولا: نرجو ألا تتردد كثيرا على الأطباء، ولا داعي أبدا للقيام بهذه المناظير المتعددة، وأنا أعرف أن الإنسان قد يكون قلقا على صحته، ويود أن يتأكد أن كل شيء على ما يرام، ولكن لا داعي لتكرار هذه الفحوصات فهي منهكة ومجهدة، وفوق ذلك تؤدي إلى نوع من التوهم المرضي.

ثانيا: تعتبر ممارسة الرياضة أمرا ضروريا لعلاج حالات ما يعرف بالقولون العصبي، وكل الحالات النفسوجسدية، وأي نوع من الرياضة سوف يساعد خاصة رياضة المشي أو الجري بمعدل خمسة وأربعين دقيقة إلى ساعة يوميا، أو على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع حسب ما وصفت الجمعية الأمريكية للأطباء الباطنيين.

بالنسبة لتنظيم الطعام فإن هذا فيه الكثير من الخلاف، والمبدأ الجيد هو على الإنسان أن يجرب ويبتعد من الأطعمة التي ربما تثير لديه الجهاز الهضمي.

ونصيحتي لك أيضا هي أن تكون معبرا عن ذاتك، بمعنى أن الإنسان قد يتعرض لأمور لا ترضيه أو يسمع كلاما غير طيب من بعض الجهات ومن قبيل الأدب والذوق قد يسكت الإنسان عن هذه الأمور وتحتقن في داخل نفسه، وهذه الاحتقانات الداخلية تزيد من حساسية الإنسان، وربما أيضا تزيد من شدة هذه الأعراض النفسوجسدية؛ لذا نصيحتي لك هي دائما أن تفرغ عما بداخلك، وأن تعبر عن ذاتك أولا بأول في حدود الذوق وما هو مقبول وما هو معقول، فإن هذا يساعد أيضا كثيرا.

يأتي بعد ذلك العلاج بالعمل، فإن العلاج بالعمل أيضا يعتبر وسيلة جيدة، بمعنى أن تركز على عملك، وأن تكون مبدعا في عملك، وأن يكون لك حضور، وأن تضيف إضافات إيجابية مؤثرة في وظيفتك، وأن تحاول أن تطور نفسك وأن تنمي نفسك التنمية البشرية المطلوبة في هذا الزمان، وعلى الجانب الاجتماعي أيضا كن متواصلا وعليك بالبرامج الاجتماعية وصلة الأرحام، هذه كلها - إن شاء الله تعالى – جيدة جدا.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وقد وجد أن الأدوية المضادة للقلق وحتى الأدوية المضادة للاكتئاب تفيد كثيرا في هذه الحالات، وأنت قد تناولت السبرام Cipram وهو دواء جيد، والزولام Zolam أيضا لا بأس به، ولكن من عيوبه أنه ربما يؤدي إلى التعود، والعقار الذي أود أن أنصحك به هو عقار بسيط جدا يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival)، فأرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم تتناول حبة صباحا ومساء لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، وبعد ذلك يمكنك أن تستعمله عند اللزوم.

هذا الدواء من الأدوية البسيطة جدا قليلة الآثار الجانبية ويساعد كثيرا في علاج القلق، وكذلك يؤدي إلى تحسين المزاج، ويؤدي - إن شاء الله تعالى – إلى اختفاء هذه الأعراض النفسوجسدية.

هنالك أيضا أدوية كثيرة تستعمل منها عقار يعرف باسم (دوسباتلين Duspatalin)، وهذا في الحقيقة ليس دواء نفسيا، ولكنه عقار يساعد على التحكم في تقلصات المعدة والأمعاء، فيمكنك أيضا الحصول على هذا الدواء واستعماله من وقت لآخر.

حين تشتد عليك الأعراض فلا مانع من أن تتناول حبة واحدة من (اليبراكس) ليلا عند اللزوم ولكن لا تكثر منه، وشراب النعناع أيضا يعتبر جيدا في تحكم في هذه الأعراض.

الحمد لله أنت لديك أمور إيجابية كثيرة وجيدة في حياتك، وأعتقد أن حالتك مستقرة بدرجة كبيرة، وإن شاء الله باتباعك للإرشادات السلوكية السابقة وتناول الدواء الذي وصفته لك سوف تكتمل الحالة النفسية بالنسبة لك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات