السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أعرف من أين أبدأ ولكن مشكلتي باختصار أنني فتاة ـ ولله الحمد والمنة ـ جامعية وبنت أسرة ميسورة، وشكلي جيد، وسمعتي طيبة، -ولله الحمد-.
وصلت (29) من عمري ولم أتزوج، وذاك ليس عيـبا، فكل شيء مكتوب من الله ولا اعتراض في ذلك، لم أسمع أن هناك أي رجل عازب تقدم لخطبتي، ولكن تقدم واحد أو لا يتعدى الاثنان، وهما متزوجان، ولكن لا تتم الأمور حتى قبل النظرة الشرعية وينتهي الموضوع قبل أن يبدأ.
أشعر أن هذا الموضوع قد أثر على نفسيتي كثيرا، خاصة عندما أنظر إلى أخواتي وصديقاتي وبنات أخواتي وهن أصغر مني سنا ومتمتعات ببيت وزوج وأطفال.
تقدم لخطبتي شاب متزوج في أوائل الثلاثين من العمر وليس لديه أطفال، صاحب دين وأخلاق، وحافظ لعدة أجزاء من القرآن، وذو سمعة طيبة ومركز اجتماعي ومتعلم، قال إنه يريد زواجا ميسورا وسيعطي مهرا وبيتا شرعيا، وسوف يقوم بكل المتطلبات ولكن لا يريد إخبار أهله بالزواج، ولكن الرفض من أهلي ليس على الرجل نفسه ولا على شرطه، ولكن أهلي يريدون زواجا معلنا وفي قاعة ـ وطقاقة ـ وبطاقات ومعازيم من داخل مدينتي ومن خارجها و..و..و..و..و..و..إلخ.
وأنا والله لا أريد إلا الستر والاستقرار، وأن يكون لي طفل تفطر قلبي لضمه!
لقد أوضحت لأهلي أن منزلنا كبير، ونستطيع عمل حفلة مختصرة ودعوة الأهل والأحباب ولكن كان الرد الذي نزل علي كالصاعقة وماذا يقول الناس؟! ابنتنا فيها عيب ونريد سترها!
ماذا أفعل تعبت من التفكير ولم أصل إلى حل، والعمر يجري وأهلي يخافون الناس ويريدون المظاهر؟!
أفيدوني جزاكم الله عني خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دمعة على خد الورق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فلست وحدك ضحية التقاليد البالية والمظاهر الخادعة، ونسأل الله أن يديم عليك الإيمان والعافية، وأن يرزقك عيشة راضية، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يصلح حالنا وحالك.
وأرجو أن يأخذ الموضوع حجمه المناسب، واعلمي أن نعم الله مقسمة فلا تقارني نفسك بالأخريات، وتذكري أن نعم الله مقسمة بين البريات، فارفعي حاجتك لرب الأرض والسماوات، وأشغلي نفسك بطاعته وتلاوة الآيات، واشكري الله على ما أولاك لتنالي المزيد، فإن شكر الله يجلب النعم ويدفع النقم، واعلمي أن السعادة ليست في الزواج ولا في المال ولا في الشهادات ولا في المناصب، ولكن التقى هو السعادة، فالسعادة هي نبع النفوس المؤمنة الراضية بقضاء الله وقدره المستسلمة لأمره ونهيه.
وقد مر معنا أن نعم الله مقسمة، فهذه أعطيت شهادات وأموال وعافية، وأخرى أعطيت زوجا وحرمت من الأموال، وثالثة وهبها الله العافية والزوج وحرمها من الولد، والسعيدة هي التي تعرف نعم الله عليها لتؤدي شكرها فتنال بشكرها المزيد.
أما بالنسبة لأهلك؛ فأرجو أن تتكلمي مع العقلاء والفاضلات من أسرتك ومحارمك، واطلبي منهم تحكيم الشرع والتعامل مع الموضوع بالعقل والحكمة وليس بالمظاهر الخادعة.
كما أرجو أن تحشري نفسك في مجتمع الصالحات، واشهدي الخير في دور النساء والعلم، فإن لكل صالحة منهن أخ أو ابن يبحث عن أمثالك من الفاضلات، وأنا على يقين أن أكثر الناس لا يعرفون من في داخل البيوت، والفتاة العاقلة تتواصل مع تجمعات الصالحات وتشغل نفسها بحفظ القرآن ودراسة العلم الشرعي، ومعلوم للجميع أن أكثر أهل الجزيرة يتزوجون عن طريق معرفة الأقارب والأصدقاء وعن طريق الأمهات والعمات والخالات والأخوات، فأظهري لهن ما وهبك الله، وعاملي الجميع بطريقة ممتازة، واسألي الله من فضله.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بمزيد من الاقتراب من أهلك وخاصة والديك، مع زيادة البر والإحسان لهم، وكوني وصولة للرحم، وأشغلي نفسك بمساعدة الجار والمحتاج ليكون في حاجتك العظيم الفتاح.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وقد أسعدني هذا التواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يسعدك في الدنيا والآخرة، وأن يحقق لك الآمال، وأن يطيل في طاعته لنا ولك الأعمار.
وبالله التوفيق.