السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
في البدء وفقكم الله فيما تأدونه من دور عظيم في الدعوة وفي مساعدة الناس وحل مشاكلهم.
المشكلة تخص أختي وهي طالبة جامعية تبلغ من العمر 26 عاما وتسكن في داخلية بعيدة عن الأهل، وهي تعاني من مرض اسمه في السودان (حمار النوم) ولا أعرف له اسما علميا، وهو أن يصحو النائم ليلا فيسير ويتصرف كأنه صاح، وتبلغ بها المرحلة أن تتحدث مع إنسان وتسايره في الحديث.
هذا المرض يسبب لها الإحراج مع زميلاتها في الغرفة، ويضحكن عليها؛ مما جعلها حزينة.
ذهبت ذات مرة إلى شيخ يرقي الرقية الشرعية فصاحت بمجرد أن رقاها ولم تكمل الرقية فتأكد لها أنها مسكونة بالجن .
أريد أن أستفسر من شيئين:
الأول: ما هي طبيعة هذا المرض وتصنيفه وعلاجه نفسيا إذا وجد؟
الثاني: هل لهذا المرض علاقة بالجان، أو ما شابهه؟ وهل يعالج بالقرآن؟
مع العلم أنها تصلي وتتحصن وتنام بعد قراءة يس، ولا يفارق المصحف يدها.
وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الظاهرة ظاهرة معروفة وهي المشي أثناء النوم، وتوجد عدة ظواهر مشابهة ومرتبطة بهذه الحالة، وهي الكلام في أثناء النوم والأحلام النومية المزعجة، فهي أيضا واحدة من هذه الحالات التي لا يعرف لها سبب قاطع، ولكن هنالك بعض الدراسات التي تقول: إن هذه الحالات تحدث أكثر لصغار السن وهي تجري في الأسر، بمعنى أنه ربما يكون هنالك عامل إرثي، وملاحظة ثالثة - وهي مهمة جدا – تحدث في حالات الإجهاد الشديد في أثناء النهار أو الإجهاد قبل النوم، وهذا الإجهاد إما إجهادا جسديا أو إجهادا ذهنيا، وهذا واحد من الأشياء المثيرة جدا والضرورية جدا في تسبيب المشي في أثناء النوم.
يعرف تماما أن المشي في أثناء النوم غالبا لا يتعرض صاحبه إلى مخاطر، وبالرغم أنه يكون في حالة النوم العميق – وذلك حسب التجارب العلمية – إلا أن هؤلاء الناس يتجنب الواحد منهم المخاطر، وفي معظم الحالات يرجع الواحد منهم إلى مكان نومه.
هذا هو التفسير العام للظاهرة، وحقيقة من الفحوصات التي يتم إجراؤها في مثل هذه الحالات هي القيام بإجراء تخطيط للمخ؛ وذلك للنظر إذا كان توجد هنالك أي كهرباء زائدة في المخ، ولكن هذا أيضا قليلا ما نشاهده.
لا أريد لأختك – أخي الكريم – أن تقوم بهذا الفحص، ولا أريد أن تتعب نفسك في البحث عن هذا الفحص، فقد ذكرت لك هذا فقط من أجل إكمال المجموعة العلمية.
النقطة المهمة جدا التي أود أن أؤكدها لك أن هذه الحالة لا علاقة لها بالجن ولا علاقة لها بالسحر ولا علاقة لها بالعين، فإن التفسيرات الموجودة – كما ذكرت لك – هي تظهر لدى صغار السن، وتجري في الأسر، فربما يكون هنالك نوع من المكون الإرثي أو البيولوجي، ولا علاقة مطلقا لهذا الأمر بالجن، وأرجو حقيقة ألا نرمي هذه الأخت – حفظها الله – بهذا، فيجب ألا نلصق بها مثل هذه المسميات أنها مسحورة أو بها مس من الجن.
أنا أتفهم تماما أنها ربما تحس بالحرج أمام زميلاتها، ولكن لا مانع أبدا أن تشرح محتوى هذه الرسالة لزميلاتها وسوف يتفهمن ذلك، وحقيقة يعرف تماما أن المشي أثناء النوم يقل مع تقدم العمر، فإن هذه حقيقة معروفة تماما.
إذن هذه الأخت يجب أن تستبشر أن هذا الأمر سوف يكون له حد وسوف يقف – إن شاء الله – في يوم من الأيام.
من الطرق التي يمكن أن تساعد بها نفسها في الوقت الحاضر هي أن تحاول أخذ قسط كاف من الراحة خاصة قبل النوم، بمعنى ألا تجهد نفسها جسديا ولا أن تكون متعبة في القراءة والمذاكرة وتذهب مباشرة للفراش، فإن هذا ربما يؤدي إلى هذه الظاهرة، فعليها أن تكون مرتاحة البال والجسد بقدر المستطاع قبل النوم.
كما أنه لوحظ أن تناول وجبات دسمة من الطعام في وقت متأخر ليلا ربما أيضا يساعد على ظهور هذه الحالة، فأرجو أن تنبه هذه الأخت لئلا تتناول كميات كبيرة أو طعاما دسما في أثناء الليل؛ فإن هذا ضروري ويجب ملاحظته والعمل به.
لا شك أن الحرص على أذكار النوم - إن شاء الله – يساعد في القضاء على هذه الظاهرة، والحمد لله تعالى هذه الأخت ملتزمة بقراءة القرآن وبصلواتها ونسأل الله تعالى أن يحفظها وأن يزيدها، وهي بذلك إن شاء الله في حزر وحفظ الله تعالى، وأؤكد لك تماما أنه لا علاقة لهذه الحالة بالجن مطلقا، وهذه الأخت إن شاء الله هي في حفظ الله تعالى.
هنالك بعض الدراسات التي تشير بأن استعمال الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب ربما تساعد في هذه الحالات، بالرغم من أن هؤلاء الذين يصابون بهذه الحالة لا يعانون في الأصل بأي نوع من الاكتئاب، ولكن لأسباب غير معروفة وجد أن الأدوية المضادة للاكتئاب تساعد أيضا في اختفاء هذه الظاهرة، وربما يكون ذلك من خلال عمل هذه الأدوية على مناطق معينة في المخ أو على ما يعرف بالمرسلات أو بالموصلات العصبية الموجودة في داخل المخ، ومن هذه الأدوية التي جربت عقار يعرف تجاريا باسم (تفرانيل Tofranil) ويعرف علميا باسم (Tofranil imipramine) وهو متوفر في السودان بالصيدليات، فيمكن لهذه الأخت أن تجربه بمعدل جرعة خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، وإذا كان فيه نفع فيمكن أن تستمر عليه لمدة ثلاثة أشهر أخرى، أما إذا لم تجد منه نفعا فلا داعي بالطبع للاستمرار في استعماله.
إذن أهم شيء تتحوط به هذه الأخت أن تتفهم أن هذه الحالة - إن شاء الله - سوف تختفي وأنه من الضروري جدا أن تكون في حالة استرخائية وشيء من الطمأنينة قبل النوم.
والشيء الأخير والمهم أن هذه الحالة لا علاقة لها مطلقا بالجن.
ومع ذلك لا مانع من استخدام الرقية الشرعية، لنفي كل الاحتمالات.
أسأل الله لها الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير، وأشكرك كثيرا على اهتمامك بحالتها وتواصلك وثقتك في الشبكة الإسلامية.
وبالله التوفيق.