السؤال
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للأمة الإسلامية من فتاوى.
أنا مواطنة تونسية كنت قد لبست الحجاب منذ سنتين - والحمد لله - كما أني مواظبة على صلاتي المفروضة، وأصلي النوافل، كما أني مواظبة - والحمد لله - على صلاة الفجر، وقراءة القرآن يوميا، وأصلي بعض الركعات كقيام ليل، ولكن مشكلتي التي أتعبتني كثيرا وسوسة الشيطان - لعنه الله - فكلما أقرأ القرآن أتخيل أني أسب الله - جل جلالة - أستغفر الله، وفي صلاتي أشعر بالوسوسة حتى إني أحس أن الله قد غضب علي، فهل أنا مذنبة في ذلك؟
أنتظر إجابتكم لي مع الشكر سلفا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يرزقك زوجا صالحا يكون عونا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - فإن الشيطان لعنه الله – كما تعلمين – هو أعدى أعداء الإسلام؛ ولذلك أخبرنا الله - تبارك وتعالى - بقوله: (( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ))[فاطر:6]، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بقوله: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها). وقال أيضا - صلوات ربي وسلامه عليه -: (يحضر الشيطان أحدكم عند كل شأن من شؤونه)، يعني في كل أمر من الأمور الشيطان موجود، كل طريق ستمشين فيه أو يمشي فيه الإنسان الشيطان دائما موجود، لماذا؟ حتى يفسد عليه دينه؛ لأن الله تبارك وتعالى أخبرنا: (( إنه لكم عدو مبين ))[البقرة:168].
إذن: عداوة الشيطان للإنسان عداوة شديدة جدا، ويملك قدرا من الحقد والحسد لآدم وأبنائه لا يوصف ولا يتصور، ولذلك الآن أنت عندما أكرمك الله عز وجل بالحجاب والمحافظة على هذه العبادات الرائعة هذا يغيظ الشيطان، وهذا يزعجه جدا، هو لم يستطع أن يمنعك من ذلك، ما استطاع أن يمنعك من لبس الحجاب، ولم يستطع كذلك أن يمنعك من المحافظة على تلك العبادات، فماذا يفعل؟ بدأ يدخل إلى قلبك ويدخل إلى عقلك ليفسد عليك تفكيرك ويفسد عليك تركيزك ويفسد عليك تذوقك لطعم هذه العبادة ولذوق حلاوة الإيمان.
إذن: الشيطان - أختي الكريمة - يقوم بعدة أدوار؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: (( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ))[البقرة:168]، فالشيطان له خطوات وله مراحل في حرب الإنسان، إن استطاع أن يمنعه من العبادات الظاهرة منعه، فإن عجز عن ذلك بدأ يتسلط على قلبه وعقله كما يفعل معك الآن، إذن ماذا نفعل معه في هذه الحال؟
النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن للصلاة شيطانا يسمى خنزب، وهذا الخنزب متخصص، أخذ دورات مكثفة؛ لأنه أطول عمرا مني ومنك، فمنذ الخليقة فهو يكيد للناس ويزين لهم ويفسد عليهم حياتهم، فهذا إذا جاءك وأنت في الصلاة فاستعيذي بالله تعالى، واتفلي عن يسارك ثلاثا، وقولي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) سواء كان ذلك وأنت تقرئين الفاتحة أو أي سورة أو كان ذلك حتى في الركوع أو السجود أو في أي ركن، أول ما يأتيك قولي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وهذا لن يفسد صلاتك؛ لأنه أمر بينه النبي - عليه الصلاة والسلام -.
ثم انحرفي برأسك جهة اليسار قليلا واتفلي تفلا خفيفا عبارة عن هواء مع شيء من الريق البسيط ثلاث مرات فإنه سوف ينصرف.
وكذلك إذا جاءك أيضا وأنت تقرئين القرآن فافعلي نفس الشيء، استعيذي بالله - عز وجل - واتفلي عن يسارك ثلاثا، واتركي المكان الذي أنت فيه واذهبي إلى مكان آخر، وحاولي أن تقاوميه بكل قوة، وإذا جاءك لكيلا تقرئين القرآن فأكثري من قراءة القرآن، كلما جاءك وتخيل إليك أنك تسبين الله - سبحانه وتعالى - فقولي (سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله) كرري وأكثري من ذكر الله سبحانه وتعالى، وافعلي عكس ما يريد الشيطان.
إذا جاءك في الصلاة وقال لك أنت صليت ثلاث ركعات والعصر أربع، فلا تلتفتي أبدا ولا تعيدي الصلاة مطلقا، إذا قال لك أنت لم تركعي مثلا أنت في الركعة الثالثة أو الأولى أو لم تسجدي سجدة فلا ترجعي مطلقا إلى الوراء، وإنما افعلي عكس ما يريد، وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – أنك سوف تنتصرين عليه نصرا مؤزرا - بإذن الله تعالى –.
افعلي عكس ما يريده الشيطان، فإذا جاءك وخيل إليك وأنت تقرئين القرآن أنك تسبين الله تعالى فقولي: (سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله) ولو مائة مرة - ما عندك مشكلة في ذلك – حتى يذهب عنك تماما؛ لأنه فعلا أنك تثنين على الله وأنك لن تقبلي كيد الشيطان، وأنك لن تتأثري بوسوسته، وهكذا في كل أمورك، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثري من قول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وأكثري من الاستغفار، وأنا واثق أنك ستنتصرين عليه - بإذن الله تعالى – في أقرب فرصة.
وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يحفظك من كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.